المعتقلون في تركيا.. القضبان تحاصرهم و«كورونا» يُهدِّد حياتهم
ضغوط هائلة يعيش فيها أهالي المعتقلين في تركيا والمعتقلون أنفسهم داخل السجون التركية، فأصبح هناك أمر آخر يهدد حريتهم بل ويهدد حياتهم بأكملها كل دقيقة تمر منذ أن تفشى وباء "كورونا" في العالم، حالة من الرعب تسود في سجن "شاركان" بمدينة إزمير التركية والذي يكتظّ عن آخره بمعتقلين يقبعون بلا كمامات أو مواد مطهرة بينما الطبيب الوحيد في السجن فضل سلامته الشخصية وتغيب عن الحضور وسط حالة من القمع غير مسبوقة، التوتر والخوف انتقل في كل سجون تركيا لتعمد السلطات التركية إخفاء حقيقة المصابين، ومشاهدة المعتقلين لضباط وأشخاص يرتدون زي العزل يدخلون يوميًا للسجن ويقيسون حرارة الجميع، ثم يقومون بالتحفظ على 3 أو 4 مساجين ويخرجون ولا يعودون مرة أخرى، وتعيش عائلات السجناء السياسيين حالة من الرعب خاصة المعتقلين الذين يعانون من مشكلات صحية لاسيما مع قرار تعليق جميع الزيارات العائلية في محاولة من السلطات التركية لاحتواء تفشي وباء "كورونا".
المعارضة التركية: المعتقلون يعيشون أوضاعاً مأساوية والسجون غير مؤهلة للتصدي للفيروس
المعارضة التركية كررت طلباتها للحكومة بسرعة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والسجناء الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا حفاظًا على حياتهم، وكذلك الذين يعانون من مشكلات صحية حماية لهم من الموت داخل السجون، وطالبت المعارضة الحكومة بتوفير الكمامات والمطهرات للمعتقلين حتى يتم البت في أمرهم واتخاذ قرار بتخفيف عدد السجناء بدلاً من الاكتظاظ الهائل داخل السجون، خاصة أن السجون في تركية غير مجهزة للتصدي لوباء مثل كورونا أو حتى لحجر صحي عادي، ونتيجة للتكدس داخلها تزداد احتمالية انتشار المرض بشكل قاتل للمعتقلين وكذلك للضباط والعاملين في السجون.
من جانبه، أكد "عمر فاروق جرجرلي أوغلو"، عضو حزب الشعوب الديمقراطي التركي المعارض، وعضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان التركي، أن الأوضاع داخل السجون في تركيا مأساوية للغاية، متوقعًا سقوط الآلاف من المعتقلين ضحايا للفيروس القاتل، مضيفًا، أن الأرقام التي أعلنتها وزارة الصحة حول انتشار فيروس كورونا لم تكشف عن الحجم الحقيقي للمرض بتركيا.
التكدس في السجون كارثي.. والحكومة تتباطأ في تنفيذ قانون تخفيف الأحكام
ضغوط المعارضة التركية تسببت في تسريع خطوات الحكومة التركية في تقديم قانون للبرلمان لتخفيف عقوبات السجن لإطلاق سراح ما يقترب من 100 ألف معتقل لتخفيف الأعداد داخل السجون بما يسمح بالسيطرة على الوباء.
وأكد موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن القانون الذي يشهد تباطُؤاً شديداً في إصداره ينص على تخفيف الأحكام الحالية إلى النصف، وكذلك خروج المعتقلين تحت إفراج مشروط، كما سيسمح للسجناء ممن تزيد أعمارهم عن 75 عاما والذين تبقى لهم أربع سنوات أو أقل من مدة العقوبة، بقضاء باقي المدة في منازلهم، وكذلك السجناء ممن تزيد أعمارهم عن 70 عاما وتبقى لهم أقل من عامين.
الصحيفة البريطانية أكدت أن قوات الأمن التركية اعتقلت عشرات الآلاف منذ محاولة الانقلاب المزعومة، واعترفت بوجود تكدس هائل في السجون بلغ نسبة 121%، وهو الرقم الذي رفضته المعارضة التي تؤكد أن نسبة إشغال السجون وصلت إلى 400% تقريبًا، ويجري حاليًا إنشاء أكثر من 100 سجن جديد في تركيا لاستيعاب الأعداد الهائلة التي يلقي بها أردوغان ورجاله يوميًا إلى السجون.
عدد المعتقلين تضاعف بسبب تخصيص غرف للحَجْر الصحي في السجون
تقول زوجة معتقل في رسالة لها لعضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان التركي: حضرة النائب، زوجي موجود في غرفة رقم 7 في سجن "سيليفري"، هذه الغرف من المفترض أن تسع لـ7 أشخاص لكن يوجد بها 35 شخصًا. لقد تحدثت عبر الهاتف مع زوجي، وقال لي إنه جرى تخصيص غرف للحجر الصحي داخل السجن، وبناءً عليه وزعوا المعتقلين بين الغرف حتى صارت الغرف يصل العدد بها إلى 45 شخصًا، قال لي إنها مزدحمة للغاية، كل شيء معقد للغاية.
وفي السياق ذاته، أعرب شقيق "سغالر ديميريل" البرلمانية السابقة عن حزب الشعوب الديمقراطي والمعتقلة منذ أواخر 2016، أنه زار شقيقته منذ أسبوع، ليُفاجأ بإلغاء الزيارات وصعوبة التواصل التليفوني أيضًا، مضيفًا نحن نعيش في ديار بكر، واشترينا بالفعل تذاكر طيران لزيارتها في عطلة نهاية الأسبوع. لماذا لا يسمحون بزيارات مغلقة بعد أخذ التدابير الكافية.
وتابع، أتفهم ضرورة اتخاذ إجراءات لمنع دخول الفيروس إلى السجون ولكن جميعنا نعيش في رعب بسبب سماعنا عن روايات مقلقة عن الوضع الصحي في الداخل، فمؤخراً أطلق سراح سجينتين من نفس السجن، وقالتا إن عنابر السجن غير مطهرة جيدا بما فيه الكفاية".
"كورونا" يُوقِّع حكماً بإعدام جميع المساجين مهما اختلفت التهم الموجهة إليهم
حذر السجين "ت.ا." 44 عاما، معتقل سابق في تركيا، من أنه يتوقع سقوط ضحايا بالعشرات خلال الأسبوع المقبل؛ لأنه عاش 7 سنوات في السجن ويعرف جيدًا إمكانيات السجون، من ناحية التهوية والنظافة، مضيفًا، أثناء وجودي في السجن كنا نعيش حوالي 50 فردًا في زنزانة مخصصة لـ28 شخصاً فقط، موضحًا، التنفس أمر صعب في الأيام العادية في شهور الصيف وكنا في شهور الشتاء نضطر لفتح النوافذ لنستطيع استنشاق بعض الهواء فقط.
وتابع، على مدار السنوات التي قضيتها شاهدت العديد من زملائي يسقطون بسبب أمراض مختلفة، فكانوا يُتركون أيامًا حتى يتأكد المسؤولون في السجن من صحة مرضهم، ويذهبون بهم إلى المستشفى بعد أن تتدهور حالتهم ويصعب إنقاذهم، أما عن "كورونا" فلن يترك لأحد فرصة التدهور فالأصحاء خارج السجون يموتون رغم وجودهم في المستشفى، تَفَشِّي الوباء في السجون حكم بالإعدام على جميع المعتقلين مهما اختلفت جرائمهم.