لاجئون سوريون يرفضون العودة: لن نعود حتى تستقر الأوضاع بالبلاد
يحلم جميع السوريين بالعودة إلى وطنهم في أحد الأيام، ولكن حتى الآن يجد عديد من اللاجئين صعوبات شديدة تمنعهم من العودة إلى بلدهم، فالمؤتمر الدولي الذي عقدته دمشق دعوة صعبة التحقيق وبعيدة عن أرض الواقع، فبعد مرور نحو 10 سنوات من اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، انحسر القتال، إلا أن الوضع يظل في حالة من الجمود غير المستقر، فالأوضاع على الأرض تشير إلى أن الحكومة السورية استعادت السيطرة على معظم المناطق، في حين أن الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة يفرضون سيطرتهم حتى الآن على الشمال الشرقي، بينما يسيطر الاحتلال التركي على جزء كبير من منطقة الحدود الشمالية، ولا تزال محافظة إدلب الشمالية الغربية متنازعاً عليها، ويتمركز بها عناصر من تنظيم القاعدة، بينما تلاشت المفاوضات الدولية للتوصل إلى حل سياسي.
لن يعود اللاجئون السوريون إلا بعد سلام رسمي
موقع ناشيونال إنترست الأميركي أكد في تقرير له صعوبة أن يتم التوصل إلى اتفاق رسمي لإنهاء الحرب السورية وبدء السلام، ليستمر بقاء الوضع الراهن،مضيفًا أن بقاء الوضع الراهن قد يبدد الآمال في عودة قرابة 5.6 مليون لاجئ سوري يعيشون في البلدان المجاورة، وذلك رغم المؤتمر الذي عقد في دمشق، والذي شجع من خلاله الرئيس السوري بشار الأسد اللاجئين على العودة لديارهم.
ويرى مراقبون أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاقية سلام رسمية تضمن سلامة العائدين، وتنشئ صندوقاً للاستثمار لإعادة إعمار البنية التحتية المدمرة، فلن يرجع اللاجئون السوريون إلى ديارهم.
الاعتقالات والسجن.. سبب خشية اللاجئين السوريين من العودة
من جانبهم أكد مراقبون أن عددا كبيرا من السوريين يخشون العودة بسبب تقارير عن تعرض العائدين من اللاجئين إلى الاعتقال والسجن والتعذيب، وسيكون من الصعب إعادة توطين العديد من المناطق بدون بذل جهود متضافرة لإعادة البناء، وهو الأمر الذي لن يحدث طالما أن المستثمرين الدوليين يرون أن الحرب ما زال لم يتم حلها، وتشكل الكثير من المخاطر، خاصة إذا ظل سريان العقوبات الأميركية المفروضة حالياً.
وأضافوا أن الأوضاع الصعبة التي يعيش فيها اللاجئون السوريون في البلدان التي وفدوا إليها، والتي تعاني بالفعل من مشكلات اقتصادية، ما انعكس سلباً على اللاجئين السوريين الذين يدركون أن الأوضاع في بلدهم أكثر صعوبة بكثير من البلدان التي يعيشون فيها.
وتسببت الحرب في نزوح أكثر من نصف سكان سوريا، البالغ عددهم قبل الحرب 23 مليون نسمة، حيث نزح 6.2 مليون لاجئ إلى داخل سوريا، و5.5 مليون يعيشون في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، ومليون لاجئ في أوروبا، في حين عاد 250 ألف لاجئ فقط.
وغيرت الأعداد الهائلة للاجئين السوريين التركيبة السكانية في الشرق الأوسط؛ إذ بات ثلث سكان لبنان من اللاجئين السوريين، في حين هناك أكثر من 4 ملايين لاجئ يقيمون في تركيا، وما يتراوح بين 10– 20% من سكان الأردن من السوريين.
لن نعود حتى تستقر الأوضاع.. الوطن غالٍ والحياة كذلك غالية
يقول عمار حسن، 34 عاما، لاجئ سوري، مؤتمر دمشق الذي يدعو لعودة اللاجئين السوريين لا يمثل شيئا لنا، فلن نعود لنعتقل أو نسجن أو نعيش بلا خدمات أساسية، فالأوضاع في البلدان التي يعيش بها اللاجئون السوريون سيئة إلى حد ما وتختلف من دولة إلى أخرى ولكن تبقى أفضل من اللا حياة في سوريا.
وأضاف: أحلم بالطبع بالعودة إلى وطني، ولكن أنا عايش حاليًا في مصر، دون معاناة فالأوضاع مستقرة وفرص العمل ومشروعات السوريين ناجحة، الأسعار مرتفعة بعض الشيء مقابل الرواتب، ولكن نجد مسكنا ومأكلا ومشربا وعلاجا وتعليما أيضًا، والأهم من هذا وذاك، نجد أمنا وأمانا في الشوارع.
وتابع حسن: لا يوجد مكان في العالم أفضل من الوطن، فالوطن غالٍ، ولكن الحياة أيضًا غالية؛ لذلك نطالب بالحد الأدنى من الأمان حتى نعود إلى بلادنا، فكيف يطالبني أحد بأخذ أطفالي وأسرتي إلى مناطق مشتعلة بالحروب وتعاني من نقص الخدمات بشكل دائم.
الاحتلال التركي لا يزال موجودًا والإرهاب منتشر فهل نعود لنعيش وسط هذا الجنون؟
في السياق ذاته، يقول محمد بشار، 41 عامًا، لاجئ سوري، جميعنا رأينا المؤتمر والتسريبات التي جاءت بعده ويتحدث خلالها بعض الحضور والمسؤولين عن أن المؤتمر غير واقعي فكيف نقتنع بالعودة إلى سوريا إذا ما كان القائمون على المؤتمر غير مقتنعين بذلك.
وأضاف بشار: الاحتلال التركي لا يزال متواجدًا، والجماعات الإرهابية منتشرة في كل مكان والصراعات على أشدها بين جميع الأطراف، فهل من المعقول أن نعود لنعيش وسط هذا الجنون؟.