إرث الأزمات من الحرب إلى الهجرة.. تحديات ترامب في ولايته الجديدة
إرث الأزمات من الحرب إلى الهجرة.. تحديات ترامب في ولايته الجديدة
يستعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لمواجهة تحديات غير مسبوقة على الساحة السياسية والدولية مع بداية ولايته الجديدة، فقد ترك الرئيس الديمقراطي جو بايدن وراءه إرثًا مثقلًا بملفات ساخنة تهدد بتعطيل أجندة ترامب الطموحة، هذه الملفات تتنوع بين الحرب الروسية الأوكرانية التي أثقلت كاهل الاقتصاد الأمريكي، والحرب التجارية المتصاعدة مع الصين، مرورًا بتحديات الهجرة غير الشرعية عبر الحدود المكسيكية، ووصولاً إلى الملف النووي الإيراني الذي يشهد حالة من الجمود السياسي.
ترامب، المعروف بنهجه الصارم وسعيه إلى تحقيق مكاسب اقتصادية واضحة، يدرك أن الطريق لن يكون سهلاً، ومع ذلك، يبدو أن الرجل عازم على فك هذه الألغام واحدة تلو الأخرى، سواء من خلال مفاوضات سريعة أو عبر حلول تصعيدية قد تحمل معها تغييرات جذرية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
*ملفات متشابكة على مكتب ترامب*
تنتظر إدارة دونالد ترامب تحديات عديدة على رأسها الملفات الدولية الساخنة التي تتطلب قرارات حاسمة وسريعة. أبرز هذه الملفات هو الحرب الروسية الأوكرانية، التي تسببت في استنزاف اقتصادي ضخم للولايات المتحدة بسبب الدعم السخي المقدم لأوكرانيا في عهد إدارة بايدن، وفقًا لـ"نيويورك تايمز".
من جانبه، يرى د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، أن ترامب يعتبر أن هذه الحرب لا تخدم المصالح الأمريكية المباشرة، بل على العكس تثقل كاهل الاقتصاد الوطني.
وأضاف المنجي - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، لذلك، يخطط لإنهاء الحرب من خلال تسوية سياسية تعتمد على التفاهم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتابع المنجي، العلاقات الشخصية بين ترامب وبوتين، التي كانت محط جدل خلال فترة ولايته السابقة، يمكن أن تلعب دورًا إيجابيًا في هذه المساعي، خاصة مع تصريحاته السابقة التي انتقد فيها الدعم الغربي غير المحدود لأوكرانيا، واتهامه للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بسوء إدارة الأزمة.
في السياق نفسه، يشكل الملف التجاري مع الصين واحدًا من الأولويات الكبرى لترامب، حيث يسعى إلى إعادة صياغة العلاقات الاقتصادية مع بكين بما يخدم الاقتصاد الأمريكي.
ويقول المنجي: إن ترامب يؤمن بضرورة فرض مزيد من الرسوم الجمركية على الواردات الصينية لمواجهة الإغراق السلعي والحفاظ على الصناعات المحلية.
مؤكدًا أن تصريحات المسؤولين المقربين من إدارة ترامب تشير أن الأخير يخطط لمواجهة حاسمة مع الصين تشمل فرض قيود إضافية على شركاتها وإعادة النظر في الاتفاقيات التجارية القائمة.
وتابع: أن هذه المواجهة قد تترافق مع مبادرات لتعزيز تحالفات اقتصادية جديدة مع دول أخرى لتقليل الاعتماد على السوق الصينية.
*الهجرة والملف النووي الإيراني*
من جهة أخرى، يبرز تحدي الهجرة غير الشرعية كأحد أكبر الأعباء المحلية التي ورثتها إدارة ترامب من فترة بايدن. السياسة الليبرالية التي انتهجها بايدن فتحت الأبواب أمام مئات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين؛ مما أضاف أعباء جديدة على النظامين القانوني والاجتماعي في الولايات المتحدة.
الكثير من هؤلاء المهاجرين حصلوا على وضع قانوني مؤقت خلال إدارة بايدن، مما يجعل من الصعب التعامل معهم بطريقة قانونية مباشرة.
ترامب يعتزم اتخاذ إجراءات صارمة تبدأ بمراجعة التشريعات القائمة وإغلاق الثغرات القانونية التي استغلها المهاجرون سابقًا.
ومن المتوقع أن تشمل خططه الجديدة تعزيز الحماية على الحدود الجنوبية، وزيادة الموارد للوكالات الأمنية، وربما التراجع عن بعض التسهيلات التي أُقرت في عهد بايدن.
أما فيما يخص الملف النووي الإيراني، فإنه يمثل اختبارًا لقدرة ترامب على الجمع بين الصرامة والدبلوماسية. تشير التحليلات أن ترامب يفضل تبني مقاربة متعددة الأبعاد للتعامل مع إيران.
من جهته، يقول د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن ترامب يسعى لتخفيف العقوبات الاقتصادية تدريجيًا مقابل التزام إيران بوقف أنشطتها النووية الحساسة، مؤكدًا أن هذا لا يجعلنا نستبعد خيار التصعيد العسكري إذا ما أظهرت إيران تعنتًا.
وأضاف فهمي: من المتوقع لشخصيات اقتصادية قريبة من ترامب، مثل إيلون ماسك، في فتح قنوات تواصل غير مباشرة مع طهران، بهدف الوصول إلى تفاهمات تضمن تخفيف التوتر في المنطقة، لكن ترامب يضع أيضًا في اعتباره ضرورة التنسيق مع إسرائيل، التي قد تكون شريكًا في تنفيذ أي إجراءات عسكرية محتملة لضمان تقليص النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
*التحديات المرتبطة بالناتو*
من الملفات الأخرى التي ورثها ترامب، الالتزامات الأمريكية تجاه حلف الناتو، فخلال فترة بايدن، تم توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات تعمق ارتباط واشنطن بالحلف، خاصة في سياق الحرب الأوكرانية. ويسعى ترامب إلى تقليص هذا الدور العسكري المكلف للتركيز على القضايا الداخلية.
ويرى مراقبون، أن ترامب بدأ فعليًا باتخاذ خطوات استباقية لحل هذه الأزمات، ومنها التواصل مع موسكو لترتيب قمة مرتقبة مع بوتين.
هذه القمة قد تكون نقطة الانطلاق نحو إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة أن ترامب لا يخفي رغبته في تخفيف التزامات بلاده بالنزاعات الدولية.
على الصعيد الداخلي، تشير تقارير أن ترامب يعتزم إجراء تعديلات قانونية شاملة للتعامل مع أزمة الهجرة. لكن هذا النهج قد يواجه عقبات كبيرة، خصوصًا من الديمقراطيين في الكونغرس الذين قد يعارضون بشدة أي تغييرات جذرية في هذا الملف.