مَن هو "صلاح بادي" قائد ميليشيات الوفاق ومُخترِق إعلان الهدنة الأول في ليبيا؟
بعد ساعات قليلة من إعلان اتفاق القاهرة بين الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" والقائد العامّ للجيش الليبي المشير "خليفة حفتر" والمستشار "عقيلة صالح" رئيس مجلس النواب الليبي، الذي وجهوا فيه صفعة قوية للأطراف الإرهابية المتداخلة في طرابلس، على رأسهم حكومة "الوفاق" التي سقطت عنها الشرعية، بينما سارعت لإنعاش الميليشيات واختراق الهدنة سريعًا.
سارعت حكومة الوفاق في ليبيا إسناد مهمة مهاجمة مدينة سرت للإرهابي المدعوم من تركيا وقطر والإخوان "صلاح بادي"، حيث ظهر في مقطع فيديو جديد يقود تلك العمليات العسكرية على رأس مجموعة مسلحة، يزعم سيطرتها على محطة "البخارية" بمدينة "سرت" ، ويتوعد بمهاجمة قوات الجيش في قلب المدينة.
فيما نفى الجيش الليبي سيطرة قوات "الوفاق" المدعومة من تركيا على سرت، وأعلن أن قواته استطاعت صد الهجوم الشامل الذي شنته بإسناد من الطائرات المسيّرة التركية.
مَن هو "بادي"؟
ولد "صلاح بادي" في 23 مايو 1957، بمدينة "مصراتة"، لأسرة ذات أصول تركية، وعمل معلمًا بأكاديمية الدراسات الجوية، ثم أصبح ضابط عمليات بالسلاح الجوي، كما خدم في البرلمان السابق بطرابلس، إبان حكم الراحل "معمر القذافي"، حيث كان مقربًا من السلطة وقتها.
علاقته بقطر
مع اندلاع الثورة الليبية عام 2011، انقلب "بادي" على النظام، وهرع إلى "مصراتة" راكضًا نحو أحضان جماعة الإخوان الإرهابية، وشكل ميليشيات لمحاربة نظام القذافي، بدعم ضخم من قطر، لتنفيذ عدة عمليات ضد الجيش الليبي.
كان من بين الذين تولوا مهمة دفن جثمان القذافي، حيث ظهر في مقطع فيديو بجوار الجثة متوعدًا المعارضين له بنفس مصير الرئيس الراحل، وعقب ذلك قاد عدة عمليات لبسط سيطرته من خلال ميليشياته التي أسماها "لواء الصمود" وميليشيا المرسي، لبسط سيطرته على مدن ليبية، وهو ما ساعده في توطيد نفوذه داخل الإخوان، ليدفع بنفسه إلى الترشح على رأس قوائم التنظيم الإرهابي لعضوية المؤتمر الوطني وبالفعل يفوز بها، بدعم قطري جديد، لتنفيذ المخططات العسكرية، من خلال إضفاء الشرعية على تلك الميليشيات.
وبدعم قطري أيضًا، خرج "صلاح بادي"، في مقطع فيديو، يدعو فيه جميع المواطنين إلى الخروج، لمنع هجوم الجيش الليبي وطرد البعثة الأممية، ووصفها "بالبعثة المشؤومة"، بينما كان متجهًا من "مصراتة" إلى "طرابلس"، على رأس إحدى الكتائب المسلحة.
وفي ديسمبر الماضي، ظهر عَبْر قناة "فبراير" الإخوانية، بفيديو آخر، ليُوهِم الليبيين أن الميليشيات قادرة على التصدي للجيش الوطني، حيث يأمر "لواء الصمود" باستكمال الأعمال الإجرامية في مشهد سينمائي مبتذل، بينما يستخرج من سيارته سلاحًا آليًا، ويطلق رصاصات معدودة.
"بادي" وتركيا
في إبريل الماضي، دفعت تركيا بمساندة قطر، بزعيم ميليشيا "لواء الصمود"، المعروف بكونه ذراع الإخوان في ليبيا، إلى ساحة طرابلس، لجمع الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية، ومواجهة الجيش الليبي.
وعقب فترة وجيزة، دفعت به أنقرة مجددًا في الأشهر الماضية لدعم مخططاته مع السراج للاستيلاء على طرابلس، وتنفيذ العديد من العمليات التركية والقطرية القذرة بالبلاد للاستيلاء عليها وفرض سيطرة الإرهاب.
سِجِلّ إرهابي أسود
له تاريخ أسود من الجرائم والفظائع التي ارتكبت في حق الليبيين، حيث قاد معارك ضخمة لإبقاء المؤتمر الوطني العامّ في السلطة خارج نطاق تفويضه عام 2014؛ وعملية تدمير المطار الدولي الرئيسي في طرابلس إبان ذلك الوقت، ما تسبَّب في خسائر أكثر من 2 مليار دولار.
كما نفذ مجزرة "غرغور" عام 2013، التي راح ضحيتها 56 شخصًا، فيما أُصيب 458 آخرون، وقاد أيضًا هجمات الميليشيات والمعروفة باسم "فجر ليبيا"، عام 2014، ضد الجيش والمواطنين، بجانب رعايته لجرائم وانتهاكات كالاغتصاب وغيرها طالت مدينة "مصراتة" التي ينحدر منها، وتم بالفعل تهجير المدينة بأكملها واعتقال كل شبابها وقتل مَن يعترض على ترك منزله.
وفي سبتمبر 2018، قاد معركة سقط فيها الآلاف، حيث استخدم صواريخ جراد المدمرة في مناطق مكتظة بالسكان، وتحالف مع اللواء السابع ترهونة، وعمل على تهجير أعالي "تاروغاء" واقتحم مدينة بني وليد وشن مجازر على أهلها عام 2012، وتولى اقتحام العاصمة طرابلس عامَيْ 2017 و2018، ليتولى حاليًا تنفيذ الهجمات ضد المعارضين لحكومة الوفاق الوطني.
قائمة الإرهاب
في نوفمبر 2018، أدرجته وزارة الخزانة الأميركية، في قائمة الإرهاب لديها، بتهمة زعزعة الأمن في ليبيا، وفرضت عليه عقوبات من قِبل مكتب وزارة الخزانة لمراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، مؤكدة أنه تسبب في اشتباكات عنيفة بجنوب العاصمة الليبية طرابلس، وتورط في المشاركة بأعمال أو سياسات تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في ليبيا، بما في ذلك توفير الأسلحة أو الموادّ ذات الصلة.
وأكدت أميركا أن ميليشيات لواء الصمود شنت هجمات طويلة على العاصمة الليبية، وعطلت السلام، لذلك يجب التصدي له سريعًا، كما أعلنت بريطانيا وفرنسا، دعمهما لتمرير قرار يفرض عقوبات على الإرهابي "صلاح بادي" المدعوم من تركيا، منها تجميد أرصدته ومنعه من السفر.