محلل سياسي: الأطفال أكبر ضحايا الحرب.. والمجتمع الدولي يتعامل بانتقائية مع المأساة السودانية

محلل سياسي: الأطفال أكبر ضحايا الحرب.. والمجتمع الدولي يتعامل بانتقائية مع المأساة السودانية

محلل سياسي: الأطفال أكبر ضحايا الحرب.. والمجتمع الدولي يتعامل بانتقائية مع المأساة السودانية
الحرب السودانية

يعيش آلاف الأطفال في السودان أوضاعًا إنسانية مأساوية في ظل الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، والتي أدت إلى انهيار واسع في البنية التحتية والخدمات الأساسية، وعلى رأسها التعليم، والصحة، والغذاء.

 فمع تصاعد العمليات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بات الحصول على وجبة يومية أو جرعة دواء حلمًا بعيد المنال بالنسبة لمعظم الأطفال، الذين وجدوا أنفسهم وسط دوامة عنف لا ترحم.

تشير تقديرات منظمات إنسانية، أن أكثر من 4 ملايين طفل في السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في ظل نقص حاد في المساعدات وعرقلة مستمرة لوصول القوافل الإنسانية إلى المناطق المتأثرة بالنزاع، خاصة في دارفور والخرطوم وكردفان.

وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أن مئات الآلاف من الأطفال باتوا مهددين بالموت جوعًا إذا لم تصل إليهم المساعدات فورًا، محذرة من "كارثة إنسانية وشيكة" قد تمتد آثارها لسنوات قادمة.

وعلى الجانب الصحي، توقفت معظم المراكز الطبية عن العمل، فيما أغلقت عشرات المستشفيات أبوابها بسبب القصف أو نقص الكوادر الطبية والإمدادات الأساسية. الأطفال المرضى، خاصة الرضع وحديثي الولادة، يواجهون الموت في صمت، نتيجة غياب الرعاية اللازمة وانتشار الأمراض المعدية مثل الحصبة والإسهال وسوء التغذية الحاد.

أما التعليم، فلم يكن أوفر حظًا، إذ تحولت المدارس إلى ملاجئ للنازحين أو دُمرت بالكامل بفعل القصف، وتوقفت العملية التعليمية في أكثر من 70% من المدارس الحكومية. 

وبحسب تقارير رسمية، فإن نحو 19 مليون طفل سوداني باتوا خارج مقاعد الدراسة، ما يُنذر بجيلٍ ضائع ومستقبل قاتم في حال استمرار الأوضاع على هذا النحو.

وفي ظل هذه المعاناة المتفاقمة، تطالب المنظمات الدولية المجتمع الدولي بالتحرك العاجل للضغط من أجل وقف إطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وتأمين ممرات آمنة للأطفال والنساء.

 كما تنادي الجهات الحقوقية بضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، من تجنيد قسري إلى الاعتداءات المباشرة على المدارس والمراكز الطبية.

وحذر المحلل السياسي السوداني الدكتور محمد عبد الله من أن استمرار الحرب في السودان يهدد مستقبل جيل كامل من الأطفال، الذين يعانون من الجوع والمرض والحرمان من التعليم، وسط صمت دولي وصفه بـ"المعيب والانتقائي".

وفي تصريح خاص لـ"العرب مباشر "، قال عبد الله: إن الأطفال السودانيين أصبحوا وقودًا غير مباشر للحرب، يدفعون الثمن الأكبر من أرواحهم وصحتهم ومستقبلهم، مضيفًا: "هناك أكثر من 4 ملايين طفل يواجهون خطر المجاعة، وقرابة 19 مليونًا خارج مقاعد الدراسة، ومع ذلك لا نرى تحركًا جادًا من المجتمع الدولي لإنهاء الأزمة أو حتى توفير ممرات آمنة للمساعدات".

وأوضح المحلل السوداني، أن البنية التحتية للقطاع الصحي والتعليمي في السودان "انهارت بالكامل تقريبًا"، وأن الأطراف المتصارعة تتعامل مع المدارس والمستشفيات كأهداف عسكرية أو مقرات للتمركز، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية، دون أن تواجه أي عقوبات أو محاسبة حقيقية.

وانتقد عبد الله ما وصفه بـ"ازدواجية المعايير الدولية"، قائلاً: "لو كانت هذه المأساة في مكان آخر لامتلأت شاشات العالم بتغطيتها، أما في السودان، فالأرواح تُزهق بصمت، والطفولة تُغتال يوميًا وسط تجاهل فج".

ودعا الدكتور محمد عبد الله إلى ضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة حول الانتهاكات ضد الأطفال في السودان، والضغط من أجل وقف إطلاق نار دائم، وعودة المنظمات الإنسانية للعمل بحرية في المناطق المتضررة.

وختم قائلاً: "إذا لم يُنقذ أطفال السودان اليوم، فإن الحرب لن تقتل الحاضر فقط، بل ستقضي على كل أمل في المستقبل".