القادة يسقطون والنيران تتسع.. تطورات المواجهات الإيرانية- الإسرائيلية
القادة يسقطون والنيران تتسع.. تطورات المواجهات الإيرانية- الإسرائيلية

ينزلق الشرق الأوسط أكثر فأكثر نحو مواجهة عسكرية شاملة مع استمرار تبادل القصف والعمليات الاستخبارية بين إيران وإسرائيل في يومه الخامس على التوالي، هذا التصعيد غير المسبوق لم يأتِ في فراغ، بل كان تتويجًا للتوتّر المتعاظم على مدار أسابيع بسبب الخلافات الجوهرية والنفوذ الإقليمي.
في هذا السياق، تستهدف كلا الدولتين قيادات عسكرية محورية ضمن هياكلهما الحسّاسة وتضرب المنشآت الاستراتيجية في محاولة لكسر التوازن الرادع دون الخروج الكامل على سياق المواجهة، وسط هذه التغيرات الدراماتيكية على الأرض وفي الأجواء، تتعالى الدعوات إلى التهدئة بسبب الخسائر الثقيلة في الأرواح وتضرّر البنى التحتية.
ويخشى مراقبون أن تؤدّي هذه المواجهات إلى انفجار إقليمي أبعد من حدود كلا البلدين نظرًا للتعقيدات التي تحيط بأزمات المنطقة والنفوذ الدولي المتضارب في ملفات مختلفة
*تصاعد العنف*
مع مرور اليوم الخامس على المواجهات غير المسبوقة التي تخوضها إيران وإسرائيل ضمن سياق إقليمي محموم، تتسع رقعة الخسائر ويتعقد المشهد أكثر في كلا الجانبين.
فقد أعلنت القوات الإسرائيلية استمرار سلسلة غارات محسوبة على الأهداف الحسّاسة في إيران.
كان أبرز تلك الغارات ما طال مقار عسكرية في طهران وتبريز، بما في ذلك تخزين الذخيرة والصواريخ، بالإضافة إلى منصات إطلاق مختلفة، وفي خطوة غير متوقعة، تم استهداف مسؤول عسكري إيراني رفيع كان يتبوأ منصب قائد مقر خاتم الأنبياء المركزي، هذا القائد علي شادماني كان ضمن الدائرة الأقرب للتخطيط الاستراتِيجي في إيران وكان يتابع التحضيرات الخاصة بأعمال عسكرية للتصدي للهجمات.
على الرغم من أن السلطات الإيرانية لم تؤكد رسميًا هذا الاغتيال، إلا أن تقارير محلية تتحدث بقوة على أن شادماني كان بالفعل ضمن قائمة الخسائر الثقيلة التي تكبدتّها طهران في هذه المواجهات.
*تحذيرات للمدنيين*
وتعتبر تبريز قاعدة عسكرية محورية ضمن الترتيب الدفاعِي الإيراني نظرًا لموقعها الاستراتِيجي في شمال البلاد.
وتضررت هذه القاعدة بسبب الغارات التي شنتها القوات الإسرائيلية ضمن سياق محاولة إضعاف قدراتها على إطلاق صواريخ بعيدة المدى على الأهداف الحسّاسة في إسرائيل.
في سياق مماثل، دعت السلطات الإسرائيلية سكان طهران عبر بيانات مباشرة إلى إخلاء المدينة بسبب الخطر المحدق وتخوّف من التصاعد في وتيرة المواجهات.
وكان وزير الدفاع يسرائيل كاتس على رأس تلك الدعوات التحذيرية التي طالت الأحياء السكنية في محيط المنشآت الحسّاسة في العاصمة الإيرانية.
على الجهة الثانية، لم تكن الخسائر في صفوف القوات الإسرائيلية هينة، فقد أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مقتل 24 إسرائيليًا بسبب الهجمات الصاروخية التي أطلقتها إيران في الأيام الخمسة الماضية.
بالإضافة إلى الخسائر البشرية، تضررت الممتلكات في تل أبيب وبعض مدن وسط إسرائيل بسبب تساقط شظايا صواريخ بالإضافة إلى نشوب حرائق في أبنية مختلفة.
القضية لم تتوقف عند هذا التضرّر الخساري على كلا الطرفين، بل كان لها صدى إقليمي أبعد من ذلك.
فقد تبادلت إيران التهديدات مع إسرائيل حول قدرتهما على نشر قدرات عسكرية غير تقليدية في حال استمرار المواجهات.
وتخشى عواصم إقليمية مثل بغداد والرياض والقاهرة أن تتسع رقعة المواجهات لتشمل دولًا أخرى بسبب التداخلات والنفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان.
بالإضافة إلى ذلك، يخشى مراقبون أن تستغل جماعات مثل حزب الله هذه التوتّرات لتدخل على خط المواجهات وتؤجّج الأوضاع على الأرض.
هذه التطورات تؤذن بأخطر تصعيد عسكري في المنطقة منذ سنوات، وهو ما يزيد المخاوف على الاستقرار في كامل منطقة الشرق الأوسط ويثير تساؤلًا عما إذا كان هناك أي أفق للتسويات الدبلوماسية في ظل استمرار القتال والنفاذ السريع للتوازنات الرادعة.
*التدهور الكامل*
من جانبه، أكد الدكتور محمد خيري، الخبير في الشؤون الإيرانية، أن المواجهات الحالية تمثل «نقلة نوعية خطيرة» في سياق التوازنات الإقليمية بالشرق الأوسط.
وفي تصريحات لـ"العرب مباشر"، أشار خيري، أن التحقق الكامل لمقتل القائد علي شادماني أحد أبرز أذرع الحرس الثوری الإيراني يشكّل تطورًا محوریًا بسبب الأدوار الحسّاسة التي كان يتولاّها في تخطيط العمليات التوسعية والنفوذ العسكري في المنطقة.
ورأى الخبير، أن كلا الطرفين يعيان جيدًا حدود القوة والنفوذ التي يملكانها، لكن الترفّع على الحوار في هذه المرحلة يزيد احتمال نشوب مواجهة شاملة.
ويعتبر خيري أن التهديدات بإخلاء طهران وبعض مدن إسرائيل إشارة على أن كلا الطرفين يتخذان أعلى درجات اليقظة تحسّبًا لاحتمالات التدهور الكامل.
وأضاف الخبير، أن التوازن العسكري على الأرض يخضع لمتغيرات إقليمية أكثر تعقيدًا بسبب تدخل جماعات مدعومة إيرانيًا في العراق ولبنان، بالإضافة إلى الترتيبات الدفاعية الإسرائيلية ضمن سياق التحالفات مع شركائها الغربيين.
وتابع، أن الخسائر في صفوف كلا الطرفين ليست عسكرية محضًا، بل تتضمن خسائر فى البنى التحتية الحسّاسة وتضرّر قدرتهما على مواصلة القتال على المدى الطويل.
وختم خيري تصريحاته محذرًا من أن استمرار المواجهات دون التوصل إلى وقف إطلاق نار واتفاق على تخفيف التوتّر يزيد احتمال انزلاق المنطقة بأكملها نحو صراع إقليمي مدمر غير محسوب العواقب.