بعد أسبوع من «كارثة بيروت»..لبنانيون: لا نثق في الطبقة الحاكمة

بعد أسبوع من «كارثة بيروت»..لبنانيون: لا نثق في الطبقة الحاكمة
صورة أرشيفية

رغم مرور أسبوع منذ انفجار مرفأ بيروت إلا أن آثاره ونيرانه لا تزال تشتعل في صدور اللبنانيين فالأيام السبعة زادت من غضب الشعب الذي استفاق تدريجيًا من صدمة الانفجار ليجد عشرات الآلاف مشردين في شوارع بيروت دون منزل وآخرين يقفون أمام المستشفيات ينتظرون دورهم للحصول على العلاج وأما باقي اللبنانيين فينتظرون نتيجة انهيار صوامع القمح الموجودة في المرفأ وما يصاحبها من تداعيات قد تصل إلى حد المجاعة كما أكد مراقبون، الاحتجاجات ضربت طول لبنان وعرضها وطالبت بإسقاط الطبقة الحاكمة وحساب المسؤولين عن توالي الأزمات على لبنان والتي يرجع أسبابها جميعًا للإهمال والفساد في كل شبر من أرض ما كان يسمى بـ"سويسرا الشرق".
 
مخاوف شعبية من أزمة غذائية تهدد اللبنانيين بمجاعة غير مسبوقة


وأتت هذه التطورات في ظل أزمة غذاء خانقة يعيشها لبنان بعد دمار المرفأ، حيث أبدى المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ديفيد بيزلي، الاثنين، قلقه من نفاد الخبز من بيروت خلال أسبوعين ونصف.


وقال: "قلق للغاية من نفاد الخبز في لبنان، لأن 85% من الحبوب تأتي عبر مرفأ بيروت المدمر"، إلا أنه يعتقد أنه يمكن تشغيل منطقة من الميناء هذا الشهر.


وأشار بيزلي، الموجود في بيروت لتقييم الأضرار وآفاق التعافي، إلى وجود موطئ قدم في المرفأ يمكن العمل عليه بصفة مؤقتة، مضيفًا أنه بالعمل مع الجيش اللبناني، فمن الممكن أن يتم تطهير جزء من ذلك المدمّر لنقل بعض المعدات جوا.


خاصة أن الشهور الماضية وقبل كارثة المرفأ كانت السلطات اللبنانية تحذر من أزمة غذاء قادمة بالفعل بسبب الأزمة المالية الحادة التي يعيشها لبنان وكذلك تداعيات تفشي فيروس كورونا.


الحكومة اللبنانية أكدت قبل كارثة المرفأ أن عددا كبيرا من اللبنانيين يجدون صعوبة في توفير ثمن الخبز، داعين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لإنشاء صندوق استثنائي لمساعدة الشرق الأوسط على تجنب أزمة حادة، محذرين من أن الجوع قد يتسبب في موجة جديدة من الهجرة إلى أوروبا وهو ما يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بالكامل.


مراقبون أكدوا أن الشهور الماضية في لبنان شهدت ارتفاع أسعار المواد الغذائية المستوردة لأكثر من ضعفين منذ بداية 2020، وما يزيد الأمر صعوبة هو أن لبنان يستورد أكثر من 50% من احتياجاته الغذائية من الخارج، وهو ما تسبب في احتجاجات دافعها الرئيسي الجوع قبل شهور بعد أن توقف عدد كبير من اللبنانيين عن شراء اللحوم والفاكهة والخضروات ووجد معظمهم أزمة في تحمل ثمن الخبز.
 
توالي الكوارث أجبر المسؤولين على تقديم استقالتهم.. ولكن الأزمات مستمرة


شرارة التظاهرات انطلقت في وسط بيروت لتظهر الغضب المشتعل في صدور اللبنانيين، وبدأت الاحتجاجات بتوافد المحتجين على مبنى مجلس النواب، مطالبين برحيل الرئيس اللبناني ميشال عون، وحكومة الدكتور حسان دياب، ومجلس النواب الحالي، والذي أعقبها استقالة عدد من النواب والوزراء في وقت لاحق.


بينما سقطت حكومة حسان دياب، مساء الاثنين، على وقع الشارع الغاضب الذي رفضها منذ تشكيلها، بعد أشهر من معارضة سياساتها وانتقاد طريقة إدارتها لمختلف القضايا.


وجاء انفجار مرفأ بيروت، الذي وصف بـ"الجريمة الكبرى"، ليفرض واقعا جديدا دفع دياب للاستقالة، وفرض على القوى التي سمته التخلي عنه في اللحظات الأخيرة بعد ضغط هائل من الشارع، يضاف إلى الضغط الخارجي والضغط الإعلامي.


