نذر أزمة عالمية.. كيف يهدد الصراع الإيراني- الإسرائيلي الاقتصاد العالمي؟

نذر أزمة عالمية.. كيف يهدد الصراع الإيراني- الإسرائيلي الاقتصاد العالمي؟

نذر أزمة عالمية.. كيف يهدد الصراع الإيراني- الإسرائيلي الاقتصاد العالمي؟
الصراع الإيراني الإسرائيلي

ينذر التصاعد في التوتّر بين إيران وإسرائيل بأزمة تتعدّى حدود المنطقة وتلقي بظلالها الثقيلة على الاقتصاد العالمي بأكمله، هذا التوتّر المتسارع يثير مخاوف المستثمرين ويهدد سلاسل التوريد الحسّاسة في عصر يتعافى فيه الاقتصاد للتوّ من تبعات جائحة كورونا والنزاعات في أوروبا، يتمتع كلا الطرفين بأوراق ضغط قوية ضمن سياق جيواقتصادي معقد، حيث يشكّل النفط والنقل والخدمات اللوجستية عصب التوازن في الأسواق. 

وفي ظلّ التغيرات التي يشهدها العالم بسبب هذا التوتّر غير المسبوق، يتابع صنّاع القرار في الحكومات والمؤسّسات النقدية تطورات المواجهة بقلقٍ متزايد، مدركين أن أيّ خطوة غير مدروسة قد تؤثر على التضخم والنمو والرفاه في معظم الاقتصادات، يثير هذا التصاعد تساؤلاً محورياً: هل يتمكّن العالم من تجنّب شبح الركود بسبب التوتّر في منطقة تستحق أن يطلق عليها قلب الطاقة والنفط؟

*إمدادات الطاقة العالمية*


ينعکس التوتّر المتصاعد بين إيران وإسرائيل على الاقتصاد العالمي في وقتٍ يتعافى فيه هذا الاقتصاد بسبب الأزمات المتتالية، هذه المواجهات ليست محصورة ضمن سياق إقليمي صغير، بل لها تأثير أبعد نظرًا لمكانة كلا الطرفين في الأسواق النفطية والنقدية والنقل الدولي.

ينبع الخطر الأكبر للتطورات الحالية بسبب التبعية العالية لمصادر الطاقة في منطقة الخليج، يمر عبر مضيق هرمز ما يقارب 20 في المائة من النفط الخام في العالم، بالإضافة إلى كميات هائلة من الغاز الطبيعي.

أي إخلال بأمن هذا الممر المائي بسبب هجمات عسكرية محتملة سيؤثر على إمدادات الطاقة ويؤدى إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز في الأسواق على الفور.

ينتج هذا الارتفاع ضغطًا على التضخم في معظم الاقتصادات التي تستورد الطاقة، ويؤثر على التوازنات النقدية والمالية في تلك الدول.

بالإضافة إلى ذلك، قد تتضرّر الشركات بسبب ارتفاع تكاليف النقل والتخزين والنفاذ إلى الأسواق في موعدها المعتاد.

*اضطراب سلاسل التوريد والنقل الدولي*

من جانبه، يقول محمود عنبر أستاذ الاقتصاد الدولي: إن الأمر لا يتوقف تأثير التوتّر عند الطاقة فقط، بل يطال كذلك سلاسل التوريد والنقل التي تشكّل عصب التجارة في العصر الحديث، إغلاق مضيق هرمز حتى بسبب التهديدات وعدم اليقين الأمنِي يجبر الشركات على اتخاذ طرق بديلة أبعد عبر رأس الرجاء الصالح في أفريقيا.

وتابع لـ"العرب مباشر"، أن هذا التغيير يزيد التكاليف اللوجستية ويؤخر وصول المنتجات والسلع الحسّاسة، ويؤثر على التوازن في الأسواق ويؤدي إلى نقص في التوريد.

وأضاف، تؤثر هذه التغيرات على الشركات الصغيرة على وجه الخصوص، نظراً لمحدودية قدراتها على التعامل مع التكاليف غير المتوقعة والناتجة من الخلل في سلاسل التوريد.

*الأسواق تتخبط بسبب الخوف وعدم اليقين*

ينعکس التوتّر على الأسواق في صورة هروب جماعي نحو الأصول الآمنة مثل الذهب، ويؤثر هذا التغير على أسعار الأسهم والنفط ويؤدى إلى تقلبات قوية في الأسواق والى ضعف اليقين في التوقعات الاستثمارية على المدى المتوسط.

ينسحب المستثمرون بسبب الخوف على أموالهم ويؤثر هذا على قدرات الشركات على التوسع والنمو.

بالإضافة إلى ذلك، يتم تخفيض التصنيفات الائتمانية بسبب التغيرات الجيوسياسية غير المتوقعة، وهو ما يزيد تكاليف الاقتراض ويضع ضغطًا على الميزانيات الوطنية.

*التباطؤ والنفاذ نحو الركود*


ينذر التوتّر في المنطقة بأزمة اقتصادية بسبب التقاء التضخم مع ضعف النمو، ارتفاع تكاليف الطاقة والنقل يقوّض قدرات الشركات على المنافسة ويؤثر على التوظيف والإنفاق الاستهلاكي. 

وفي حال استمرار التوتّر وتعطل سلاسل التوريد على نطاق أوسع، فقد يقطر الاقتصاد العالمي نحو الركود.

قطاعات مثل السياحة والنقل الجوي ستكون الخاسر الأكبر نظراً للتخوّف الأمنِي وتراجع حركة الطيران والنقل الدولي، الشركات تتراجع في التوظيف وتؤجل مشاريع التوسع بسبب الترقب والشك في مستقبل الأوضاع.

*ضغط على الميزانيات بسبب التسلّح*

من جانبه، يقول أستاذ الاقتصاد الدولي علي الإدريسي: إن الحرب تنتج ضغطًا على الميزانيات بسبب التزامات التسلّح والنفقات الدفاعية التي تستنزف قدرًا غير صغير من الخزينة.

وأضاف -في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن هذه التغيرات تؤثر على قدرات الحكومات على تمويل مشاريع تنموية مختلفة وتوفير الخدمات لمواطنيها في التعليم والصحة والنقل. وتؤثر هذا على التوازنات الداخلية وتؤجّج التغيرات الاجتماعية والاقتصادية على الأمد الطويل.

مضيفًا أن الإجراءات الطبيعية في مثل هذه الظروف هو أن تتجه البنوك المركزية في مختلف دول العالم نحو اقتناء كميات أكبر من الذهب بسبب الخوف وعدم اليقين في الأسواق، موضحًا أن هذه التغيرات في سياستها النقدية تنبئ بأحقية الخوف في الأسواق، وتؤثر على أسعار الذهب والنفط في آنٍ واحد.