الهجرة كسلاح: المخطط الروسي السري للسيطرة على حدود ليبيا

الهجرة كسلاح: المخطط الروسي السري للسيطرة على حدود ليبيا

الهجرة كسلاح: المخطط الروسي السري للسيطرة على حدود ليبيا
الهجرة غير الشرعية

في خضم التوترات الأوروبية بشأن تدفقات الهجرة غير النظامية، كشفت وثائق استخباراتية نشرتها صحيفة ديلي تلغراف البريطانية عن مخطط سري يقوده جان مارساليك، العميل الهارب من المخابرات الروسية، للسيطرة على مسارات الهجرة من ليبيا إلى أوروبا، تدور هذه الخطة حول تشكيل قوة شبه عسكرية من المرتزقة للسيطرة على الحدود، بدعم من مسؤولين نمساويين وألمان، وبتمويل محتمل من الأصول الليبية المجمدة في الخارج، هذا الكشف يُسلط الضوء على مدى تعقيد ملف الهجرة الذي لم يعد مجرد قضية إنسانية، بل بات أداة جيوسياسية تستغلها قوى مختلفة لتحقيق مصالحها في أوروبا وإفريقيا، فما تفاصيل هذا المخطط؟ ومن الأطراف المتورطة فيه؟

تفاصيل المخطط: جيش خاص ومصالح خفية


وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، كان جان مارساليك، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "وايركارد" الألمانية، يضع خطة لإنشاء قوة شبه عسكرية مكونة من 15 ألف مقاتل، بهدف السيطرة على طرق الهجرة غير النظامية عبر ليبيا، وهي نقطة عبور رئيسة للمهاجرين المتجهين إلى أوروبا.


تكشف الوثائق التي حصلت عليها الصحيفة أن هذه الخطة لم تكن مجرد مبادرة فردية، بل حظيت بدعم مسؤولين رفيعي المستوى في النمسا وألمانيا، الذين رأوا فيها حلًا لأزمة الهجرة التي تؤرق الاتحاد الأوروبي.


ورغم التحذيرات الأمنية التي صدرت بشأن علاقات مارساليك الوثيقة بالاستخبارات الروسية، فإن المسؤولين في فيينا وبرلين تجاهلوا تلك التنبيهات، ما أثار تساؤلات حول مدى تورطهم في المشروع وأبعاده السياسية والأمنية.

الهدف: استخدام الهجرة كورقة ضغط سياسي


تكشف الوثائق أن المخطط لم يكن مجرد محاولة للحد من تدفقات المهاجرين، بل استراتيجية روسية أوسع نطاقًا، إذ تعتبر الهجرة أداة يمكن توظيفها للتأثير على الانتخابات في الدول الأوروبية.


وتشير الصحيفة إلى أن الكرملين يسعى من خلال عملائه إلى استغلال هذه الأزمات لدفع حكومات أوروبية نحو سياسات أكثر انقسامًا وتطرفًا.


إحدى النقاط الأكثر إثارة للجدل في المخطط كانت اقتراح مارساليك استخدام الأصول الليبية المجمدة في أوروبا لتمويل هذه القوة العسكرية الخاصة.


وتُفيد التقارير بأن هذا الطرح لقي قبولًا لدى بعض المسؤولين الأوروبيين، الذين اعتبروه حلًا عمليًا لأزمة المهاجرين، لكن مصادر أمنية حذّرت من أن هذه الأموال قد تُستخدم لتعزيز النفوذ الروسي في ليبيا وشمال إفريقيا.

دور مجموعة "فاغنر"


تُشير المصادر إلى أن مارساليك لم يعمل منفردًا، بل نسق جهوده مع عناصر من مجموعة "فاغنر" الروسية.


وبعد وفاة مؤسسها يفغيني بريغوزين، برزت الحاجة إلى إعادة تنظيم أنشطة المجموعة في إفريقيا، وخاصة في السودان وليبيا، حيث تلعب هذه الدول دورًا محوريًا في حركة الهجرة نحو أوروبا.


رغم التحذيرات بشأن علاقات مارساليك بروسيا، إلا أن بعض المسؤولين في النمسا وألمانيا قدموا له الدعم، مدعين أن خطته يمكن أن تساعد الاتحاد الأوروبي في السيطرة على أزمة الهجرة.

الوثائق المسربة تُشير إلى اجتماعات عقدها مارساليك في عام 2017 مع مسؤولين في وزارة الدفاع النمساوية ومسؤولين أمنيين أوروبيين لمناقشة تفاصيل المشروع.


في إعلان نوايا وقعه مارساليك، تعهد بتمويل المشروع بمبلغ 200 ألف يورو عبر المعهد الثقافي الروسي – الليبي، وهو كيان غامض يفتقر إلى أي سجلات رسمية. وتشير التقارير إلى أن هذه التحويلات المالية قد تكون جزءًا من شبكة أوسع لتمويل العمليات الروسية السرية في المنطقة.

عميل هارب ومطلوب دوليًا


بعد انهيار شركة "وايركارد" الألمانية في عام 2020، التي تورطت في فضيحة مالية كبرى شملت اختفاء 1.9 مليار يورو من حساباتها، اختفى رئيسها التنفيذي السابق، جان مارساليك، عن الأنظار في ظروف غامضة.


تُشير التقارير إلى أنه غادر النمسا على متن طائرة خاصة متوجهًا إلى بيلاروسيا، بمساعدة شخصيات نافذة، قبل أن يفقد أثره تمامًا.

منذ ذلك الحين، أصبح مارساليك واحدًا من أكثر المطلوبين دوليًا من قبل الإنتربول، حيث وُجهت إليه تهم تتعلق بالاحتيال المالي، والتجسس لصالح الاستخبارات الروسية، والتلاعب بأنظمة الدفع الأوروبية.


تجري أجهزة الأمن والاستخبارات في دول أوروبية عدة، بما في ذلك ألمانيا والنمسا وبريطانيا، تحقيقات موسعة حول أنشطته، خصوصًا بشأن علاقاته المحتملة مع الكرملين، ودوره في عمليات مالية مشبوهة مرتبطة بمجموعات مرتزقة وشبكات تهريب دولية.