هكذا يحاصر أردوغان المعارضة بدلًا من كورونا
منذ بداية تفشي فيروس كورونا عالميًا، وتتعارض تصريحات الحكومة التركية مع البيانات على أرض الواقع، وسط حالة من الارتباك في كافة مؤسسات الدولة بسبب الزيادة غير المتوقعة في أعداد المصابين ومحاولة السلطات التكتم على تلك الأعداد لضرورة فتح البلاد لاستقبال السياح لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاقتصاد المتداعي، رغم الإجراءات الاحترازية التي فرضتها السلطات التركية إلا أن الفيروس لا يزال يسجل أرقامًا كبيرة ولا تفلح معه الوسائل التي تزعم الدولة التركية اتخاذها لمحاصرة الوباء.
عناد السلطات التركية ومحاولة التكتم زادت الأوضاع سوءًا
السلطات التركية أعلنت عن تفشي وباء كورونا في البلاد في منتصف مارس الماضي، بشكل أثار شبهات عديدة حول تعمد الحكومة التكتم في محاولة لإنقاذ الموسم السياحي الذي يعتمد عليه النظام التركي في إنعاش خزائنه المتداعية؛ ما تسبب في انفجار للفيروس القاتل في كل شبر من أرض تركيا فبعد الإعلان عن الحالة الأولى وخلال شهر واحد ضرب الوباء 81 ولاية تركية.
بؤرة الوباء في تركيا اتسعت بشكل فاق أسوأ التوقعات وصنفت واحدة من بين الأسوأ في العالم -فاقت الانتشار في الصين وبريطانيا- وسط حالة من الفزع حول ارتفاع حصيلة الوفيات بشكل جنوني قد يحول تركيا إلى إيطاليا أو أميركا جديدة حيث تزامن تدهور الأحوال في تركيا مع انفراد إيطاليا بأسوأ إحصاءات على مستوى العالم.
التفشي المبالغ به أجبر الدولة التركية على الإعلان تدريجيًّا عن مدى سوء الأمور ومصارحة جزئية للشعب الذي أصابه الفزع مع امتلاء المستشفيات عن آخرها واضطراره لقضاء الحجر الطبي في المنازل، مع استمرار تدهور الأوضاع حيث أعلن وزير الصحة التركي، فجر الدين قوجة، أن إجمالي عدد الإصابات بوباء كورونا في تركيا بلغ 166 ألف حالة بزيادة 786 إصابة جديدة وعدد الوفيات أصبح 4585 بزيادة 22 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الأخيرة.
تركيا لا تزال تدفن موتاها.. والنظام يشغله اللحاق بالموسم السياحي
عدد كبير من الأطباء والخبراء لم يقتنعوا بأرقام وزارة الصحة التركية عن أعداد الوفيات -4585 حالة وفاة-؛ إذ يعتقدون أن الرقم الحقيقي قد يقترب لثلاثة أضعاف الرقم المعلن لأن تركيا لا تحصي إلا من تثبت الاختبارات إصابتهم بفيروس كورونا المستجد.
مراقبون أكدوا أن القفزات التركية في أعداد الإصابات والانتشار غير الطبيعي كشف محاولات الحكومة للتغطية على التفشي الهائل للوباء حيث تخطت الإصابات في تركيا عدد الإصابات في إيران منذ فترة واستمر الارتفاع لتسجل أعلى أعداد للإصابات في الشرق الأوسط بالكامل.
وأضافوا: منذ أيام وصلت تركيا لتسجيل ضعف عدد المصابين في الصين التي نشأ بها الفيروس القاتل، محذرين من اعتماد النظام التركي على استنتاجات متسرعة في محاولة اللحاق بالموسم السياحي خاصة أن تركيا لا تزال تدفن موتاها من ضحايا فيروس كورونا.
جهود الحكومة التركية تركزت في حصار المعارضة بدلًا من كورونا
من جانبه يقول جودت كامل، محلل سياسي تركي: إن أبرز أسباب تضاعف الإصابات وتفشي الوباء في تركيا هو انشغال النظام التركي في قضايا أخرى بعيدة تمامًا عن صحة وحياة المواطنين، فمعظم طاقة السلطات لم تذهب لمحاصرة الوباء وانتقلت من الشوارع إلى مواقع التواصل الاجتماعي ضد المواطنين وليس ضد كورونا.
وأضاف: انشغال الحكومة بالاعتقالات ومحاكمة أشخاص خرقوا القوانين التي تجرم نشر معلومات على مواقع التواصل الاجتماعي تفضح التهاون الحكومي في السيطرة على الوباء، السلطات اتهمت المواطنين المعتقلين بمحاولة نشر الذعر بشأن الوباء بدلًا من أخذ تحذيراتهم على محمل الجد.
وتابع: الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعطى أوامر بطريقة غير مباشرة لكل السلطات التركية بضرورة التركيز على المعارضة وعلى تحسين صورة الحكومة، حيث قال من قبل إن الدولة تواجه كورونا ولكن هو سيواجه "فيروسات الإعلام والسياسة"، في إشارة واضحة للسلطات بضرورة القضاء على كل من يتحدث عن تقصير الحكومة واستغلال الفيروس في تحقيق أرباح سياسية.