عُمال قطر يستغيثون: لا نَجِد سكنًا ولم يعد هناك طعام بالقمامة
من سنوات وملف قهر العمالة الوافدة في قطر مفتوح ولا تتوقف وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية الدولية عن فضح ممارسات النظام القطري وقمعه للعمال وخاصة العاملين في منشآت كأس العالم، يتعامل النظام القطري مع هؤلاء العمال كـ"عبيد" اشتراهم بثمن بخس ويمارس ضدهم شتى أنواع التمييز والقهر بشكل غير آدمي وحتى أجورهم التي تحملوا من أجلها التعسف القطري لا يحصل العمال عليها لفترات تتجاوز السبعة شهور الحكومة القطرية تلقي العمال دائمًا داخل مخيمات في مناطق نائية بشكل غير آدمي يعيش فيه أكثر من 10 أفراد داخل غرفة واحدة، فجاء تفشي فيروس "كورونا" ليزيد أوضاعهم السيئة سوءًا، ورغم التقارير الحقوقية الدولية إلا أن النظام القطري لا يزال يسيء للعمالة الوافدة بشكل متزايد رغم الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم.
الحكومة القطرية تضيق الخناق حول العمالة الوافدة.. وتطيح بثلثهم
استمرارًا لمسلسل الإساءة للعاملة الوافدة قررت الحكومة القطرية تخفيض رواتب الموظفين غير القطريين وتسريح عدد كبير منهم يتجاوز الثلث مع وقف منح العديد من الحوافز والامتيازات المالية الخاصة بالموظفين من غير القطريين في الدوائر والمؤسسات التابعة أو الخاضعة لوصاية النظام القطري.
وحسب تقارير إعلامية، فإن وزارة المالية القطرية خاطبت جميع الدوائر الممولة من طرف الحكومة بخفض تكلفة تشغيل الموظفين الأجانب في المؤسسات الخاضعة لوصايتها بنسبة 30% اعتباراً من تاريخ الأول من شهر يونيو الجاري.
وحث القرار الجهات الحكومية على تقليص أجور الموظفين وإنهاء خدمات بعضهم لتحقيق النسبة المطلوبة، فيما بررت الدوحة، هذه الخطوة بالظروف الاقتصادية الناجمة عن تدابير احتواء وباء فيروس "كورونا" المستجد وتأثيره القوي على الاقتصاد القطري.
وكشفت مصادر مطلعة عن وثيقة الرسالة الرسمية إلى الجهات الحكومية، مضيفة أن وزارة المالية طالبت الدوائر والمؤسسات القطرية أيضاً بوقف منح العديد من الامتيازات الوظيفية للعمال مثل الترقيات ومخصصات السفر والإجازات وتذاكر السفر مع وقف الدفعات المسبقة من مستحقات الموظفين.
نهب حقوق العمالة الوافدة طريقة النظام القطري للهروب من إفلاس شركاته
في السياق نفسه، أقدمت كبرى الشركات القطرية المدعومة من طرف النظام القطري مثل الخطوط الجوية القطرية التي كان يعمل فيها 47 ألف موظف، ومجموعة قطر للبترول على تخفيضات كبيرة في أعداد العمالة لديها.
وحسب تقديرات معهد "أكسفورد" الاقتصادي فإن قطر قد تشهد نزوح 10% من مجموع سكانها وهي موجة النزوح التي يرى الاقتصاديون أنها قد تسبب تعقيدات طويلة المدى تحد من نمو البلد وتنافسيته الاقتصادية.
مراقبون أكدوا أن خفض الوظائف وتقليص رواتب الأجانب قد يسفر عن تهديدات تضرب اقتصاد الدوحة بعمق على غرار نقص اليد العاملة وتراجع مستوى الإنفاق الاستهلاكي في بلد يشكل الأجانب 95% من القوى العاملة فيه.
وأضافوا أن انخفاض أسعار الطاقة أثر سلباً على الاقتصاد القطري الذي عانى في الوقت ذاته من تأثير تدابير الإغلاق ضمن تدابير احتواء تفشي وباء كورونا المستجد، موضحين أن الدوحة التي تسعى إلى تأمين موارد مالية لتغطية نفقات استضافتها لكأس العالم المرتقب تنظيمه في عام 2022، اتجهت إلى أسواق الدين حيث ارتفع حجم ديونها في شهر إبريل الماضي بعشرة مليارات دولار.
العمالة الوافدة تتظاهر وتحتج.. والنظام القطري يكتفي بالبيانات الإعلامية
من جانبها، أكدت منظمة العفو الدولية أن حقوق العمال في قطر ما زالت عرضة للانتهاكات، مشيرة إلى أن على الفيفا أخذ حقوق العمال في قطر على محمل الجد، مضيفة أن شركة بناء ملاعب في قطر تقاعست عن دفع رواتب عمال لأشهر، موضحة أن عمال في بناء ملاعب كأس العالم في قطر لم يتقاضوا أجورهم لمدد تتجاوز الـ7 شهور.
الأمر الذي دفع مئات العمال الأجانب في قطر إلى التظاهر والاحتجاج على عدم دفع أجورهم، وتواجه الحكومة صعوبات اقتصادية بسبب وباء كورونا المستجد وتراجع أسعار النفط، وسياسات نظام الدوحة التي ساهمت في استنزاف الاقتصاد القطري.
