الاتفاق الإبراهيمي.. عام تاريخي لجني ثمار السلام بين الإمارات وإسرائيل
مر عام علي توقيع الاتفاق الإبراهيمي بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل
قبل عام، حققت الإمارات العربية المتحدة إنجازا دبلوماسيا مبهرا، حقق السلام للمنطقة العربية وساهم في التقارب وتحسين العلاقات مع إسرائيل، لتسير على نهجها عدة دول.
الاتفاق الإبراهيمي
الاتفاق الإبراهيمي بين إسرائيل والإمارات، في أغسطس 2020، لتكون الدولة الخليجية الأولى التي توقع الاتفاق وسارت على خطاها مملكة البحرين، حيث تهدف الاتفاقية إلى تسوية العلاقات بين البلدين.
ولد الاتفاق بعد المكالمة التاريخية التي جرت بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، كانت إيذانًا ببداية عهد جديد وواعد في العلاقات بين البلدين.
أطلقت إسرائيل على المُعاهدة اسم اتفاق إبراهيم نسبة إلى النبي إبراهيم، باعتباره شخصية أساسية في الأديان السماوية الثلاث، حيث يعتبر الاتفاق منارة تمهد الطريق للدول الأخرى للانضمام إلى دائرة السلام، التي تعزز الاستقرار والازدهار لكلا البلدين، وكذلك للمنطقة بأسرها.
وبموجب الاتفاق تم دعم العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل، وتبادل السفارات والسفراء، بجانب التعاون في جميع المجالات من السياحة والتعليم والرعاية الصحية والتجارة والأمن، بالإضافة لتعزيز السلام في منطقة الشرق الأوسط ويشهد على الدبلوماسية الجريئة والرؤية للقادة الثلاثة، لرسم مسار جديد من شأنه أن يطلق الإمكانات العظيمة في المنطقة.
ثمار السلام
وبعد توقيع الاتفاق التاريخي، ثم انضمام البحرين إليه، بدأ تفعيل الاتفاق لجني ثمار السلام، حيث إنه بعد أشهر قليلة، أعلن حينها الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وأمير أوحانا، وزير الأمن الداخلي بإسرائيل، إطلاق عدة برامج مشتركة بين البلدين، لتعزيز أواصر التعاون بين البلدين ضمن جهود تفعيل معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل وفي إطار الاتفاق الإبراهيمي.
كما تمت مناقشة برامج ومشاريع مشتركة بين الوزارتين من ضمنها برامج مكافحة الاستغلال الجنسي للأطفال بالشراكة مع الأمم المتحدة والقطاعات الخاصة والعامة، بجانب مشروعات تكنولوجيا ابتكارية وبرامج تتعلق بمكافحة الجرائم العابرة للحدود وأخرى تطويرية في قطاع الدفاع المدني.
وأكدوا على ضرورة دعم القطاع الاقتصادي و السياحي في الدولتين من خلال تطوير خدمات مشتركة تستهدف أمن وسلامة مجتمعي البلدين واتفقا على تشكيل فريق مشترك للعمل على تنفيذ البرامج والمشاريع المشتركة تمهيدا لإطلاقها في المستقبل.
دعم العلاقات الثنائية
وفي يوليو الماضي، التقى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، بوزير خارجية دولة إسرائيل يائير لابيد، في أبوظبي، وتم الاتفاق على مجالات التعاون في العلاقات السلمية بين الدولتين والشعبين على ضوء القرار الشجاع الذي اتخذته كل من قيادة دولة الإمارات ودولة إسرائيل، مما يمهد الطريق لتغيير تاريخي في المنطقة، وخلق مستقبل أفضل لشباب المنطقة، وأعرب الوزيران عن أهمية إقامة العلاقات السلمية والودية بين الدولتين وشعبيهما.
وأكدوا التقدم الكبير منذ توقيع الاتفاق، وتم توقيع اتفاقية تعاون اقتصادي وتجاري، تعكس التزام الحكومتين بتنمية العلاقات الاقتصادية والتدفق الحر للسلع والخدمات، وكذلك التعاون في مجالات إقامة المعارض، وتبادل الخبرات والمعارف، وزيارات الوفود، والتعاون بين الغرف التجارية، وكذلك في مجال التقنيات الزراعية، وتعزيز البحث والتطوير المشترك.
واتفق الطرفان على تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة برئاسة وزارتَيْ الاقتصاد في البلدين، لتكليفها بتنفيذ الاتفاقية بهدف إزالة الحواجز وتحفيز التجارة الثنائية، معربين عن تطلعهما لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة، وقد بدأت المناقشات في هذا الصدد.
وبحثوا سبل مواصلة استكشاف وسائل لدعم الاستثمارات في اقتصاد البلدين، وفي البنية التحتية، والعلوم والتقنيات، والاستفادة من براعة وروح الابتكار والرؤية التي يتمتع بها قيادتا وشعبا الدولتين، بجانب الاتفاق على العمل معاً لتعزيز سردية السلام والتعايش في جميع أنحاء الشرق الأوسط، من أجل الحد من أي انقسام أو عدوان أو صراع.
وفي ظل أزمة كورونا، قررا العمل من أجل تمكين السفر الخالي من الحجر الصحي بين البلدين للمسافرين الذين تم تلقيحهم ضد الفيروس، مع ضمان الصحة والسلامة العامة، وصياغة آلية مقبولة للطرفين ليتم تنفيذها في أقرب وقت ممكن.
