لماذا تدخل "أردوغان" في الأزمة بين أرمينيا وأذربيجان؟.. محلل تركي يجيب

لماذا تدخل

بين مختلف القارات والأحداث، يسارع الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" لاستغلال الأحداث السياسية والخلافات بين البُلدان، لسرقة ثرواتها وفرض سيطرته وتحسين صورته أمام شعبه بعد تدهور شعبيته، وهو ما كرره بين ليبيا وتركيا والبحر الأبيض المتوسط، ليحصد فيهم فشلاً ذريعًا، ومن ثَمّ اتجه إلى أذربيجان.

الصراع بين أرمينيا وأذربيجان


استغل أردوغان الصراع الضخم حاليًا بين أرمينيا وأذربيجان، بتصريحات مثيرة بعد الاشتباكات، التي وقعت على جانبَيْ إقليم "ناغورنو كاراباخ" وسقوط طائرتين هليكوبتر تابعتين لأذربيجان، قبل أيام.
وخرج المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر جليك، بكتابة تصريحات عبر حسابه بموقع "تويتر"، قائلاً: "ندين هجوم أرمينيا على أذربيجان بشدة، عارضت أرمينيا ذات مرة ارتكاب استفزاز يتجاهل القانون، ستقف تركيا إلى جانب أذربيجان.. أرمينيا تلعب بالنار، وتعرض السلام الإقليمي للخطر".


كما أدان المتحدث باسم الرئاسة التركية، "إبراهيم كالين"، ما فعلته أرمينيا عبر "تويتر" أيضًا، حيث كتب: "أرمينيا انتهكت وقف إطلاق النار بمهاجمة المستوطنات المدنية. يجب على المجتمع الدولي أن يتدخل ويأمر فورًا بوقف هذا الاستفزاز الخطير".


فيما أدلى وزير الدفاع التركي، "خلوصي آكار"، بتصريحات أدان فيها ما أسماه الهجوم الأرمني، مؤكدًا وقوف بلاده إلى جانب أذربيجان في الدفاع عن وحدة أراضيها، معتبرًا أن موقف أرمينيا العدواني أكبر عقبة أمام السلام والاستقرار في القوقاز.


وقبل ساعات، طالب الرئيس التركي، "رجب طيب أردوغان"، أرمينيا بإنهاء "احتلال" منطقة "ناغورنو كاراباخ" التي تتنازع عليها مع أذربيجان، بعد احتدام القتال لليوم الثاني على التوالي بالصراع المستمر منذ عقود في منطقة القوقاز.


وقال أردوغان: إن إنهاء "احتلال" أرمينيا وانسحابها من المنطقة هو مسار العمل الوحيد الذي من شأنه إرساء السلام، مضيفًا أن "تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب أذربيجان الصديقة والشقيقة بكافة إمكانياتها".


وجرّاء تلك التصريحات التركية، أعلنت وزارة الخارجية الأرمينية، أن تركيا تزود أذربيجان بالطائرات الحربية والمسيرة، مؤكدة أن خبراء عسكريين أتراك يقاتلون جنبًا إلى جنب مع أذربيجان في منطقة "ناغورنو كاراباخ".


تفاصيل الصراع الأخير


واندلع قتال بين أرمينيا وأذربيجان، الأحد الماضي، حول منطقة "ناغورنو كاراباخ" الانفصالية، حيث قالت وزارة الدفاع الأرمينية: إنها أسقطت طائرتَيْ هليكوبتر أذربيجانيتين.


فيما قالت المتحدثة باسم الوزارة الأرمينية، شوشان ستيبانيان: إن القوات الأرمينية قصفت 3 دبابات أذربيجانية، مضيفة أن القتال بدأ الأحد بهجوم أذربيجاني، لكن أذربيجان قالت إن الجانب الأرميني هاجم وإن أذربيجان شنت هجومًا مضادًّا.


ويعتبر إقليم "ناغورنو كاراباخ" منطقة عرقية أرمينية داخل أذربيجان خرجت عن سيطرة أذربيجان منذ نهاية الحرب في عام 1994، ومعترف بها دوليًا، حيث إنه خلال تلك الحرب، قتل عشرات الآلاف وأجبر مليون شخص على هجر مساكنهم، وللجانبين وجود عسكري مكثف على طول منطقة منزوعة السلاح تفصل المنطقة عن بقية أذربيجان.


وفي مساء الاثنين، أفادت السلطات الأرمينية في "ناغورنو كراباخ" بمقتل 26 آخرين من جنودها في القتال، وهو ما يرفع إجمالي خسائرها إلى أكثر من 80، بينما قالت أذربيجان: إنّ اثنين من مواطنيها قُتلا يوم الاثنين بعد مقتل خمسة أشخاص من عائلة واحدة يوم الأحد، كما أعلنت إصابة 30 شخصًا آخرين.


وأثارت هذه المعارك، وهي الأكثر دموية منذ عام 2016، قلقًا دوليًا ضخمًا، لذلك دعت الأمم المتحدة وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة بشكل خاص إلى وقف فوري لإطلاق النار.


بينما تبادلت أرمينيا وأذربيجان الاتهامات بإشعال المواجهات الدامية، حيث أكدت أذربيجان أنها شنت "عملية مضادة" ردًّا على "العدوان" الأرمني، مستخدمة القصف المدفعي والمدرعات والقصف الجوي على الإقليم الذي خسرته منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وحرب أودت بحياة 30 ألف شخص، وباتت منطقة "كاراباخ" على إثرها خاضعة لسيطرة الانفصاليين المدعومين من أرمينيا.

تلميع لأردوغان


فيما فسر "جودت كامل"، المحلل السياسي التركي، أسباب دعم أردوغان في تلك الأزمة لأذربيجان، بأنها تأتي لعدة أهداف، على رأسها رغبته في تلميع وتحسين صورته في تركيا وأمام الشعب التركي، بعد فشله الذريع في ليبيا والبحر المتوسط وتراجعه عن تصريحاته السابقة.


وأضاف كامل أن السبب الثاني هو لاستفزاز أرمينيا التي تطالب تركيا بالاعتراف بإبادة الأرمن في الحرب العالمية الأولى وتغريمها دوليًّا، حيث إنها قضية يتم إثارتها سنويًّا، وتدعمها عدة دول منها فرنسا، وهو ما يؤرق أردوغان، فضلاً عن مساعي الرئيس التركي الحالمة باستعادة حلم السلطنة العثمانية وإيجاد موطئ قدم له بوسط آسيا.


وأشار إلى أن أذربيجان أغلب مواطنيها ذوو أصول تركية ويتحدثون اللغة التركية بطلاقة كأكثر شعب في آسيا الوسطى، موضحًا أن الأزمة بين البلدين باتهام أرمينيا بسرقة الأراضي الأذربيجانية لتندلع اشتباكات ضخمة بين البلدين يروح ضحيتها العشرات من الأفراد بل والآلاف.


وأضاف المحلل السياسي التركي أن أنقرة أعلنت استعدادها لإرسال جنود لدعم أذربيجان أمام أرمينيا، وفي حال حدوث ذلك سيتسبب في زيادة بالغة وضغوط ضخمة على الاقتصاد التركي المتهاوي حاليًا بسبب سياسات أردوغان وصهره.