أمير قطر يدعو لاستفتاء شعبي: تعديلات دستورية تشمل إلغاء الانتخابات
أمير قطر يدعو لاستفتاء شعبي: تعديلات دستورية تشمل إلغاء الانتخابات
في خطوة تحمل أبعادًا دستورية وسياسية كبيرة، دعا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى استفتاء شعبي على تعديلات دستورية جديدة، تشمل العودة إلى نظام تعيين أعضاء مجلس الشورى وإلغاء الانتخابات التشريعية، وفقًا لكلمة الشيخ تميم بن حمد، أكد خلالها، أن هذا التحرك يأتي في إطار سعي قطر لتعزيز قيم العدل والمساواة في ظل التطورات السياسية الداخلية، وسط تأكيدات على أن تلك التعديلات ستصب في مصلحة الدولة وتحقيق استقرارها.
*استفتاء شعبي*
أعلن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في خطابه السنوي الذي ألقاه خلال افتتاح مجلس الشورى، يوم الثلاثاء، دعوته لإجراء استفتاء شعبي على تعديلات دستورية مقترحة، أعدها مجلس الوزراء، والتي تشمل تعديلات على قوانين رئيسية تخص المواطنة المتساوية، بالإضافة إلى العودة لنظام تعيين أعضاء مجلس الشورى بدلًا من انتخابهم.
في هذا السياق، أكد أمير قطر أن هذه التعديلات تأتي في إطار ما وصفه بـ"التغيير المدروس"، الذي يسعى لتحقيق تطلعات الشعب القطري والحفاظ على مصالحه.
وأشار - في كلمته-، أن "الدستور الدائم لدولة قطر هو السياج القانوني الذي يحمي تلك الطموحات"، مضيفًا أن مجلس الوزراء انتهى بالفعل من إعداد التعديلات الدستورية والقانونية التي تهدف إلى تعزيز العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع القطري.
*إلغاء الانتخابات والعودة إلى التعيين*
في كلمته، أوضح الشيخ تميم أن التعديلات المقترحة تشمل العودة إلى نظام تعيين أعضاء مجلس الشورى، وذلك بعد مرور قطر بتجربة الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021، والتي كانت الأولى منذ تأسيس مجلس الشورى عام 1972.
هذه الانتخابات شملت انتخاب ثلثي أعضاء المجلس، وفقًا للدستور القطري الذي تم إقراره عام 2004، لكن الأمير أشار إلى تحفظات بعض المواطنين حول تأثير هذه الانتخابات على النظام الاجتماعي والقبلي في البلاد.
أضاف الشيخ تميم، أن الدعوة لإجراء الانتخابات في عام 2021 كانت بناءً على رؤيته بأن بقاء أحكام الدستور دون تطبيق هو أمر غير مقبول، رغم التحفظات التي كانت موجودة بشأن توقيت الانتخابات وتداعياتها.
وقد أوضح أن الهدف من مجلس الشورى هو مناقشة القوانين والتشريعات بتجرد عن المصالح الخاصة، وتقديم توصيات حكيمة للسلطة التنفيذية، مشيرًا إلى أن هذا الدور لا يتغير بتغير آلية اختيار أعضاء المجلس، سواء كان ذلك بالتعيين أو بالانتخاب.
*التنافس القبلي وتداعياته*
وفي إشارة إلى التحديات التي واجهتها قطر أثناء الانتخابات، أشار الشيخ تميم إلى أن التنافس على مقاعد مجلس الشورى جرى بين العوائل والقبائل، وهو ما أثار بعض القلق بشأن تأثير هذه الانتخابات على تماسك المجتمع القطري، خاصة أن تلك الانتخابات تعد حدثًا غير تقليدي في النسيج الاجتماعي لدولة قطر التي تعتمد بشكل كبير على الهياكل القبلية والتقاليد المحلية.
الأمير وصف الانتخابات بأنها "تجربة" خضعت للدراسة، وهذا ما دفع الحكومة إلى اقتراح التعديلات الدستورية الجديدة التي تستهدف الحفاظ على التوازن الاجتماعي والسياسي في البلاد.
كما أكد أمير قطر في خطابه على أهمية تحقيق الوحدة الوطنية والمواطنة المتساوية، مشيرًا أن هذه القيم هي الأساس الذي قامت عليه التعديلات الدستورية المقترحة.
وأكد أن مجلس الوزراء سيتولى اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن التعديلات المقترحة على القوانين التشريعية الأخرى، بما يتماشى مع القوانين القطرية المعمول بها.
*التعديلات الدستورية وأثرها السياسي*
من جانبهم، يرى مراقبون، أن هذه التعديلات تعد جزءًا من عملية إصلاح أوسع تسعى القيادة القطرية إلى تنفيذها لضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية.
ويعتقد أن العودة إلى نظام التعيين لأعضاء مجلس الشورى قد تسهم في تقليص التوترات الداخلية وتعزيز قدرة الحكومة على تنفيذ سياساتها دون مواجهات سياسية غير متوقعة داخل المجلس.
كما تأتي الدعوة للاستفتاء على التعديلات الدستورية في وقت تشهد فيه المنطقة العديد من التحديات السياسية والأمنية، حيث تسعى قطر لتعزيز مكانتها كدولة مستقرة سياسياً واقتصادياً.
يُذكر أن الاستفتاء الشعبي سيكون ملزمًا، مما يعني أن نتائج التصويت ستحدد الشكل النهائي للتعديلات، وستؤثر بشكل مباشر على آلية تشكيل مجلس الشورى ودوره في المستقبل.
*انتخابات مجلس الشورى.. تجربة تحت الاختبار*
تعد انتخابات مجلس الشورى التي جرت في عام 2021 تجربة جديدة في المشهد السياسي القطري، حيث شارك المواطنون في انتخاب ثلثي أعضاء المجلس، بينما عين الأمير الثلث المتبقي.
إلا أن تلك التجربة أثارت جدلًا واسعًا داخل المجتمع القطري، لا سيما فيما يتعلق بتداعياتها على التوازنات القبلية والاجتماعية.
وقد أشار الشيخ تميم إلى أن الانتخابات خضعت لدراسة متأنية؛ مما دفع الحكومة إلى اقتراح التعديلات الدستورية الجديدة.
وبحسب ما نقلته وكالة "رويترز" عن مسؤول قطري لم يُسمه، فإن نتائج الاستفتاء الشعبي ستكون ملزمة، وسيواصل مجلس الشورى دوره في المصادقة على القوانين والسياسات العامة للدولة، بما في ذلك الموافقة على الموازنة العامة.