الأزمة الكورية الجنوبية.. الأحكام العرفية تفتح باب المواجهة السياسية
الأزمة الكورية الجنوبية.. الأحكام العرفية تفتح باب المواجهة السياسية
تصاعدت وتيرة الأحداث السياسية في كوريا الجنوبية بعد قرار الرئيس يون سوك يول المفاجئ بفرض الأحكام العرفية قبل يومين؛ مما أثار ردود فعل غاضبة في الأوساط الشعبية والسياسية، وبرغم محاولات الرئيس تبرير القرار على أنه ضرورة للحفاظ على الأمن والنظام الدستوري، رد البرلمان سريعًا بإسقاطه في تصويت عاجل؛ مما زاد حدة الأزمة.
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت الشرطة الوطنية، اليوم الخميس، فتح تحقيق رسمي مع الرئيس يون بتهمة "التمرد"، وأوضح وو كونغ- سو، رئيس دائرة التحقيقات بالشرطة، أن التحقيقات بدأت فور إعلان الرئيس الأحكام العرفية مساء الثلاثاء، وهو ما أثار جدلًا واسعًا بشأن قانونية الإجراء.
على الجانب الآخر، أعلن الحزب الديمقراطي المعارض عبر النائب البارز جو سيونغ- لي عن جلسة تصويت استثنائية ستُعقد السبت المقبل؛ لبحث مشروع قانون يهدف إلى عزل الرئيس، وسط توقعات بتصعيد جديد في المشهد السياسي.
توتر داخلي وتظاهرات غاضبة
بدأت الأزمة بتفاقم الخلافات بين الرئيس وحزبه "قوة الشعب" من جهة، والمعارضة التي تسيطر على البرلمان من جهة أخرى، وذلك على خلفية مشروع الميزانية للعام المقبل. هذه الخلافات دفعت الآلاف من المتظاهرين إلى شوارع العاصمة سيول، رافعين شعارات مناهضة للرئيس.
ردًا على هذه الضغوط، لجأ يون إلى إعلان الأحكام العرفية وحالة الطوارئ، مبررًا الخطوة بأنها تهدف إلى مواجهة "القوى الموالية لكوريا الشمالية" وتعزيز الاستقرار الداخلي.
لكن القرار سرعان ما جوبه بمعارضة واسعة، ليصبح أحد أكثر القرارات المثيرة للجدل في التاريخ الحديث للبلاد.
عودة إلى حقبة الحكم العسكري
فرض الجيش الكوري الجنوبي، خلال ساعات قليلة من إعلان الأحكام العرفية، قيودًا صارمة على الأنشطة البرلمانية ووسائل الإعلام، مع انتشار مكثف للقوات حول البرلمان وتحليق مروحيات عسكرية في سماء العاصمة. ورغم هذه الأجواء المشحونة، تمكن البرلمان من اتخاذ خطوة جريئة بإلغاء القرار في تصويت عاجل.
وأعادت هذه التطورات إلى الأذهان ذكريات الحكم العسكري في كوريا الجنوبية، التي لم تشهد البلاد مثيلًا لها منذ الثمانينيات، المعارضة وصفت الإجراء بأنه محاولة غير دستورية لتثبيت السلطة، في حين دعا رئيس البرلمان وو وون شيك إلى التهدئة وتجنب التصعيد.
تحديات داخلية ومصير سياسي مجهول
منذ توليه منصبه في عام 2022، يواجه الرئيس يون تحديات متزايدة داخليًا وخارجيًا، بدءًا من التوترات مع كوريا الشمالية والضغوط الإقليمية بين واشنطن وبكين، وصولًا إلى اتهامات بالفساد طالت مقربين منه، ومع تصاعد التوترات الحالية، بات موقفه السياسي أضعف من أي وقت مضى، لتصبح جلسة البرلمان المقبلة محطة فاصلة في تحديد مصيره ومستقبل البلاد.