تحطم غامض واستهداف استراتيجي.. هل أصبحت قاعدة وادي سيدنا مخترقة
تحطم غامض واستهداف استراتيجي.. هل أصبحت قاعدة وادي سيدنا مخترقة

في تطور أمني خطير، أعلنت السلطات السودانية عن ارتفاع حصيلة ضحايا تحطم طائرة عسكرية من طراز "أنتونوف 32" في مدينة أم درمان إلى 46 قتيلًا بينهم عسكريون ومدنيون، الحادث الذي وقع بالقرب من قاعدة وادي سيدنا العسكرية، مساء الثلاثاء، أثار تساؤلات حول ظروفه وأبعاده، خاصة في ظل تصاعد التوترات داخل الجيش السوداني، وتعاظم الخلافات بينه وبين الحركة الإسلامية.
قاعدة وادي سيدنا.. هل أصبحت مخترقة؟
تعتبر قاعدة وادي سيدنا واحدة من أهم المنشآت العسكرية في السودان، لكنها باتت حديثًا محل تساؤلات بشأن مدى تأمينها والسيطرة عليها، فمع تصاعد النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع، برزت مخاوف من أن تكون القاعدة قد أصبحت هدفًا لقوى تسعى لإضعاف قبضة الجيش على البلاد.
حيث تُشير مصادر عسكرية إلى أن هناك اختراقات أمنية متزايدة داخل الجيش، خاصة بعد التقارير التي أفادت بأن الطائرة المحطمة كانت تقل اللواء بحر أحمد، أحد القيادات البارزة التي لعبت دورًا رئيسًا في العمليات العسكرية الأخيرة ليتم ترديد مخاوف حول اختراق الجيش والخلافات الكبرى خاصة أن هناك من يريد إزاحته من منصبه.
كما أن هناك تقارير استخباراتية تُشير إلى أن روسيا، من خلال مجموعة "فاغنر" العسكرية، لها نفوذ متزايد في السودان، حيث تُدعم فصائل عسكرية وتستخدم الموارد الطبيعية، مثل الذهب، لتمويل عملياتها. كما أن إيران، التي تسعى لاستعادة نفوذها في البحر الأحمر، تقدم دعمًا سريًا لبعض التيارات العسكرية والإسلامية داخل السودان.
هذا الدعم الخارجي أدى إلى تفاقم الصراع داخل الجيش السوداني، حيث بات كل طرف يسعى لكسب النفوذ بدعم من قوى خارجية، ويرى محللون أن السودان أصبح ساحة حرب بالوكالة، حيث تتصارع القوى الدولية عبر وكلائها المحليين، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا.
تحطم الطائرة.. تصعيد جديد في صراع السلطة
على الرغم من إعلان مصادر عسكرية أن سقوط الطائرة كان نتيجة "أسباب فنية"، فإن الوقائع على الأرض تشير إلى احتمال وجود "عمل مفتعل".
المكان الذي سقطت فيه الطائرة ليس بعيدًا عن سد مروري استراتيجي، مما يثير تساؤلات حول إمكانية استهدافها بشكل متعمد.
ووفق تقارير أمنية، فإن الصراع داخل المؤسسة العسكرية بلغ مستويات غير مسبوقة، حيث تزايدت حدة الخلافات بين قيادات الجيش والتيارات المرتبطة بالحركة الإسلامية، فهل كان اللواء بحر أحمد أحد المستهدفين في إطار هذه التوترات؟ أم أن الطائرة كانت تحمل شخصيات أخرى أراد أحد الأطراف التخلص منها.
المعلومات الأولية حول الحادث تُعزز فرضية أن الطائرة لم تسقط بسبب خلل فني بحت، بل ربما نتيجة لعمل داخلي مقصود. ويثير ذلك تساؤلات حول مدى سيطرة القيادة العامة على الجيش، وما إذا كان هناك انقسامات داخلية تسعى بعض الأطراف لاستغلالها في صراع النفوذ.
سد مروري استراتيجي.. لماذا كان هدفًا؟
ما يزيد الأمور تعقيدًا أن سقوط الطائرة وقع فوق سد مروري استراتيجي، ما قد يُشير إلى دلالات تتجاوز مجرد حادث عرضي، وفي ظل التطورات الراهنة، يبدو أن السودان دخل مرحلة جديدة من المواجهات الخفية، حيث لم تعد الحرب مقتصرة على المعارك الميدانية بين الجيش وقوات الدعم السريع، بل امتدت إلى داخل المؤسسة العسكرية نفسها.
التصعيد الحالي قد يكون مقدمة لصراع طويل الأمد داخل الجيش السوداني، وهو ما يُثير مخاوف من عمليات تصفية محتملة لشخصيات أخرى في المستقبل.
ويقول الباحث السياسي السوداني محمد إلياس إن ما يحدث في السودان اليوم هو نتاج صراع طويل الأمد بين الأجنحة العسكرية المختلفة، فهناك تيار داخل الجيش يسعى للانفراد بالسلطة، في حين أن هناك جهات أخرى مدعومة خارجيًا تحاول فرض أجندتها، وحادثة الطائرة تشير إلى تصاعد هذا الصراع الداخلي، وقد تكون بمثابة رسالة تحذير لبعض القيادات العسكرية التي تعارض تحالفات الجيش الجديدة.
ويُضيف إلياس - في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر" - أن الاختراقات داخل الجيش السوداني لم تعد مجرد تكهنات، بل أصبحت واقعًا خطيرًا يهدد مصير البلاد، روسيا وإيران تستغلان هذه الفوضى لتعزيز مصالحهما في المنطقة، خاصة عبر دعم شخصيات عسكرية قادرة على تسهيل تحركاتهما الاستراتيجية.