تحذيرات دولية لإسرائيل: لا تُغلقوا شرايين الاقتصاد الفلسطيني
تحذيرات دولية لإسرائيل: لا تُغلقوا شرايين الاقتصاد الفلسطيني
كشفت تقارير حديثة عن تصاعد المخاوف الدولية من الإجراءات التي يتبناها وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، والتي قد تؤدي إلى انهيار الاقتصاد الفلسطيني، في رسالة شديدة اللهجة بعثت بها وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين وسبعة من نظرائها الغربيين إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حذروا من أن سياسات سموتريتش قد تتسبب في تداعيات خطيرة ليس فقط على الفلسطينيين، ولكن أيضًا على استقرار المنطقة وأمن إسرائيل، تأتي هذه التحذيرات في ظل أزمة مالية تهدد النظام المصرفي الفلسطيني، وسط تردد سموتريتش في الموافقة على تمديد التفاهمات المالية بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية.
*التداعيات الاقتصادية المحتملة*
تواجه الضفة الغربية أزمة اقتصادية محتملة قد تصل إلى حد انهيار النظام المصرفي، إذا رفض سموتريتش تمديد التفاهمات المالية التي تتيح التعاون بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية.
بدون هذا التمديد، ستتوقف العلاقات المصرفية التي تسهم في تسهيل تجارة تصل قيمتها إلى أكثر من 13 مليار دولار سنويًا؛ مما سيضر بالاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي.
وقد حذرت الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية من أن هذا القرار قد يعمق الأزمات الاقتصادية في الضفة الغربية، ويعزز عدم الاستقرار الأمني.
*رسالة يلين والتحذيرات الغربية*
في رسالة مشتركة أرسلت إلى نتنياهو في 25 أكتوبر، شددت يلين ووزراء من اليابان وكندا والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وهولندا وأستراليا وفرنسا على أن السياسات المالية الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية تشكل خطرًا ليس فقط على الاقتصاد الفلسطيني، بل على أمن إسرائيل نفسه.
وأوضحوا، أن انهيار الاقتصاد الفلسطيني قد يؤدي إلى زيادة نشاط الحركات المسلحة، وبالتالي تعريض أمن المنطقة بالكامل للخطر في وقت حساس.
*المخاوف من تداعيات أكبر*
التحذيرات التي تضمنتها الرسالة لم تقتصر على الجانب الاقتصادي، بل تناولت أيضًا التداعيات الأمنية، انهيار النظام المصرفي الفلسطيني سيؤدي إلى تعطيل تحويل الأموال من المانحين الدوليين الذين يدعمون السلطة الفلسطينية.
هذه التدفقات المالية تمثل شريان حياة للاقتصاد الفلسطيني، وإذا توقفت، فإن السلطة الفلسطينية قد تواجه انهيارًا ماليًا يدفعها نحو فقدان السيطرة على أجزاء من الضفة الغربية؛ مما سيفتح المجال أمام مزيد من الفوضى والعنف.
*الرد الإسرائيلي والمخاطر السياسية*
رغم التحذيرات الدولية، ما تزال إسرائيل تتبنى موقفًا غير واضح بشأن هذه القضية، حيث يُعتبر سموتريتش من أكثر السياسيين تشددًا في الحكومة الإسرائيلية، ويصر على ضرورة اتخاذ خطوات صارمة لضمان عدم تمويل "الإرهاب" الفلسطيني من خلال البنوك.
وقد قدم سموتريتش مطالب للبنوك الفلسطينية لمنع تحويل الأموال إلى الفصائل المسلحة، وهي مطالب تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على تلبيتها.
*مرحلة حرجة*
من جانبه، قال د. كريم العمدة أستاذ الاقتصاد الدولي: إن هذه الأزمة ليست جديدة، لكنها وصلت إلى مرحلة حرجة في ظل السياسات الإسرائيلية المتشددة.
وأشار العمدة في حديثه لـ"العرب مباشر"، إلى أن الاقتصاد الفلسطيني، الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة مع إسرائيل وتحويلات المانحين، قد يعاني من آثار كارثية إذا تم تنفيذ تهديدات سموتريتش.
وتابع، رغم أن الاقتصاد الإسرائيلي لن يتأثر بشكل مباشر بنفس القدر، إلا أن الاضطرابات التجارية قد تؤدي إلى تعطيل صفقات بمليارات الدولارات، وتفاقم الأزمات المالية الفلسطينية.
*ردود فعل دولية ومحلية*
تتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل للتراجع عن هذه السياسات، حيث حذرت ثماني دول كبرى من أن قطع العلاقات المصرفية مع البنوك الفلسطينية سيكون له تأثيرات كارثية على استقرار المنطقة.
وفي الوقت ذاته، يشير محللون إلى أن هذه السياسات قد تكون جزءًا من استراتيجية الحكومة الإسرائيلية لتشديد الحصار على السلطة الفلسطينية ودفعها نحو مزيد من العزلة، وهو ما يعكس تصاعد نفوذ الجناح اليميني المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية.
*التحذيرات الأوروبية*
من جانبها، أعربت جهات أوروبية عن قلقها الشديد من هذا القرار، وأكد الاتحاد الأوروبي أن هذه الخطوة تخالف القوانين الدولية التي تلزم إسرائيل، كقوة احتلال، بضمان تدفق الأموال والموارد إلى الأراضي الفلسطينية.
وأكد مراقبون، أن تنفيذ هذه السياسة سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، وربما يقود إلى سيناريو مشابه لما يحدث في قطاع غزة، حيث تصاعدت أنشطة الجماعات المسلحة نتيجة الحصار الاقتصادي.
في حال عدم استجابة إسرائيل للتحذيرات الدولية، فإن الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية قد يشهد انهيارًا تدريجيًا.
يقول د. محمد زكي، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية: إن هذا التوجه يمثل خطوة بالغة الخطورة، قد تدفع بالضفة الغربية نحو مزيد من الفوضى، وتضعف السلطة الفلسطينية بشكل لم يسبق له مثيل.
وأكد زكي في تصريحات لـ"العرب مباشر"، أن المجتمع الدولي قد يضطر للتدخل بشكل أكبر، سواء من خلال الأمم المتحدة أو عبر زيادة الضغوط الدبلوماسية على إسرائيل لتجنب تنفيذ هذه السياسات المدمرة.
وتابع: أن الحكومة الإسرائيلية قد تتراجع في النهاية عن تنفيذ هذه الخطوة نظرًا لضغوط المجتمع الدولي والمخاطر الكبيرة التي تهدد الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي، ومع ذلك، فإن عدم اليقين يظل سيد الموقف؛ مما يزيد من حدة التوترات في منطقة تعاني أصلاً من أزمات متلاحقة.