وأظهرت صور تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات الأشخاص يغلقون، طريقا رئيسية في حي "مشيرب" في الدوحة على مرأى من عناصر الشرطة، وقالت وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، في بيان لها نشرته لتهدئة المنظمات الحقوقية الدولية، إنها "فتحت تحقيقًا فوريًا في واقعة تأخر دفع أجور عدد من العمالة الوافدة الذين تجمهروا".
وأكد مراقبون أن قطر لا تزال تضرب أسوأ الأمثلة في معاملة العمال الوافدين على أراضيها، وتركت الباحثين عن الرزق فريسة لفيروس "كورونا" ، ودائما ما كانت مخيمات العمال الوافدين في قطر محل انتقادات جماعات حقوق الإنسان بسبب تكدسها وسوء الأوضاع المعيشية فيها.
وانتقدت منظمة العفو الدولية في وقت سابق تعريض الحكومة القطرية آلاف العمال والمهاجرين في المنطقة الصناعية بالعاصمة الدوحة لخطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
وُعود الإصلاح للاستهلاك الإعلامي.. وحياتنا لا تقبل بها الحيوانات
يقول "م،ش" 30 عامًا، أحد عمال منشآت كأس العالم في قطر: سمعنا مرارًا وتكرارًا وُعودًا من الحكومة القطرية بشأن إصلاح الأوضاع المعيشية لنا، ولكن أدركنا أن تلك الوعود للاستهلاك الإعلامي فقط ولتحسين صورة النظام والدولة، نعيش حياة ترفضها الحيوانات ولا نحصل على حقوقنا ونشعر بالندم على مجيئنا إلى هذه البلد.
وأضاف، ما يجبرنا على البقاء هي المبالغ الضخمة التي قمنا بدفعها مقابل حصولنا على عمل في قطر بعد الوعود الوردية، وعندما جئنا إلى هنا تفاجأنا بالواقع المرير، وكل ما نتمناه أن نحصل على مستحقاتنا ونعوض ما قمنا بإنفاقه للوصول إلى هنا ثم نعود إلى بلادنا أو لأي بلد يحترم البشر وحقوقهم.
وتابع، مهما حاولنا وصف مدى سوء الأحوال لن ننجح في تصوير الانتهاكات، فنحن نعيش أكثر من 10 أشخاص في غرفة واحدة، ونحصل على طعام قديم وسيئ وقليل فقط لنبقى أحياء ونعمل، صاحب العمل صادر جوازات سفرنا في لحظة وصولنا إلى قطر ليمنعنا من التفكير في العودة، وحتى الرواتب تفاجأنا بأنها تختلف تمامًا عما قيل لنا أثناء سفرنا من بلادنا إلى إمارة الظلم.
وأوضح أن منذ تفشي فيروس "كورونا" وأصبحت الحياة في المخيمات لا تطاق، فالعمل لم يتوقف ولا أحد يحترم خوفنا من الإصابة بالفيروس ولا أحد يرحمنا، فالعالم بالكامل يطبق التباعد الاجتماعي ونحن ما زلنا نقيم 10 أشخاص في الغرفة الواحدة.
وتابع، معظمنا يعاني من أمراض مزمنة وسوء تغذية ومناعتنا لن تستطيع الصمود أمام فيروس "كورونا" الذي نجح بالفعل في القضاء على العشرات منا بعد أن أصيب الآلاف دون أي رعاية صحية.
الرعاية الصحية لـ"القطريين" فقط.. ونتعامل كمجرمين دون سبب واضح
في السياق ذاته، يقول "س،ج" 28 عامًا: النظام القطري يتعامل معنا وكأننا لسنا بشراً، يطالبنا بالعمل في ظروف غير إنسانية فرغم تفشي وباء "كورونا" إلا أن وتيرة العمل كما هي، وعدم صرف الأجور أيضًا كما هو.
وأضاف، وحتى أدوات الوقاية الصحية لا توفرها الدولة، ولا نجدها في الأسواق فالصيدليات لا تبيع للوافدين وتوفر الخامات فقط للقطريين، وحتى إذا وجدنا مكانًا يبيع الكمامات والمطهرات فمن أي مال نستطيع شراءها ونحن لم نتقاضَ أجورنا منذ 7 شهور، لذلك يضطر معظمنا إلى استخدام قطع قماش بالية نضعها على أنوفنا وأفواهنا لتقليل احتمالات الإصابة.
وتابع، نرى بأعيننا كيف تعامل الحكومة القطرية البشر أو من تصنفهم وتراهم (بشرًا) من مواطنيها أو من أصحاب الجنسيات الهامة، فلهم إجازات وحقوق ولا يعملون في أوقات ارتفاع الحرارة ويتقاضون رواتب ضخمة وتصرف في أوقاتها، أما نحن فلا أجر ولا طعام ولا راحة وكأنهم يروننا عبيدًا امتلكوا أرواحهم.
وأضاف، أحاول العودة إلى بلادي منذ 3 سنوات ويرفض صاحب العمل إعطائي جواز سفري، شعرت باليأس وقررت التخلي عن مستحقاتي المالية لكي أنجوا بحياتي ولكن حتى هذا لا أستطيع تنفيذه، القرار اتخذته بعدما مات أقرب أصدقائي بسبب "كورونا" دون مساعدة طبية حيث كان يعاني من إجهاد عامّ بسبب استهلاك طاقته في العمل ومشكلات في التنفس فجاءت إصابته بالفيروس لتقضي عليه وعلى أحلامه وطموحاته في العودة لأبنائه ببضعة دولارات يومًا ما.