زيارة مرتقبة للإمارات.. ولي العهد السعودي يدحض شائعات الخلاف الخليجي
يزور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الإمارات العربية المتحدة
من المقرر أن يزور الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي الإمارات ضمن جولة خليجية تشمل سلطنة عُمان، البحرين وقطر والكويت، قبيل قمة دول مجلس التعاون التي تحتضنها الرياض منتصف الشهر الجاري.
علاقات مشتركة
وتترسخ العلاقات بين السعودية والإمارات في التنسيق المشترك، والتعاون الإستراتيجي، والتكامل، والتوحد في إصدار العديد من القرارات، ومناقشة كثير من القضايا والموضوعات الإقليمية والدولية المشتركة، فضلاً عن الشراكات بين الدولتين التي توّجت بتوقيع اتفاقية إنشاء (مجلس التنسيق الإماراتي السعودي) الذي تعمّ فائدته على دول مجلس التعاون الخليجي، وشعوب المنطقة العربية ككل، وليس الإمارات والمملكة فقط، اللتان تحرصان دائماً على تأكيد ترابطهما، بتماثل نهجيهما، وتطابق سعيهما لمصلحة شعبيهما.
أكبر الشركاء
وكشفت العديد من التقارير أن واقع الترابط بين الإمارات والسعودية، نجد أنه في مايو 2014 تأسست لجنة عليا مشتركة برئاسة وزيري الخارجية في البلدين، وفي الشهر ذاته من عام 2016 جرى في قصر السلام بجدة، بحضور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، التوقيع على اتفاقية إنشاء مجلس تنسيقي، وواصلت اللجان المنبثقة عن المجلس اجتماعاتها على قدم وساق، لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، إلى جانب التشاور والتنسيق في الأمور ذات الاهتمام المشترك، فيما يجتمع المجلس دورياً وبالتناوب بين البلدين، فيما عقدت لجنة التنمية البشرية المنبثقة عن المجلس لقاء افتراضياً في 6 يوليو/ تموز الماضي، تم خلاله عرض عدد من المشاريع المشتركة، ضمن إطار تعزيز العلاقة الإستراتيجية بين البلدين، ومتابعة آخر مستجدات المشاريع القائمة بين الطرفين، وإبراز أهم الإنجازات، والتحديات، والحلول المقترحة في مجالات التعليم، والصحة، والفضاء، والرياضة، والشباب، والثقافة، والإعلام، والذكاء الاصطناعي.
وكانت أبوظبي استضافت في فبراير 2017 أعمال الخلوة الاستثنائية المشتركة بين البلدين تحت اسم «خلوة العزم»، كخطوة أولى في تفعيل بنود الاتفاقية الموقعة بين البلدين بإنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، ووضع خارطة طريق له على المدى الطويل ليكون النموذج الأمثل للتعاون والتكامل بين الدول، وعليه استضافت الرياض في 13 أبريل 2017 أعمال جلسات المجموعة الثانية لخلوة العزم، بمشاركة أكثر من 200 مسؤول من حكومتي البلدين، وخبراء في القطاعات المختلفة، إضافة إلى ممثلي القطاع الخاص.
وفي 7 يونيو 2018، عُقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي في مدينة جدة، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع أخيه الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير دفاع المملكة العربية السعودية الشقيقة، ورفعت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية خلال الاجتماع مستوى العلاقات الثنائية إلى مراحل غير مسبوقة، واشتملت على رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً، عبر 44 مشروعاً إستراتيجياً مشتركاً ضمن «إستراتيجية العزم»، التي عمل عليها 350 مسؤولاً من البلدين، من 139 جهة حكومية، وسيادية، وعسكرية.
مبادرات مشتركة
ويأتي مجلس الإسكان السعودي-الإماراتي، ضمن مبادرات مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي من مهماته طرح المبادرات الجديدة مثل استحداث الكلية التقنية الافتراضية السعودية الإماراتية، والتي تهدف إلى تقديم تدريب افتراضي من خلال بيئة تفاعلية توظف تطبيقات التعلم الإلكتروني الذكي، وفلسفاته المختلفة، وتحقق أهداف المنظومة التعليمية الحديثة الداعمة لديمومة التعلم مدى الحياة، إلى جانب مناقشة إطلاق ملتقى سنوي مشترك بين البلدين في مجال التدريب التقني والمهني، لتطوير العلاقات بين الجهات الأكاديمية في مجال التدريب التقني، والمهني بين البلدين، وتوقيع برنامج التعاون التنفيذي المشترك، مع مركز أبوظبي للتعليم، والتدريب التقني والمهني.
تجارية واقتصادية
أما العلاقة التجارية والاقتصادية بين الدولتين، فتعد الأكبر بين نظيراتها في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث إن الإمارات من أهم الشركاء التجاريين للسعودية عربياً، وأيضاً على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، حيث بلغ إجمالي قيمة الواردات السعودية من الإمارات في النصف الأول من 2016 نحو 11 مليار ريال، بينما بلغ إجمالي الصادرات السعودية للإمارات 6 مليارات ريال، ويقدر حجم التبادل التجاري بنحو 22 مليار ريال.