تعزيز السياحة
وفي مارس ٢٠٢١، انطلقت الاجتماعات بين وزارة الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات ووزارة الخارجية الإسرائيلية، من أجل تعزيز الحركة السياحية بين البلدين. بما يوفر ممر السفر الآمن فرصًا إضافية لتعزيز العلاقات الاقتصادية والشعبية بين البلدين.
وقدر عدد السياح الإسرائيليين الذين زاروا الإمارات العربية المتحدة منذ فتح الحدود بين البلدين نهاية العام الماضي، نحو أكثر من مئة ألف سائح،
استثمارات اقتصادية مثمرة
ومنذ الاتفاق نمت العلاقات الاقتصادية بين البلدين في مختلف المجال، حيث وصل حجم الاستثمار الإماراتي في إسرائيل إلى عشرة مليارات دولار خصصت لمشاريع في مجال الطاقة والمياه والفضاء والصحة.
وقبل أيام، نشرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أنه بعد نحو عام على توقيع اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والإمارات، تجاوز حجم التبادل التجاري بين الجانبين الـ570 مليون دولار.
وبحسب ما نقلته الصحيفة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي فإنه خلال سنة 2020 (منذ سبتمبر إلى ديسمبر) والأشهر الستة الأولى من عام 2021، صدرت إسرائيل حوالي 197 مليون دولار من السلع والخدمات إلى الإمارات، واستوردت منها حوالي 372 مليون دولار.
وكانت دبي أعلنت، في يناير الماضي، عن تبادل تجاري بقيمة 272 مليون دولار مع إسرائيل، بين سبتمبر 2020 ويناير 2021، وقالت جمارك دبي: إن حجم قيمة التجارة بين الجانبين بلغ 6217 ألف طن، وزعت بنحو 325 مليون درهم واردات، و607 ملايين درهم صادرات.
وفي إبريل الماضي، كشف موقع "واينت" العبري، أن مؤسسة دبي للتنمية والاستثمار (FDI دبي)، وقعت خلال الأيام الماضية، على اتفاقية تعاون تجاري مع اتحاد "أرباب الصناعة الإسرائيلية".
ويأتي ذلك بعد أن أعلنت دولة الإمارات تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في إسرائيل، لدعم الاقتصاد الإسرائيلي وتوثيق التعاون بين الجانبين.
ويركز الصندوق على الاستثمارات الإستراتيجية، وعلى رأسها قطاعات الطاقة والفضاء والصحة والتقنية الزراعية.
فيما يتوقع "مجلس الأعمال الإماراتي الإسرائيلي" أن تصل قيمة المبادلات التجارية بينهما إلى مليار دولار لعام 2021 كاملا، وأن تتجاوز ثلاثة مليارات دولار في غضون ثلاث سنوات، حيث إن هناك 500 شركة إسرائيلية تقيم صفقات تجارية مع الإمارات.
التبادل الدبلوماسي المميز
وفي إطار الاتفاق التاريخي، تبادلت الدولتان العلاقات الدبلوماسية المميزة المؤثرة، حيث أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، يوليو ٢٠٢١، تعيين أمير حايك كأول سفير دائم لإسرائيل لدى الإمارات العربية المتحدة، محل إيتان نائيه، الذي كان يشغل المنصب مؤقتا كقائم بأعمال المبعوث الإسرائيلي في الإمارات.
كما افتتحت الإمارات سفارتها في إسرائيل، بمبنى البورصة الجديد في تل أبيب، بما ينعكس على الدور المركزي للتعاون الاقتصادي في الاتفاق بين البلدين، بعدما أصبحت الإمارات ثالث دولة عربية تعترف بإسرائيل بعد مصر والأردن، وتم تعيين السفير محمد محمود آل خاجة، سفيرا لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى إسرائيل.
وقال السفير الإماراتي، بمناسبة مرور عام على الاتفاق، في مقال نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، تحدث فيه عن السلام والمستقبل: إنه يجب أن ننظر إلى الشرق الأوسط من خلال ما أتيح من فرص.
وأكد السفير آل خاجة، أنه: "بينما نحتفل بالذكرى السنوية الأولى لـ"الاتفاق الإبراهيمي" يجب أن ننظر إلى الشرق الأوسط من خلال ما أتيح من فرص، وكذلك تمكين شبابنا حتى تصبح العلاقات غير قابلة للاختراق.. هذه المنطقة لا تخص أحداً بعينه، لأننا جميعاً ننتمي إليها، ويجب علينا العمل معاً لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية. كما يجب أن نتعلم كيف نهتم بمنطقتنا بأنفسنا".
وأضاف أن: "السلام المستدام الذي نبنيه لا يمكن أن يتحقق من دون اقتصاد مستدام بالقدر نفسه. تشترك حكومتنا في هذا الاعتقاد وهو ما يحفزنا كل يوم"، مؤكدا: "إن إنجازاتنا خلال هذا الوقت هي نتيجة الخطوات البطولية لقادتنا وقيادات الولايات المتحدة والبحرين، الذين دخلوا التاريخ بتوقيع اتفاقات إبراهيم في 15 سبتمبر 2020 في حديقة البيت الأبيض".