"أطفال اليمن".. فقدوا جميع حقوقهم وأصبحوا الأكثر بؤسًا في العالم
بلا رحمة تضرب الأزمات اليمن منذ عدة سنوات الكوارث الإنسانية أصبحت أمرًا واقعًا؛ فالمعاناة طالت الجميع بلا استثناء في اليمن ولكن أكثر المتضررين هم أطفال اليمن فالمنظمات الحقوقية والدولية أكدت بما لا يدع مجالًا للشك أن أطفال اليمن هم الأكثر بؤسًا في العالم، ويعيشون سلسلة طويلة من الأزمات أبرزها سوء التغذية وانهيار التعليم وغياب الرعاية الصحية، فلا مجال لأن يعيش أطفال اليمن في أمان واستقرار ولا يملكون الحق حتى في الحياة، وعندما يقرر العالم مساعدتهم لا تصلهم المساعدات التي تسرق على يد ميليشيا الحوثي؛ الأمر الذي أصاب من يرغب في مساعدة اليمنيين باليأس من إرسال المساعدات وبالتالي يهدد بأكبر كارثة إنسانية على مستوى العالم.
الطعام أولاً.. نصف اليمنيين لا يخشون "كورونا" بقدر خشيتهم الجوع
جريدة "الجارديان" البريطانية نشرت دراسة لها تؤكد أن أزمة الغذاء تأتي على رأس قائمة أهم أسباب معاناة أطفال اليمن، فالعائلات اليمنية وجدت نفسها مضطرة لإرسال أطفالها للعمل أحيانًا والتسول في أغلب الوقت من أجل توفير الطعام خاصةً أن معظم المدارس في اليمن خرجت عن الخدمة بلا رجعة إما بسبب الأضرار التي تعرضت لها، أو لغياب الحكومة التي تدفع رواتب للمدرسين للاستمرار في عملهم.
وخلصت الدراسة التي أجرتها لجنة الإنقاذ الدولية (IRC)، أن 62% من الذين شملهم المسح غير قادرين على شراء الطعام ومياه الشرب، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الغذاء والماء والمحروقات.
ووجدت البيانات، أن 150 عائلة يمنية في ثلاث مدن جنوبية، قلقة من الجوع أكثر من قلقها من الإصابة بفيروس كورونا، بينما وثق تقرير أجرته منظمة حقوق الإنسان اليمنية المستقلة ومركز سيسفاير لحقوق المدنيين، أن أكثر من 380 منشأة تعليمية تعرضت للتدمير بسبب الحرب في اليمن منذ مارس 2015 وحتى ديسمبر 2019.
وشكَّل ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بأكثر من 25% في العام الماضي، مصدر قلق لليمنيين الذين يواجهون صعوبة في تأمين احتياجاتهم الرئيسية من الغذاء والدواء.
ويتعرض أكثر من 3 ملايين يمني لخطر انعدام الغذاء، فيما تشير الدراسة إلى أن نصف الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية.
85% من طعام اليمنيين "مستورد".. وتفشي كورونا زاد من تفاقم أزمة الغذاء
في السياق ذاته أكدت تامونا سابادزي، رئيسة لجنة الإنقاذ الدولية، أن اليمنيين يعيشون في كابوس لا نهاية له وتزداد أحوالهم سوءًا يومًا بعد يوم، مؤكدة أن الأكثر معاناة بالطبع هم الأطفال الذين اضطروا لتحمل ديون لا يمكنهم سدادها.
وأضافت: العائلات اليمنية أيضًا تتحمل حياة لا يطيقها معظم البشر في أسوأ بقاع الأرض، فمعظمهم تثقله الديون وأصبح مضطرًا لتقليل كمية الطعام التي يتناولها بسبب الفقر، بالإضافة إلى بيع الأراضي والماشية بأسعار متدنية والعمل ليلًا ونهارًا بأجور معدومة بخلاف إرسال معظم العائلات لأطفالهم إلى الشوارع للعمل أحيانًا والتسول أحيانًا أخرى بعد أن فقدوا الأمل في وجود منظومة تعليمية من الممكن أن يلتحق بها أطفالهم.
الحرب في اليمن تسببت في تضرر أعداد هائلة وغير مسبوقة من الشعب اليمني، وأكدت الأمم المتحدة أن 80% من الشعب اليمني يحتاج لمساعدات عاجلة، وصنفت الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم.
