جولة ولي العهد السعودي في الخليج.. مكاسب اقتصادية ورسائل سياسية
أجري ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان زيارات خليجية
جولة خليجية غير مسبوقة قام بها الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، إلى عدد من الدول الخليجية والتي تأتي لإعادة لم الشمل الخليجي، ضمن موقف سياسي موحد ورؤية استراتيجية واحدة لمواجهة التطورات المستقبلية، والتي ستنجم عن مقررات واتفاقيات فيينا، والترتيبات الإقليمية المتعلقة بها، وبالتالي لا بد من توحيد الجهود والمواقف بين الدول الخليجية لمواجهة الآثار والنتائج المترتبة على هذا الاتفاق الذي يرسم معالم نظام إقليمي جديد.
وتتوافق الزيارات الحالية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سمان، إلى عدد من الدول الخليجية، مع تحركات الإمارات الساعية إلى تقوية العلاقات العربية وتعميقها، في إطار جهود الدولتين لتوحيد رؤى دول الخليج والدول العربية بشأن عدد من قضايا المنطقة، في ضوء المتغيرات الإقليمية في الشرق الأوسط، بحسب مراقبين ومحللين.
عكست اهتماماً سعودياً
وأكدت صحيفة "الرياض" السعودية أن جولة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الخليجية عكست اهتماماً سعودياً بارزاً بمنظومة مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً أنها تسبق القمة الـ 42، وتمهد الطريق نحو قمة خليجية واعدة.
وأوضحت الصحيفة في افتتاحيتها اليوم السبت، تحت عنوان "التكامل الإستراتيجي"، أن الجولة جاءت لتؤكد حرص المملكة على تعزيز العمل الخليجي المشترك، وترسخ النهج الحكيم والثابت للمملكة، بشأن تعزيز التعاون وتنسيق المواقف بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وأضافت أنها تعدّ ترجمة لتطلعات قادة دول المجلس وشعوبها، وتجسيد الإرادة العالية والجهود المشتركة لمسيرة المجلس في بلوغ التكامل المنشود في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والطاقة والاتصالات بين دول المجلس.
ولفتت الصحيفة إلى أن الجولة كانت أيضا فرصة لطرح الملف اليمني والتصدي لميليشيا الحوثي، فضلاً عن النقاش الجدي والفعال حول الملف النووي والصاروخي الإيراني وتداعياته الخطيرة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، خصوصاً في ضوء عدم تحقيق مفاوضات فيينا أي اختراق في هذا الملف.
جولة غير مسبوقة
فيما رصد تقرير لمؤسسة "ماعت جروب"، عن تفاصيل الزيارة غير المسبوقة التي قام بها الأمير محمد بن سلمان إلى دول الخليج، معتبرين أن هذه الزيارة تأتي في توقيت هام، وخاصة فيما تشهده المنطقة من أحداث متتالية.
فيما اعتبر الأمير السعودي عبدالرحمن بن مساعد بن عبدالعزيز، أن الجولة الخليجية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تؤسس لعهد جديد في العلاقات بين دول الخليج العربي.
وأشار في تغريدة على حسابه بموقع التدوين المصغر تويتر، اليوم إلى أن: "زيارات سيدي ولي العهد لدول الخليج والتكريم المستحق والمحبة والمشاعر الفياضة التي قوبل بها من أشقائه القادة وكذلك من شعوبهم تؤكد مكانته وقيمته الكبيرة وتأثير إنجازاته ورؤاه".
وتوقع أنها: "ستؤسس لمرحلة جديدة غير مسبوقة من التعاون بين دول الخليج وهذا ما ستؤكده القمة الخليجية المقبلة إن شاء الله".
تحمل مخرجات استثنائية
فيما أكد الإعلامي السعودي عضوان الأحمري، أن القمة الخليجية المنتظرة الأسبوع المقبل في السعودية تحمل مخرجات استثنائية، مشيرا إلى حرص إقليمي على انعقادها.
