كشفتها صورة مؤلمة.. الاحتجاز والتعري أسلحة جديدة يستخدمها الجيش الإسرائيلي في جباليا
كشفتها صورة مؤلمة.. الاحتجاز والتعري أسلحة جديدة يستخدمها الجيش الإسرائيلي في جباليا
في مشهد يعكس واحدة من أبشع فصول الصراع الدائر في غزة، أظهرت صورة نشرتها شبكة "سي إن إن" الأمريكية حشداً من الفلسطينيين الفارين من جحيم القصف الإسرائيلي في مخيم جباليا شمال القطاع، الصورة، التي وثقت لحظة ألم جماعية لأكثر من 200 شخص، معظمهم من الرجال، وبعضهم كبار السن والجرحى، قدمت للعالم وجهاً جديداً للمعاناة اليومية التي يعيشها سكان القطاع المحاصر، هؤلاء الرجال أجبروا على خلع ملابسهم، وتُركوا جالسين في العراء لساعات طويلة تحت سماء جباليا المدمرة، إن هذه اللحظة لم تكن مجرد لقطة في صراع طويل، بل كانت شاهداً على الوحشية التي يتعرض لها المدنيون في ظل القصف الإسرائيلي، وتجسيداً لمستوى الانتهاكات المستمرة التي تتعرض لها حقوق الإنسان في هذا الصراع المتصاعد.
*مدينة تحت النيران*
جباليا، التي كانت تعتبر واحدة من أكبر مخيمات اللاجئين في قطاع غزة، تحولت إلى ميدان قتال مفتوح منذ أن كثفت القوات الإسرائيلية هجماتها البرية على شمال القطاع. هذه العمليات ترافقت مع أوامر إخلاء متكررة، حيث ألقت القوات الإسرائيلية منشورات تحذر السكان بضرورة مغادرة منازلهم فوراً.
إلا أن الخروج من المنطقة لم يكن آمناً كما تدعي إسرائيل، كثير من الذين حاولوا الهروب، كما توضح الصورة الشهيرة التي نشرتها "سي إن إن"، تعرضوا للاستهداف سواء بالقتل أوالاحتجاز والإهانة، بل وحتى التعذيب النفسي.
الصور تكشف عن مجموعة كبيرة من الرجال، بعضهم في ملابس داخلية، يجلسون على الأنقاض، في ظل غياب تام لأي مظاهر إنسانية، وفقًا لشهادات أدلى بها الناجون، فقد تم احتجازهم لساعات طويلة في ظروف قاسية، بينما كانوا يحاولون الفرار من جحيم الحرب.
*شهادات من الناجين*
مهند خلف، أحد الأشخاص الذين ظهروا في الصورة، تحدث لشبكة "سي إن إن" عن تجربته القاسية، قائلاً إنه وزوجته وابنه الرضيع كانوا يحاولون الهروب من جباليا عبر ممر آمن.
لكن بدلاً من الوصول إلى بر الأمان، وجدوا أنفسهم محتجزين من قبل القوات الإسرائيلية. "تم احتجازنا في مكان واحد لمدة خمس ساعات تقريباً".
في البداية، سمحوا للنساء والأطفال بالمغادرة، ولكن بمجرد مغادرتهم، أمرونا نحن الرجال بخلع ملابسنا والبقاء فقط بملابسنا الداخلية، جلسنا في البرد لساعات طويلة، وكانوا يسخرون منا ويلتقطون لنا الصور.
خلف يضيف أن الجنود الإسرائيليين لم يكتفوا بالاحتجاز والإهانة، بل قاموا بتوثيق تلك اللحظات بتصوير المدنيين المحتجزين في أوضاع مهينة، وبالرغم من أن بعض الرجال تم إطلاق سراحهم لاحقاً، إلا أن تجربة الاحتجاز تركت أثراً نفسياً عميقاً.
*الطفلة جوري: شاهدة على المعاناة*
إحدى اللحظات الأكثر إيلاماً في الصورة هي ظهور طفلة صغيرة تُدعى جوري أبو ورد، البالغة من العمر ثلاث سنوات ونصف، كانت تُحاول مع والدها الهروب من جباليا.
جوري كانت تركب دراجتها الصغيرة عندما تم احتجازها مع والدها عند نقطة تفتيش إسرائيلية، والد الطفلة، محمد أبو ورد، روى لشبكة "سي إن إن" أن الجنود أجبروه على خلع ملابسه، بينما بقيت ابنته بجواره طوال ساعات الاحتجاز. ورغم أن الجنود لم يطلبوا من الطفلة خلع ملابسها، إلا أنها ظلت تشاهد والدها في هذا الوضع المهين.
هذه اللحظة تعكس واقعًا مريراً يعيشه الأطفال في غزة، حيث لا تقتصر الحرب على الكبار فقط، بل تمتد لتشمل حتى الأطفال الذين أصبحوا جزءاً من هذا الكابوس اليومي.
*دمار مستمر ونقص إمدادات*
مع استمرار الحصار الإسرائيلي على شمال غزة، تتفاقم الأوضاع الإنسانية يوماً بعد يوم، فبالإضافة إلى القصف المستمر، يعاني السكان من نقص حاد في الموارد الأساسية مثل الغذاء والمياه النظيفة والأدوية، تشير التقارير إلى أن ما يقرب من 42 مليون طن من الركام تغطي أجزاء واسعة من جباليا، مما يجعل عمليات الإغاثة شبه مستحيلة.
الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية حذرت مراراً من أن الوضع الإنساني في غزة قد يصل إلى مستويات كارثية، إذا لم يتم التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار.
ومع ذلك، تواصل القوات الإسرائيلية عملياتها في إطار ما تقول إنه "تفكيك لبنية حماس التحتية"، بينما يدفع المدنيون الثمن الأكبر في هذا النزاع المستمر.
*الانتهاكات وغياب المحاسبة*
ورغم الدعوات الدولية المتكررة لوقف هذه الانتهاكات، إلا أن الجيش الإسرائيلي استمر في استخدام نفس التكتيكات بحق المدنيين، وعلى الرغم من أن الجيش اعترف بعمليات الاحتجاز والتفتيش، إلا أنه لم يقدم أي تفسير حول السبب وراء تعرية هؤلاء الرجال وإهانتهم، حيث رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الموقف الذي تم التقاطه في الصورة، فقد اعترف بأنه كان يحتجز الناس ويفتشهم بشكل روتيني كجزء من عملياته القتالية في غزة. كما ذكرت "سي إن إن".
ولم يعلق الجيش على سؤال للشبكة الأمريكية حول كبار السن والجرحى، وكذلك الطفلة، الذين شوهدوا في الصورة.
التجاهل المتعمد لأوضاع كبار السن والجرحى في هذا النزاع يمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية وحقوق الإنسان.
ورغم وجود كاميرات التوثيق والشهادات الحية، إلا أن المجتمع الدولي يظل عاجزاً عن اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذه الجرائم.