وقال كبير مستشاري السياسات في لجنة الإنقاذ الدولية، ماركوس سكينر، إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية الذي تسبب فيه "كورونا"، كان له تأثير كبير في اليمن؛ لأن 85% من جميع المواد الغذائية يتم استيرادها، مضيفًا أن "العائلات تعيد توجيه الأموال بعيدًا عن التعليم والرعاية الصحية من أجل تناول الطعام فقط"، مضيفًا "نشهد زيادة في زواج الأطفال وتسولهم كرد فعل لنقص الطعام، ونعلم أن الأسر تقلل عدد الوجبات التي تتناولها".
التعليم في آخر قائمة اهتمامات الأسرة اليمنية.. وعمل الأطفال أصبح ضرورة
يقول محمد عمران، 44 عامًا، ميليشيا الحوثي تتعمد قصف المدارس وتدميرها في مناطق النزاع، أما عن مناطق سيطرتها فكل اهتمامها هو تمرير مناهج تحمل فكرًا متطرفًا ممتلئًا بالأكاذيب الشيعية التي يتم استيرادها من إيران.
وأضاف عمران: منذ سنوات وأنا أعمل راعيًا لبعض الأغنام التي قمت بشرائها بعد بيعي لقطعة أرض كنت قد ورثتها عن أبي، وبالفعل أصبح تعليم أبنائي في آخر قائمة اهتماماتي فالأهم حاليًا هو توفير الطعام والشراب لهم وكذلك الدواء، أما ما غير ذلك فنعتبرها أمرًا غير ضروري لاستمرار الحياة، أما ما هو ضروري بشدة فهو عمل أبنائي؛ فأطفال أو كبار من لن يعمل سيموت جوعًا وهو أمر واضح للجميع.
وتابع عمران: بالطبع كنت أحلم بتعليم أبنائي ولكن الأزمات والكوارث الإنسانية جعلت أحلامنا تتلخص في النجاة من الجوع والعطش والمرض، وغير ذلك لا يهم، انتهاكات ميليشيا الحوثي لا تتوقف على منع أطفالنا من التعليم فقط، ولكن المتاجرة بهم وتجنيدهم ووضعهم في الخطوط الأمامية في حروبها، واستخدامهم في تجارة المخدرات وأعمال السلب والنهب.. نحن نعيش كابوسًا ممتدًّا منذ سنوات ولا ندرك أين المخرج.
لا يعرفون شيئًا عن حياة الأطفال الطبيعيين.. أصبحوا رجالًا كبارًا في جسد أطفال
في السياق نفسه، أكد عمرو أبو بكر، 42 عامًا، العالم بالكامل يتحدث عن الأزمات الإنسانية غير المسبوقة في اليمن، ونقرأ ونسمع عن المساعدات التي تأتي إلينا من كل بقاع العالم، ولكن تبقى تلك المساعدات مادة إعلامية تنشر على المواقع الصحفية والقنوات الإخبارية فقط ولا نراها على أرض الواقع.
وأضاف: أكبر الأدلة على فشل المجتمع الدولي في توصيل المساعدات إلى الشعب اليمني هو عدم قدرة الأمم المتحدة على افتتاح مطار صنعاء للأمور الإنسانية، فالمعونات نادرًا ما تصل إلى من يستحقها، وتستولي ميليشيا الحوثي عليها بالكامل سواء كانت مساعدات غذائية أو دوائية أو مالية.
وتابع أبو بكر: لا نريد مساعدات دولية أو معونات من الأمم المتحدة، يكفي أن توقفوا الاعتداءات وترفعوا عنا انتهاكات ميليشيا الحوثي واتركوا البحث عن سبل الحياة والمعيشة لنا، فقط نريد الأمان لكي نستطيع أن نساعد أنفسنا.
يقول أبو بكر: أطفال اليمن لا يعرفون عن حياة الأطفال الطبيعيين حول العالم شيئًا، فهم أصبحوا رجالًا في أجساد أطفال يعملون ليلًا ونهارًا لتوفير الطعام لهم ولأسرهم، جميع أطفال اليمن أصبحوا خبراء في الأسلحة وتمييز صوت الطائرات والقصف الجوي ويحتاجون لدعم نفسي هائل لنزع الخوف من قلوبهم بعد أن فقد عشرات الآلاف منهم آباءهم وأمهاتهم وباتوا لا يدركون شيئًا عن الحياة الطبيعية والترفيهية وحتى التعليمية.