بين النار والدبلوماسية.. هل يتلاشى حلم السلام في سوريا؟.. خبراء يجيبون
بين النار والدبلوماسية.. هل يتلاشى حلم السلام في سوريا؟.. خبراء يجيبون
تتصاعد التوترات في المشهد السوري، حيث تتشابك الأبعاد العسكرية مع تعقيدات سياسية ودبلوماسية لا تقل خطورة، التصعيد الأخير شمال سوريا يُبرز صورة قاتمة للصراع الذي يمزق البلاد منذ أكثر من عقد، بينما تسعى القوى الدولية والإقليمية لتحقيق مصالحها، يعاني الشعب السوري من ضغوط مستمرة، تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد الأخيرة، التي شدد فيها على أن الإرهاب لا يفهم سوى لغة القوة، جاءت في سياق يؤكد عزم الحكومة السورية على مواجهة التحركات المسلحة بدعم من الحلفاء، وسط حالة من الجمود الدبلوماسي، فما بين الجبهات العسكرية المشتعلة ومسارات متعثرة تواجه سوريا مستقبلاً مليئًا بالغموض والتحديات.
المشهد الميداني: تطورات متسارعة وتحركات معقدة
في المناطق الشمالية لسوريا، تتسارع وتيرة العمليات العسكرية، حيث بدأ الجيش السوري بإعادة تنظيم صفوفه بعد فقدان السيطرة على مواقع استراتيجية في إدلب وشمال حلب.
مراقبون أكدوا، أن القوات النظامية تمكنت من استعادة بلدات استراتيجية في شمال حماة، مثل قلعة المضيق، بهدف تعزيز دفاعاتها استعدادًا لهجمات مضادة.
وأشاروا أن الجماعات المسلحة، مدعومة بطائرات مسيّرة متطورة، حققت مكاسب أولية، لكنها تواجه تحديات مع امتلاك الجيش السوري منظومات دفاع جوي حديثة.
*تركيا وإيران في دائرة الضوء*
يلعب الوجود التركي دورًا محوريًا في المشهد السوري، حيث تشير التقارير إلى نشر أنقرة أكثر من 17 ألف جندي شمال البلاد، الدعم التركي للجماعات المسلحة، وفق مراقبون يعمّق الأزمة ويعوق محاولات استعادة الاستقرار في إدلب وحلب.
أما إيران، التي تُعتبر شريكًا أساسيًا للحكومة السورية، فتعرضت لانتقادات دولية نتيجة ارتباط دعمها العسكري بسياقات أوسع تشمل لبنان وفلسطين.
*مسار أستانا*
التوترات العسكرية الأخيرة أظهرت هشاشة مسار أستانا، الذي كان يُعول عليه لتحقيق خفض التصعيد في سوريا.
تركيا، كأحد الأطراف الضامنة، اتُهمت بعدم الالتزام بتعهداتها ودعم الجماعات المسلحة بشكل مباشر.
من جانبه، أشار مراقبون، أن هذا التحول يُجبر الحكومة السورية على اعتماد الخيار العسكري بدلاً من المسارات الدبلوماسية التي باتت غير ذات جدوى.
ردود دولية: دعوات للتهدئة وتحذيرات من التصعيد
من جانبها، دعت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا إلى وقف التصعيد وحماية المدنيين، مؤكدة ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات وفق قرار مجلس الأمن 2254.
في المقابل، تبدو الأرضية الدبلوماسية متآكلة، مع استمرار المواجهات العسكرية التي تعيد تشكيل ملامح النزاع بشكل جذري.
تحديات المستقبل: بين القوة العسكرية والأفق السياسي
من جانبه، يتوقع د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، أن تشهد المرحلة المقبلة تصعيدًا عسكريًا مكثفًا لاستعادة الأراضي المفقودة.
وأضاف - في تصريحات لـ"العرب مباشر"-، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه الجيش السوري، مثل استخدام الطائرات المسيّرة وتنوع الفصائل المسلحة، فإن التعاون الوثيق مع روسيا وإيران يظل عنصرًا حاسمًا.
وتابع أستاذ العلوم السياسية، أن الوضع الراهن في شمال سوريا يسلط الضوء على تحول استراتيجي في أساليب التنظيمات المسلحة، مشيرًا أن تنظيمات مثل هيئة تحرير الشام تعتمد الآن على تكنولوجيا الطائرات المسيّرة الحديثة، ما يعزز قدرتها على تنفيذ عمليات دقيقة ضد مواقع الجيش السوري.
وأضاف، أن "التوترات بين تركيا وروسيا على خلفية ملفات متعددة تساهم في خلق حالة من الفوضى، ما يُضعف فرص نجاح المسارات الدبلوماسية مثل مسار أستانا".
وشدد المنجي، على أن أي تصعيد عسكري إضافي "سيؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني في الشمال السوري، حيث تزداد أعداد النازحين وتُعاني البنية التحتية من تدمير مستمر".
واعتبر أن الحل الأمثل يكمن في "ضغط دولي على جميع الأطراف للالتزام باتفاقات خفض التصعيد، مع تقديم ضمانات أمنية تحقق مصالح كافة الأطراف".
من جهة أخرى، تزداد المخاوف من تأثير المصالح الدولية المتشابكة في تعقيد الحلول، حيث يبدو أن الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل تُحرك خيوط اللعبة لتحقيق أهدافها الإقليمية.
*التصعيد الإقليمي وتأثيراته على سوريا*
في سياق متصل، أكد الرئيس السوري بشار الأسد خلال اتصال مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، أن التصعيد الإرهابي في سوريا هو جزء من محاولات إعادة رسم الخرائط الإقليمية بما يتماشى مع المصالح الغربية، وردًا على ذلك، شدد الرئيس الإيراني على دعم بلاده لسوريا، معتبرًا أن أي مساس بوحدتها يمثل تهديدًا لاستقرار المنطقة بأكملها.