البرلمان الإيراني يقيل وزير الاقتصاد.. الأزمات تشعل فتيل المواجهة وتهدد الحكومة
البرلمان الإيراني يقيل وزير الاقتصاد.. الأزمات تشعل فتيل المواجهة وتهدد الحكومة

أقال البرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه التيار المتشدد وزير الاقتصاد والمالية عبد الناصر همتي من منصبه موجهًا بذلك ضربة قوية لحكومة الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان، ويعكس القرار التوترات المتصاعدة داخل إيران حول كيفية التعامل مع الأزمة الاقتصادية التي يؤكد بزشكيان أنها ناجمة عن العقوبات الأمريكية وتحولت إلى ما يشبه حرباً شاملة على الاقتصاد الإيراني، وفقًا لما نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
تفاقم الأزمة الاقتصادية
حمل النواب الذين صوتوا لصالح الإقالة همتي مسؤولية تفاقم الأوضاع الاقتصادية منذ توليه منصبه في أغسطس الماضي، مشيرين إلى تراجع قيمة العملة الوطنية الريال بنسبة 60 في المئة أمام الدولار الأمريكي في السوق المفتوحة خلال فترة ولايته إضافة إلى الارتفاع الحاد في أسعار السلع الأساسية بما في ذلك المواد الغذائية والأدوية.
ومن أصل 273 نائبًا حضروا جلسة البرلمان يوم الأحد صوت 182 نائباً لصالح الإقالة مقابل 89 نائبًا عارضوا القرار فيما امتنع نائب واحد عن التصويت واعتُبر صوت آخر لاغياً.
البرلمان يهدد الحكومة
وحاول الرئيس مسعود بزشكيان الدفاع عن وزير الاقتصاد المقال وطالب البرلمان بعدم الإطاحة بأحد أهم أعضاء حكومته مؤكداً أن إيران تواجه أزمة أشد خطورة من تلك التي شهدتها خلال حرب العراق في ثمانينات القرن الماضي.
وخاطب بزشكيان النواب قائلاً: إن إيران تواجه حربًا شاملة مع العدو الأمريكي، ويؤكد أن الحرب مع العراق لا تُقارن بما تواجهه البلاد اليوم.
الرئيس الإيراني يتساءل كيف يمكن لأحد أن يطلب تغييرات اقتصادية كبرى في غضون ستة أشهر فقط.
تصعيد دولي
وتأتي الإقالة البرلمانية في وقت تواجه فيه إيران تصعيدًا في حملة الضغط القصوى التي أعادت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرضها على إيران بسبب برنامجها النووي.
العقوبات الجديدة تشبه تلك التي فرضها ترامب في ولايته الأولى عام 2018.
ويعترف بزشكيان بأن إيران تكافح حاليًا لتسويق نفطها في ظل العقوبات الجديدة ويشير إلى أن ناقلات النفط الإيرانية تواجه صعوبات في تفريغ حمولاتها في الأسواق الدولية.
ويؤكد الرئيس الإيراني الذي فاز في الانتخابات يوليو
الماضي على أساس وعود بالسعي لتخفيف العقوبات أن التعافي الاقتصادي يرتبط بشكل وثيق بإمكانية التوصل إلى تفاهمات مع واشنطن.
في الوقت الذي أبدى فيه كبار الدبلوماسيين الإيرانيين استعدادهم لمناقشة البرنامج النووي الإيراني تراجعت آمال استئناف المفاوضات في ظل أمر تنفيذي جديد أصدره ترامب يوسّع نطاق العقوبات ليشمل البرنامج الصاروخي الإيراني وسياساتها الإقليمية.
وأكد التيار المتشدد في طهران أن الولايات المتحدة لم تعد تكتفي بالضغط على البرنامج النووي الإيراني بل تسعى إلى تجريد إيران بالكامل من قدراتها الاستراتيجية، وهو ما اعتبره المحافظون خروجاً عن أي إطار تفاوضي محدود مثل الاتفاق النووي لعام 2015 الذي انسحب منه ترامب لاحقًا.
بينما اعترف بزشكيان أمام البرلمان بأنه كان يرى أن خيار التفاوض مع الولايات المتحدة يمثل الحل الأفضل، لكنه يؤكد التزامه الكامل بتوجيهات المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي أعلن قبل أسابيع رفضه لأي تفاوض مع واشنطن بعد إعلان ترامب استراتيجيته تجاه إيران، وشدد على أنه بمجرد إعلان المرشد رفضه للتفاوض التزم بزشكيان شخصيًا بهذا التوجه، وأعلن صراحة أن إيران لن تتفاوض مع الولايات المتحدة.
فساد وفقر
وخلال جلسة النقاش يتهم بعض النواب الوزير المقال "همتي" بأنه كان يروج لفكرة التفاوض مع واشنطن وهو ما ينفيه همتي بشدة، وأكد أن الأزمة الاقتصادية في إيران ليست وليدة العقوبات فقط بل تعود في جذورها إلى مشكلات هيكلية داخلية عميقة.
" همتي" يكشف أن نحو 10 ملايين إيراني انضموا إلى دائرة الفقر خلال السنوات السبع الماضية، كما يقدّر قيمة السلع المهربة من وإلى إيران بنحو 30 مليار دولار سنوياً بسبب المحسوبيات والارتباطات السياسية.
وأشار همتي، أن 80 في المئة من الإيرانيين يعانون بسبب نشاطات المهربين والمستفيدين من العقوبات وأصحاب الامتيازات الخاصة، موضحًا أن عجز الموازنة مرتبط بشكل مباشر بالتطورات الدولية والإقليمية.
كما سلط الضوء على أزمات القطاع المصرفي وقطاع الطاقة، مؤكدًا أن تلك المشكلات تحتاج إلى معالجات جذرية وليس مجرد تغييرات شكلية أو قرارات سياسية مؤقتة.