وأشار في تغريدة على حسابه بموقع التدوين المصغر تويتر، اليوم إلى أنه: "الأعين ستكون على القمة الخليجية التي ستعقد في السعودية الأسبوع المقبل والتي يتوقع أن تكون استثنائية بمخرجاتها"، مستطردا: "وكما قال الأمير يوم أمس: نهضة المملكة من نهضة دول الجوار".
تعزيز الثقل للبيت الخليجي
فيما قال الدكتور زهير الحارثي، الباحث والبرلماني السعودي، إن جولة الأمير عززت الثقل الذي يحظى به مجلس دول التعاون الخليجي في الآونة الأخيرة، خصوصاً بعد قمة العُلا وتنفيذ مستهدفاتها.
وتابع أن الأجواء التفاؤلية والحيوية والحراك النشط الذي دب في شرايين العمل الخليجي مؤشر إيجابي لما هو قادم، فزيارات الأمير تسبق القمة الخليجية التي ستعقد في السعودية بعد يومين كأول قمة خليجية بعد المصالحة، وأتصور أنها ستكون قمة فاصلة، وتكاملية، وفرصة استثنائية يمكن البناء عليها، للانطلاق لآفاق أوسع وأكبر تتناغم مع تطلعات الشعوب ودقة المرحلة التي تمر بها المنطقة.
ولفت أن الحراك السياسي والدبلوماسي الذي يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يعكس ملمحاً لنهج السياسة الخارجية في عهد الملك سلمان وترجمة فعلية لما تقوم به بلاده من أدوار وجهود. جولة الخليج وعواصم مؤثرة في صناعة القرار تعني بكل وضوح أن المملكة لا تعيش بمعزل عما يدور في الساحة الدولية وتداعياتها، ما يجعل هذه الزيارات تكتسب أهمية خاصة في توقيتها ومغزاها، ناهيك عن حلحلة الملفات العالقة، ودفعها باتجاه الانفراج السياسي.
وأكد أن المتأمل للوضع الإقليمي يلحظ أنه يتسم بدرجة كبيرة من السيولة السياسية، وتسارع المتغيرات، وهي بمثابة تحديات، ما يحتم التعاطي معها ومواجهتها ببلورة رؤية استراتيجية تمنع أي طريقة لملء الفراغ.
وأوضح أنه يمكننا القول وبعد رصد ما تم في الأيام الفائتة، ومتابعة ما أعلن من الاجتماعات واللقاءات والمبادرات، إن روحاً جديدة ونظرة مستقبلية وانفتاحاً لافتاً تعيشه دول الخليج، وهذا يعني أن مسيرة البناء والتنمية والمعرفة ستدخل مرحلة متقدمة بين دول الخليج، والرسالة التي يمكن التوقف عندها أن دول الخليج تكتُّل ما زال قائماً رغم ما مر به من هزات وعواصف وأحداث، وأن هناك إرادة وعزيمة ورغبة في المضي قدماً إلى مستويات أعلى في التعاون والتكامل والتنسيق، وربما تحت صيغة معينة، ليتحقق الحلم الخليجي الذي ظل في مخيّلة شعوبه عقوداً طويلة. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تبين بما لا يدع مجالاً للشك أن دول الخليج مجتمعة تضع أمنها القومي في مقدمة أولوياتها، وبالتالي مواجهة المخاطر، ما يعني بناء تكتل حقيقي قادر على التعاطي مع التحديات الراهنة، ويبدو أن الرسالة قد وصلت وبوضوح للأطراف الإقليمية.
وأوضح أنه ليس مطلوباً من دول الخليج أن تتحمل أخطاء الآخرين، وتدفع فاتورة تجاوزاتهم وتصرفاتهم وقراراتهم، وليست معنية بمعالجة هموم الآخرين قبل همومها. علينا أن نلتف حول بعضنا البعض كخليجيين، ونفكر في مصالحنا أولاً وأخيراً، لأنه لا أمن إقليمي ولا سيادة فعلية ولا تنمية مستدامة إلا من خلال ترتيب البيت الخليجي، الذي يواجه تحديات غير مسبوقة، إن أردنا الحقيقة!