الأزمات تحاصر السودان.. و"ذوو الاحتياجات الخاصة" الأكثر تضررًا

الأزمات تحاصر السودان.. و
صورة أرشيفية

منذ فيضانات السودان والمعاناة تحاصر الجميع فنسب الفقر تضاعفت وفقد مئات الآلاف منازلهم وزادت نسب البطالة وسط حالة من التضخم غير المسبوق، أما الأكثر معاناة في السودان فهم ذوو الاحتياجات الخاصة من معاقين ومكفوفين الذين وجدوا أنفسهم بلا مساعدة في مواجهة قسوة الطبيعة التي ضاعفت من تدهور ظروفهم الاقتصادية خاصة مع صعوبة وصول المساعدات لهم أمام حجم الدمار الذي أنهك أكثر من 10 ولايات.

تفاقم الأزمات الاقتصادية يزيد من معاناة الجميع


السبب الرئيسي في معاناة الملايين من السودانيين هو الأزمة الاقتصادية الذي تضرر منها معظم الشعب السوداني خاصة ذوي الاحتياجات الخاصة بعد أن تفاقمت الأزمة الاقتصادية في السودان بشكل مريع، حيث قفز معدل التضخم إلى أكثر من 200% والبطالة إلى نحو 66% والديون الخارجية إلى 64 مليار دولار.


في الأثناء تسجل قيمة العملة المحلية تناقصا مستمرا؛ إذ يجري تداول الدولار الواحد بنحو 240 جنيها في السوق الموازي، وسط أزمات خانقة في السلع الأساسية كالخبز والوقود وغاز الطبخ.


ويرى مراقبون أن تفاقم الأزمة الاقتصادية جاء نتيجة خلل واضح في السياسات المالية التي تسببت بشكل مباشر في تدهور أداء القطاعات الإنتاجية وزيادة حجم الصرف الحكومي، وجاء تفشي فيروس كورونا وما صحبه من إجراءات استثنائية حول العالم ليزيد الطين بلة، ثم الفيضانات والكوارث الطبيعية التي أنهكت الاقتصاد المنهك في الأساس.


وأضافوا: أن هناك زيادة غير مسبوقة في حجم الكتلة النقدية تقدر بنحو 30% في خلال هذه الفترة الوجيزة من الحكم الانتقالي، كما أن هناك أخطاء فادحة عجلت بهذا الانهيار غير المسبوق، ومنها الزيادة المخيفة في المرتبات والتي لم تعتمد على موارد حقيقية بل عملة ورقية.


محذرين من خطورة الأزمات الحالية التي يعيش فيها الشارع السوداني، وتطال الجميع، خاصة أزمة الخبز وتدهور قيمة العملة بشكل هائل، مؤكدين ضرورة تدخل الحكومة للسيطرة على الأزمتين بشكل عاجل يضمن إدخال كافة الشركات العامة بما فيها شركات الجيش والأمن تحت مظلة وزارة المالية، إيجاد سلطة نقدية وحكيمة وليس بطريقة سد الفجوات وتجاهل الأثر على الشارع، إضافة إلى وقف التدخلات غير القانونية لشركات الاتصالات وغيرها من الشركات التي تضارب في السوق الموازي، وهو أمر يتطلب تحكم الدولة فيها بشكل كامل.


مبادرات سودانية "معطلة" تستهدف ذوي الاحتياجات الخاصة

وشهد العام الجاري تعاليا لدعوات تطالب بمراجعة التشريعات والقوانين المحلية بما يضمن إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة والذين تتجاوز نسبتهم في البلاد الـ5 % من إجمالي عدد الشعب السوداني مطالبين بتمكين تلك الشريحة ومساعدتها على تجاوز الأزمات التي تحاصرهم، إلا أن الظروف الاستثنائية اقتصاديًا وأمنيًا وأيضًا على مستوى الكوارث الطبيعية تسبب تأخر تطبيق تلك المبادرات.