المتظاهرون الغاضبون من هول كارثة بيروت، عبروا بوضوح أن "هذه الاستقالة يجب أن يتبعها تغيير جذري في النظام السياسي على الفور"، وقالت حركة لِحقي السياسية إن "الشرعيّة سقطت عن كافة أركان المنظومة وحان الوقت لبناء نظام جديد عادل ومنحاز للناس".


ولفتت في بيان عقب استقالة الحكومة إلى أن "حكومة دياب سقطت بعدما رفضها الشارع منذ تشكيلها، معلنةً بذلك فشلًا إضافيًّا لهذه المنظومة الحاكمة والفاشلة بكلّ أوجهها، من رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب ومعهم أركان المحاصصة وأيّ حكومة يكلّفونها".


وقال البيان "إنّ أيّ خطوة نحو المحاسبة والمساءلة وأيّ خطة لانتشال لبنان من أزماته المتعدّدة، تفرض إسقاط هذه المنظومة الفاقدة للشرعية واستلام الناس للسلطة".
 
نيران الغضب لم تطفئها استقالة الحكومة والشعب فقد الثقة في الطبقة الحاكمة بالكامل


يقول، مارسيل هادي، 34 عاما، المجتمع الدولي مارس ضغطًا على الحكومة اللبنانية وأجبرها على الاستقالة وننتظر منه مضاعفة المجهودات لإنقاذ الأوضاع المتأزمة في لبنان، فالاستقالة غير كافية لحل الأزمات التي تحتاج لتدخل عاجل ومساعدة دولية فالحكومة الحالية المكلفة بتصريف الأعمال ستطول مدة بقائها بسبب تكدس الأزمات، بالإضافة لاحتمالات قوية بوقوع اضطرابات جديدة في محاولة من الشارع اللبناني لمواصلة الضغط على الطبقة الحاكمة التي فقدت ثقة الشعب اللبناني.


وتابع مارسيل، النار لا تزال موجودة أسفل رماد استقالة الحكومة وقد تشتعل مجددًا بشكل أكبر من السابق إذا ما طال وقت تشكيل الحكومة وحل الأزمات الحالية ومحاسبة المسؤولين عن الكوارث السابقة، فاللبنانيون لن يسمحوا لنفس الطبقة الحاكمة التي تسببت في الوضع الكارثي الحالي للبنان بالعودة إلى الحكم أو بحماية رجالها.


وأضاف، لبنان يحتاج لنظام نقدي جديد فنحن فقدنا الثقة في الحكومة وما يأتينا منها، اللبنانيون أدركوا أن الاعتماد كليًا على الدولار أكثر أمانًا من الارتباط بالليرة اللبنانية فإحدى الدول الإفريقية – زيمبابوي – فعلت ذلك واعتمدت بشكل كامل على الدولار لمدة عشر سنوات من 2009 حتى 2019 إلى أن أصدرت عملتها الجديدة، فالشعب اللبناني شعر بأمان أكثر عندما لجأ إلى المقايضة وبدأ تجميد ممتلكاته في شكل سلع ذات ثقة مثل الذهب.


موضحًا أن الخبراء تحدثوا من قبل عن العملات الرقمية كبديل للعملات التقليدية وأنها تمثل وسيلة آمنة للتداول في ظل الفساد المتفشي وهذا ما حدث في عدة دول مثل قبرص وأوكرانيا والسلفادور.
 
الشعب اللبناني لن يسمح للفاسدين بالقيادة.. والمساعدات الدولية قد تهدئ الأوضاع


في السياق ذاته، يقول عماد شريف، 40 عاما، إن استقالة حكومة حسان دياب خلال الساعات الماضية خففت بشكل كبير من حجم الغضب المتزايد في لبنان، الشعب الآن يريد حلولا عاجلة للأزمة الاقتصادية التي تزداد صعوبة في كل يوم يمر.


وأضاف، الشارع اللبناني قد يعود إلى الاحتجاجات في أي لحظة إذا تأخرت الحلول الاقتصادية، وننتظر أن نرى عمل حكومة الإنقاذ الجديدة خلال الشهور القادمة، خاصة أن  إعادة تشكيل السلطة في لبنان أصبح ضرورة ملحة.


 وتابع، لا بد من خارطة طريق للوصول إلى هذا الهدف تبدأ بالاستماع لصوت الشعب مرورا بمنع محاولات إسقاط المؤسسات الدستورية بالكامل في يد الهيمنة الإيرانية، موضحا أن الانتخابات تحتاج لمسار دستوري يبدأ بتقصير ولاية المجلس وبالقانون الانتخابي.


وأشار شريف إلى أن الشعب اللبناني لن يسمح لنخبة فاسدة بأن تقوده إلى ما هو أبعد من القاع الذي يقبع الجميع به حاليًا، فالجماهير الغاضبة تعتقد أن المساعدات الدولية قد تخفف قليلًا من غضبها ولكنها تدرك في الوقت نفسه أن المساعدات ليست دائمة ويجب إعادة ترتيب الأوراق من الداخل للعبور بلبنان من عنق الزجاجة.