كما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين نحو 72 مليار ريال سعودي في 2018، وتتصدر الإمارات قائمة الدول الخليجية المصدرة إلى السعودية، كما تأتي في مقدمة الدول الخليجية التي تستقبل صادرات من السعودية، وتأتي في مرتبة متقدمة في قائمة الدول العشر الأولى التي تستورد منها المملكة، وتتجاوز الاستثمارات السعودية في الإمارات 35 مليار درهم، حيث تعمل في الإمارات أكثر من 2366 شركة سعودية مسجلة لدى وزارة الاقتصاد، و66 وكالة تجارية، ويبلغ عدد المشاريع السعودية في الإمارات 206 مشاريع، مقابل المشاريع الإماراتية المشتركة في السعودية التي تصل إلى 114 مشروعاً صناعياً، وخدمياً، برأسمال مال 15 مليار ريال، في حين تخطت الاستثمارات الإماراتية في المملكة 9 مليارات دولار، ولا شك في أن إطلاق مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بكلفة تتجاوز الـ100 مليار ريال، من الأهمية بمكان في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تم تشكيل تجمع إماراتي سعودي بقيادة شركة «إعمار» الإماراتية، بالتحالف مع شركات سعودية لتنفيذ المشروع على ساحل البحر الأحمر.
وحدة الدم وحسن الجوار
كما تترسخ العلاقات السعودية الإماراتية في الكثير من الملفات الاجتماعية والعسكرية والسياحية وغيرها من الملفات الهامة، وتقوم علاقة دولة الإمارات بالمملكة العربية السعودية على وحدة الدم وحسن الجوار والاهتمام المتبادل بين قيادتي الدولتين والشعبين الشقيقين بتحقيق الرخاء للمنطقة عموماً، فهذا النموذج من الشراكة البناءة والعلاقة الإيجابية بُني على أسس راسخة وثقة متبادلة، وحرص على أمن واستقرار وتقدم ورخاء الدولتين والمنطقة عموماً.
دعائم العلاقات المشتركة
يقول الدكتور محمد آل زلفة، البرلماني السعودي السابق، إنه تعتبر العلاقات الأخوية بين الإمارات والسعودية نموذجاً مشرقاً، في ظل الانسجام التام وتكامل الرؤى تجاه القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وقد قطعت دولة الإمارات شوطاً كبيراً في إرساء دعائم العلاقات الإستراتيجية بينها والمملكة في كافة المجالات والميادين، على أسس ثابتة وراسخة ومستقرة، وتطمحان، كأكبر قوتين اقتصاديتين في المنطقة في الوصول إلى الشراكة الاقتصادية الكاملة فيما بينهما من أجل خدمة شعبي البلدين الشقيقين والمنطقة.
وأضاف البرلماني السابق في تصريح لـ"العرب مباشر": أن زيارة الأمير محمد بن سلمان الي الإمارات والجولة الخليجية تأتي في توقيت هام، وترد على كل المشككين من الجماعات المتطرفة والدول التي تدعمهم الذين يحاولون ترويج الشائعات والأكاذيب التي تستهدف استقرار تلك الدول.
ولفت آل زلفة إلى أن العلاقات الأخوية بين الإمارات والسعودية تشكل نموذجاً مشرقاً، في ظل الانسجام التام وتكامل الرؤى تجاه القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وقد قطعت دولة الإمارات شوطاً كبيراً في إرساء دعائم العلاقات الإستراتيجية بينها والمملكة في كافة المجالات والميادين، على أسس ثابتة وراسخة ومستقرة، وتطمحان، كأكبر قوتين اقتصاديتين في المنطقة في الوصول إلى الشراكة الاقتصادية الكاملة فيما بينهما من أجل خدمة شعبي البلدين الشقيقين والمنطقة.
صمام الأمان
وقال الكاتب والمحلل السياسي السعودي فهد ديباجي: إن السعودية والإمارات صمام الأمان للمنطقة العربية، ويشهد التاريخ على مواقف البلدين الداعمة للعروبة والمتجذرة في عمق التاريخ، فالسعودية مع الإمارات هما مركزا القرار العربي وقلب العروبة النابض، وهما الرئة التي يتنفس بها العرب حاليًا للخروج من أزماتهم التي أسس وصنعها محور الشر".
وأوضح ديباجي أن العلاقات بين البلدين تنطلق من أسس تاريخية ومصيرية ثابتة وراسخة من المحبة والاحترام والثقة والرؤية الواحدة تجاه المتغيرات والتحديات على الساحتين الإقليمية والدولية، ومن منطلق الإيمان المشترك بالمصير الواحد للبلدين والشعبين الشقيقين.
وشدد على أن زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى الإمارات تؤكد أن العلاقة السعودية الإماراتية قوية ومتينة، وأنها أكثر من مجرد علاقة ثنائية بين دولتين، هي مشروع تحالف من أجل استقرار ونهضة تقوده البلدان للنهوض بالمنطقة والتصدي للأطماع الفوضوية والإرهابية وستظل عصية على كل من يحاول استهدافها، مؤكدًا أن محاولات الوقيعة بين البلدين مصيرها الفشل، وهو أكبر رد على المشككين في ذلك.