العراق يقود العالم إذا أصبح دولة مدنية

العراق يقود العالم إذا أصبح دولة مدنية
مشعل أبا الودع الحربي

هي أرض الأنبياء المباركة، و الأرض التي استوطن بها الصالحين و الأولياء و الثقاة من الناس، و الأرض التي بزغ فيها العلم و حلق... أرض المعجزات و التحديات ، هي العراق التي ظلت صامتة   و صامدة أمام أعاصير التاريخ و السياسة و الدولة ، تحت إيقاع نواح الأمهات الأشرف من نشيد الدولة.


العراق أصبح الهجير الضخم الذي يأكل منه الجميع  منذ غزو سنة 2003 ، بعدها  ظل بغداد صدى للدويلات المتعددة التي تنبث كالفطر و تمارس نفوذها علنا ، من خلال اختراق مؤسسات الدولة السياسية و الأمنية و العسكرية و الاقتصادية، تحت نمط انقلابي في قيادة البلاد.


لكن في حقيقة الأمر، بعيدا عن المعتقدات و المذاهب في المكون و النسيج، العراق قادر على النهوض من سباته التاريخي و قيادة العالم؛ فالبلد يمتلك مخزون ثالث أكبر بلد من النفط، و موارد بشرية متعلمة ، و كذا ثروة مائية عن طريق أكبر نهرين في العالم مهددين بالجفاف،  بعد أن وصل متوسط قياسات تدفقهما من الحدود مع تركيا إلى أقل من 50 في المائة هذا العام، مقارنة بالأعوام السابقة.


إن استمرار استسلام بغداد لفتوى إنشاء الحشد الشعبي و الشعبوية، و خضوع البرلمان لأمره الواقع و فرضه كمؤسسة شرعية من مؤسسات الدولة ، و استمرار العبثية و المضاربات بين الطوائف و الأحزاب، لن يزيد سوى الطين بلة ، و بالتالي يبقى الحل الوحيد هو إنشاء دولة مدنية ديمقراطية ترعى حقوق شعبها و تحاسب مؤسساتها.          


على العراق أن تبني نفسها على الشرعية الدستورية و السياسية ، الأولى على أساس العقد الاختياري الموقع بين الرئيس و الشعب لتنظيم الحياة داخل المجتمع و خدمة الصالح العام... و الثانية على أساس التفويض الشعبي للسلطات من أجل القيام بمهامهم، و كما على الدولة أن تحترم سيادة القانون المعبر عن إرادة الشعب، و عليها بذلك أن تخدم عن طريقه المصلحة العامة و أن تعتمد مبادئ المواطنة التامة و المساواة الكاملة بين الناس. 

 أما على وجه الخصوص، على الدولة أن تلغي التمييز الطائفي و الإثني و الديني و قانون العشائر، لأن ذلك يعتبر السبب الأول و الأخير لتأسيس مجتمع عراقي تراجعي تطوقه العصيبة و الانغلاق ، مما يقوض أسس الوحدة الوطنية و الدولة المدنية.


قبل الختام ، إن الطريق إلى المدنية  يجب أن يكون قلبا و قالبا ، و شكلا و موضوعا، لهذا فالتحولات الجوهرية التي شهدها المجتمع العراقي منذ تأسيسه ، تحتم على قادته أن يوسعوا من هذا المفهوم بشكل يلامس الواقع و يحاكيه ، و أكثر عليهم أن ينخرطوا في ترسيخ الاعتقاد بأن غد العراق أفضل ، و أنها سنة كل الشعوب على هذه الأرض.