مكالمة الساعتين والنصف.. بوتين يُناور لوقف صفقة الصواريخ الأمريكية إلى أوكرانيا
مكالمة الساعتين والنصف.. بوتين يُناور لوقف صفقة الصواريخ الأمريكية إلى أوكرانيا

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مكالمة هاتفية مطولة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وُصفت من الجانب الروسي بأنها إيجابية وبنّاءة وجرت في أجواء من الثقة.
وأكدت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن المكالمة التي استمرت نحو ساعتين ونصف كانت هي الثامنة بين الزعيمين خلال الأشهر الثمانية الأخيرة، وتأتي قبيل لقاء مرتقب بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في واشنطن.
محاولة روسية لوقف صفقة الصواريخ الأمريكية
بحسب محللين في موسكو، فإن توقيت الاتصال لم يكن صدفة، إذ تزامن مع تزايد النقاش في الولايات المتحدة حول احتمال تزويد كييف بصواريخ كروز بعيدة المدى من طراز "توماهوك"، وهي خطوة تعتبرها روسيا تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
الرئيس بوتين شدد خلال الاتصال، وفق ما نقلت مصادر في الكرملين، على أن تلك الصواريخ لن تغيّر موازين المعركة ميدانيًا، لكنها ستلحق ضررًا كبيرًا بالعلاقات الأمريكية الروسية، التي يحرص ترامب على الحفاظ عليها.
إشادة روسية بدور ترامب كـ"صانع سلام"
أكدت مصادر روسية أن بوتين استغل المكالمة ليشيد بجهود ترامب في التوسط لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، واصفًا إياه بـ"رجل السلام" القادر على إنهاء النزاعات.
وفي الوقت ذاته، عرض بوتين على ترامب فرصًا اقتصادية جديدة للتعاون بين البلدين، في إشارة إلى أن موسكو ما تزال تراهن على المصالح المشتركة كجسر لإعادة العلاقات الثنائية إلى مسار أكثر استقرارًا.
قمة جديدة مرتقبة في بودابست
انتهت المحادثة الهاتفية بالاتفاق على عقد قمة ثانية بين الزعيمين في العاصمة المجرية بودابست، لبحث سبل إنهاء الحرب في أوكرانيا.
ويُتوقع أن تعيد هذه القمة إلى الأذهان مشهد قمة ألاسكا الفاشلة قبل أشهر، والتي منح خلالها ترامب بوتين استقبالًا رسميًا لافتًا من دون أن يحقق أي تقدم ملموس في ملف السلام الأوكراني.
من نجاح غزة إلى اختبار أوكرانيا
الرئيس الأمريكي، الذي خرج منتشيًا من نجاحه في رعاية اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، يطمح إلى استثمار هذا الزخم السياسي في تحقيق اختراق جديد في الحرب الأوكرانية. ترامب قال لمقربين منه إن نجاحه في الشرق الأوسط قد يكون بوابته لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، إلا أن الكيفية التي سيتحقق بها ذلك تبقى غامضة حتى الآن.
موسكو ترفض التنازل رغم الخسائر
ورغم مؤشرات الإرهاق العسكري في الجبهات الأوكرانية، وازدياد الهجمات بالطائرات المسيّرة التي استهدفت البنية التحتية للطاقة في روسيا وأدت إلى نقص حاد في الوقود، فإن الكرملين ما زال يرفض فكرة وقف الحرب قبل تحقيق أهدافه القصوى.
وتشمل هذه الأهداف السيطرة الكاملة على الأراضي الأوكرانية التي أعلنت موسكو ضمّها، إضافة إلى فرض قيود مشددة على سياسات كييف الدفاعية والخارجية، بما يجعلها خاضعة عمليًا لنفوذ روسيا.
مناورة سياسية أكثر من مبادرة سلام
لم تظهر المكالمة الأخيرة أي مؤشرات على تغيّر في الموقف الروسي، إلا أن مراقبين يرون أن الكرملين بات يدرك أهمية مخاطبة ترامب بلغة "الصفقات الشخصية" بدل الصفقات الاستراتيجية، وهو ما قد يدفع البيت الأبيض إلى تخفيف لهجته العسكرية تجاه موسكو.
المسؤولون الأوكرانيون الذين اجتمعوا في واشنطن يرون أن الحديث الأمريكي عن صواريخ "توماهوك" كان السبب المباشر وراء عودة بوتين إلى طاولة الحوار، في محاولة لاحتواء التصعيد قبل اتخاذ واشنطن قرارًا نوعيًا بدعم كييف.
ترامب بين طموح الصفقة وإغراء الكرملين
وفي موسكو، يسود الاعتقاد بأن مجرد إظهار بوادر تقدم في محادثات السلام قد يكون كافيًا لإغراء ترامب بالتراجع عن تهديداته العسكرية؛ سعيًا وراء صفقة يمكن تسويقها على أنها انتصار سياسي جديد.
لكن حتى الآن، تبقى جميع الإشارات تدل على أن ما يقدمه بوتين ليس تنازلًا حقيقيًا، بل محاولة ذكية لاختبار حدود إدارة ترامب الجديدة وإمكانية توظيف طموح الرئيس الأمريكي لإعادة رسم خريطة النفوذ بين واشنطن وموسكو.