نيويورك تعيد إحياء حل الدولتين.. خارطة طريق لإقامة دولة فلسطينية في 15 شهرًا

نيويورك تعيد إحياء حل الدولتين.. خارطة طريق لإقامة دولة فلسطينية في 15 شهرًا

نيويورك تعيد إحياء حل الدولتين.. خارطة طريق لإقامة دولة فلسطينية في 15 شهرًا
فلسطين

اتفق المشاركون في "مؤتمر حل الدولتين" المنعقد في نيويورك على إطار زمني واضح لإقامة دولة فلسطينية خلال 15 شهرًا، في خطوة وصفت بأنها الأكثر جدية منذ سنوات تجاه تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. 

وجاء الاتفاق في ختام جلسات المؤتمر، الذي استمر ثلاثة أيام برعاية فرنسية-سعودية، وبمشاركة دولية رفيعة المستوى، وسط تأكيدات بأن "السلام لن يتحقق دون إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة".

وأكد البيان الختامي، أن "حل الدولتين هو الخيار الوحيد القادر على تلبية تطلعات الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء"، وشدد على ضرورة وقف الحرب في غزة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية، وإطلاق سراح جميع الرهائن.

إطلاق مفاوضات مباشرة ضمن جدول زمني واضح

وفي إشارة إلى جدية المجتمع الدولي هذه المرة، دعا البيان إلى استئناف مفاوضات مباشرة وجادة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ضمن إطار زمني محدد، مع التأكيد على رفض كل الإجراءات الأحادية التي تعيق الوصول إلى حل دائم، مثل التوسع الاستيطاني والتحريض والعنف ضد المدنيين.

كما أبدى المشاركون دعمهم الكامل لكل المبادرات الإقليمية والدولية الساعية لتيسير هذا المسار، وعلى رأسها جهود اللجنة الرباعية، والدور الفاعل للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

حكومة واحدة وسلاح واحد في غزة

جانب مهم من الاتفاق ركز على اليوم التالي في غزة، فقد دعا المؤتمر إلى انسحاب إسرائيل الكامل من القطاع، وتسليمه للسلطة الفلسطينية على قاعدة "حكومة واحدة، قانون واحد، وسلاح واحد"، مع التأكيد على ضرورة نزع سلاح حماس بالكامل، وتسليمه لقوات الأمن الفلسطينية.

وتم الاتفاق على تشكيل لجنة إدارية انتقالية فورية تعمل تحت مظلة السلطة الفلسطينية لإدارة شؤون غزة بعد وقف إطلاق النار، كما شدد البيان على أن غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة.

موقف موحد من الاستيطان والتهجير

المؤتمر أدان بشدة الأنشطة الاستيطانية، ودعا إلى وقفها بالكامل، بما في ذلك في القدس الشرقية، كما رفض بشكل قاطع التهجير القسري للفلسطينيين، مطالبًا إسرائيل بوقف التحريض والعنف بحق المدنيين.

ونص البيان على فرض قيود على المستوطنين العنيفين، وفرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تعيق التسوية السلمية من خلال العنف أو انتهاك القانون الدولي.

مساعدات عاجلة وإعمار شامل لغزة

من الملفات العاجلة التي تناولها المؤتمر، الوضع الإنساني المتدهور في غزة، حيث طالب المشاركون بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة ودون عوائق، وفتح المعابر فورًا.

كما تم الإعلان عن إنشاء صندوق دولي مخصص لإعادة إعمار غزة، بدعم من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، والترحيب بالخطة العربية لإعادة الإعمار باعتبارها خارطة طريق رئيسية للانتقال من الحرب إلى السلام.

في بعد داخلي بالغ الأهمية، شدد المشاركون على ضرورة إجراء إصلاحات سياسية داخلية فلسطينية تشمل تنظيم انتخابات عامة خلال عام واحد، وتوحيد المؤسسات الفلسطينية، وتعزيز الحوكمة وسيادة القانون.

ورحب المؤتمر بتعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإجراء هذه الانتخابات، وسط دعم دولي لإعادة بناء الشرعية الفلسطينية على أسس ديمقراطية.

بعثة دولية لاستقرار غزة

كخطوة عملية لضمان الاستقرار في غزة ما بعد الحرب، دعم المؤتمر نشر بعثة دولية مؤقتة بتكليف من مجلس الأمن الدولي، للمساهمة في حماية الأمن وضمان تنفيذ التفاهمات، ورحبت عدة دول باستعدادها للمساهمة بقوات في تلك البعثة.

وأشار البيان، أن دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا ما يزال ضروريًا في الوقت الراهن، لكنه أكد أن خدماتها ستسلم تدريجيًا إلى السلطة الفلسطينية بعد التوصل إلى حل عادل لقضية اللاجئين.

وفي ختام المؤتمر، دعا المشاركون إلى عقد مؤتمر متابعة دولي قبل نهاية عام 2025 لتقييم التقدم المُحرز في تنفيذ حل الدولتين، والتوافق على الخطوات التالية، مع التأكيد أن "السلام العادل والدائم هو الضمانة الوحيدة لاستقرار المنطقة".

ويقول المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية، طارق فهمي: إن البيان الختامي لمؤتمر نيويورك يمثل تحولًا نوعيًا في الخطاب الدولي تجاه الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، ليس فقط من حيث الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بل من حيث تحديد جدول زمني ملزم لأول مرة منذ سنوات. 

ويضيف فهمي -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن ربط تنفيذ حل الدولتين بمدة 15 شهرًا يبعث برسالة واضحة مفادها أن المجتمع الدولي لم يعد يكتفي بالتوصيات، بل يتجه نحو خطوات عملية وملموسة على الأرض، والأهم من ذلك أن المؤتمر أشار بشكل مباشر إلى ضرورة إنهاء سيطرة حركة حماس على غزة وتسليم القطاع للسلطة الفلسطينية، وهي نقطة محورية لإعادة توحيد القرار الفلسطيني، لكنها ستصطدم بتعقيدات ميدانية شديدة.