لماذا استقال ظريف.. كواليس الساعات الأخيرة قبل القرار
لماذا استقال ظريف.. كواليس الساعات الأخيرة قبل القرار

في خطوة فاجأت الأوساط السياسية، أعلن محمد جواد ظريف استقالته من منصبه كنائب رئيس الجمهورية الإيرانية للشؤون الاستراتيجية، مؤكدًا أن قراره جاء استجابة لنصيحة رئيس السلطة القضائية بالعودة إلى الجامعة، وذلك بهدف تقليل الضغوط على الحكومة.
ظريف والخروج من المشهد التنفيذي
وقد جاءت استقالة ظريف في توقيت حساس، حيث تتزايد التحديات التي تواجه حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، لا سيما بعد عزل وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي من منصبه؛ مما أظهر مدى قوة الضغوط التي تتعرض لها الإدارة الجديدة.
ظريف، الذي شغل سابقًا منصب وزير الخارجية بين عامي 2013 و2021، كان أحد أبرز مهندسي الاتفاق النووي الإيراني مع القوى الكبرى، وهو الاتفاق الذي تراجع بعد انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018. كما كان له دور فعال في الحملة الانتخابية لبزشكيان، وساهم بشكل مباشر في فوزه.
مع تصاعد الجدل حول قراره، صرح ظريف قائلاً: "آمل أن يؤدي انسحابي إلى إزالة العقبات أمام تحقيق إرادة الشعب ونجاح الحكومة"، وهو تصريح يعكس إدراكه للضغوط السياسية التي تحيط بحكومة بزشكيان في ظل التوازنات الداخلية المعقدة.
من يخلف ظريف؟
مع تأكيد استقالة ظريف، بدأ الحديث عن البديل المحتمل لشغل منصبه، ووفقًا لمصادر مطلعة، فقد تم التوافق على تعيين مهدي سنائي، المستشار السياسي للرئيس، ليحل مكانه، ويعد سنائي شخصية دبلوماسية بارزة، حيث شغل منصب سفير إيران في روسيا وشارك في مفاوضات الاتفاق النووي.
يأتي هذا التغيير في وقت يشهد اضطرابات متزايدة داخل الحكومة، حيث يرى المراقبون أن فقدان شخصيات بارزة مثل ظريف وهمتي يشير إلى استمرار الضغوط البرلمانية والسياسية على الحكومة الجديدة، إذ لم تقتصر هذه الضغوط على الشق الاقتصادي، بل امتدت إلى الملفات الدبلوماسية والاستراتيجية أيضًا.
أبعاد القرار وتأثيراته المستقبلية
وقد استقالة ظريف تعكس صراعًا داخليًا بين مراكز القوة في إيران، حيث يواجه بزشكيان تحديات متعددة منذ توليه الرئاسة، فإقالة وزير الاقتصاد بحجب الثقة البرلماني كانت بمثابة أول اختبار حقيقي للحكومة، ويبدو أنها فتحت الباب أمام مزيد من التدخلات في تشكيلة الحكومة.
في هذا السياق، يرى بعض المحللين أن خروج ظريف من المشهد التنفيذي قد يكون مؤشرًا على تصاعد الضغوط السياسية داخل الحكومة، وربما يمتد التأثير إلى وزراء آخرين في الأشهر المقبلة، فيما يرى آخرون أن رحيل ظريف قد يكون بمثابة خطوة استباقية لحماية الحكومة من مزيد من الأزمات، خاصة في ظل الحاجة إلى تعزيز الاستقرار الداخلي لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية.
الانعكاسات على المشهد السياسي
لم تمر استقالة ظريف دون ردود فعل، حيث اعتبر بعض السياسيين المتشددين أن الأمر لم يكن استقالة بقدر ما هو إقالة ضمنية، مؤكدين أن المناخ السياسي الحالي لا يسمح ببقاء شخصيات محسوبة على التيار الإصلاحي في مواقع حساسة، في المقابل، رأى أنصار الحكومة أن انسحاب ظريف يعكس محاولة للحفاظ على تماسك الإدارة الجديدة أمام التحديات المتزايدة.
أما على الصعيد الدولي، فمن المرجح أن يثير رحيل ظريف تساؤلات حول مستقبل السياسة الخارجية الإيرانية، خاصة فيما يتعلق بإحياء الاتفاق النووي والعلاقات مع القوى الكبرى، فوجوده في الحكومة كان ينظر إليه باعتباره نقطة توازن بين التيارات الداخلية، فضلاً عن كونه أحد مهندسي الدبلوماسية الإيرانية الحديثة.