ويرى مراقبون أن الحروب وتدهور الرعاية الصحية وانتشار ظاهرة زواج الأقارب وارتفاع إصابات حوادث السير بسبب تدهور البنية التحتية جميعها أمور ساهمت في زيادة أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة، لتأتي الفيضانات والأزمات الاقتصادية لتزيد حياتهم صعوبة في ظل غياب الدعم والمساعدة الحكومية أو الأممية.


ويقول فخر الدين عوض، رئيس التنسيقية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة، إن الاهتمام بالمعاقين يأتي انطلاقا من الإيمان الكامل بمشروعية حق ذوي الاحتياجات في الحصول على فرص متكافئة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.


ويبدي عوض استغرابه من الخلل الواضح في التشريعات على المستوى الوطني، حيث لم يتطرق أي دستور للبلاد منذ الاستقلال وحتى الآن لقضية إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في الحياة العامة.


ويشير عوض إلى غياب الحقوق المكفولة لذوي الاحتياجات في المواثيق والمعاهدات الدولية، رغم أن السودان من الدولة الموقعة عليها، بما في ذلك التشريعات التي تضمن حق ذوي الاحتياجات في التعليم والتدريب والعمل.

بيتي مهدد بالانهيار.. ولا مكان لي غيره وننتظر "الموت أو الإغاثة"

يقول، حسن إبراهيم، 39 عامًا، من ذوي الاحتياجات الخاصة، لا نعرف بمن نستغيث الأزمات تتكالب علينا ولا نستطيع مساعدة أنفسنا وتقف أسرنا عاجزة عن تقديم يد المساعدة لنا، إعاقتي بدأت منذ 5 سنوات بعد أن فقدت قدمي في عملية إرهابية وبالتالي فقدت عملي كسائق وبقيت في المنزل أعيش على مساعدات أهل الخير.


وتابع إبراهيم: المساعدات بدأت تقل تدريجيًا منذ بداية العام الجاري، فأزمة كورونا أجبرت الجميع على تخفيض نفقاته، وفي الوقت نفسه زادت نفقات بسبب الإجراءات الاحترازية والإجبار على شراء كمامات ومطهرات بكميات كبيرة شهريًا.


وأضاف: وجاءت الفيضانات لتزيد الأمور صعوبة، بيتي أصبح أحد البيوت المهددة بالانهيار ورغم ذلك أعيش فيه فلا مكان لي غيره، تمر أيام علينا دون طعام أو شراب أو دواء، وحتى الحكومة عاجزة عن الوصول لنا.

توالي الأزمات.. جعل الأهل والأصدقاء عاجزين عن مساعدة بعضهم

في السياق ذاته، يقول عمر الحاج، 48 عامًا، شقيقي كفيف ولكن الفيضانات لا تفرق بين سليم ومعاق، فانهار منزله وجاء هو وأبناؤه للعيش معي ويذهبون يوميًا إلى منزلهم المنهار للبحث عن أي مقتنيات بين الحطام لعلهم يجدون شيئًا لم يصبه الدمار ولم يجدوا سوى الملابس التي أحضروها لغسلها واستخدامها.


وأضاف: نواجه الأزمات وحدنا، فالحكومة عاجزة عن مد يد المساعدة لنا، كنت أعمل في أحد المقاهي التي تم إغلاقها بسبب توالي الخسائر والأزمات وأصبحنا عائلتين في منزل بدون دخل أو مساعدة من أي جهة بسبب صعوبة وصول المساعدات إلى المناطق الأكثر تضررًا من الفيضانات.


وتابع: المياه اقتحمت منازلنا أكثر من مرة وهربنا جميعًا للعيش عند أحد الأصدقاء، ولكن الآن الجميع متضرر والكوارث لم تترك بيتًا سليمًا والأزمة الاقتصادية أصبحت لا تحتمل ولا يستطيع أحد تقديم المساعدة لأصدقائه أو جيرانه، فالأهل والأصدقاء أصبحوا عاجزين عن تقديم يد المساعدة لبعضهم البعض ولا نعلم إلى متى يستمر هذا العذاب.