تحديات القانون في ليبيا.. ميليشيا الردع تتحدى الدولة باختطاف برلماني لأكثر من عام

تحديات القانون في ليبيا.. ميليشيا الردع تتحدى الدولة باختطاف برلماني لأكثر من عام

تحديات القانون في ليبيا.. ميليشيا الردع تتحدى الدولة باختطاف برلماني لأكثر من عام
ميليشيا الردع

تواصل ميليشيات الردع في ليبيا فرض سيطرتها واحتجاز شخصيات بارزة دون توجيه اتهامات واضحة، وسط صمت الحكومات المتعاقبة.

 
منذ فبراير 2023، ما يزال النائب الليبي حسن الفرجاني محتجزًا من قبل ميليشيات "الردع" في العاصمة طرابلس، رغم الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها والأوامر القضائية بالإفراج عنه.


ورغم المطالبات المتكررة من مجلس النواب والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالإفراج عن الفرجاني، لم يُفرج عنه حتى الآن، بل تتحدى الميليشيا القانونية الليبية.

 

في 27 فبراير 2023، اختُطف الفرجاني في طرابلس من قبل ميليشيا الردع، التي تعتبر الأكبر في العاصمة من حيث التسليح والنفوذ. الأمر الذي أثار غضبًا في الأوساط السياسية والحقوقية، خاصة أن الفرجاني يتمتع بحصانة برلمانية بموجب القانون رقم (4) لعام 2014، ما يجعل اعتقاله غير قانوني دون موافقة البرلمان.

*مطالبات بالإفراج*


منذ اعتقاله، طالب مجلس النواب مرارًا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الفرجاني، مستندًا إلى القانون الذي يمنع اتخاذ إجراءات جنائية ضد النواب دون إذن مسبق من البرلمان. وقد جدد المجلس مطالبه في بيان رسمي صادر في 2 سبتمبر 2024، يؤكد ضرورة الإفراج عن الفرجاني.

ورغم هذه الدعوات، لم تُظهر ميليشيات الردع أي استجابة، بل عمدت إلى إحالة الفرجاني إلى القضاء العسكري، متجاوزة بذلك القانون الذي يمنع إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية. والأسوأ من ذلك، لم يُقدم الفرجاني للمحاكمة طيلة الأشهر الماضية، مما يثير تساؤلات حول مصيره.

*اعتقال شقيق الفرجاني*


ولم تقتصر الانتهاكات على النائب فقط؛ ففي 31 يوليو 2023، اعتقلت ميليشيات الردع شقيقه، محمد الفرجاني سالم، من داخل النيابة العسكرية دون أي تهم واضحة. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا وصفت هذا الاعتقال بأنه "تعسفي وخارج إطار القانون"، محمّلة الحكومة الليبية المؤقتة والمجلس الرئاسي المسؤولية الكاملة عن سلامة الأخوين الفرجاني.

*ميليشيا الردع.. قوى خارج القانون*


ميليشيات الردع، بقيادة عبدالرؤوف كاره المعروف بـ"الشيخ الملازم"، تعتبر من أبرز الميليشيات التي تسيطر على العاصمة طرابلس. تُعرف بتوجهاتها المتطرفة وتتمركز في مجمع معيتيقة، شمالي شرقي العاصمة، حيث تتحكم بالمطار الوحيد الذي يعمل في طرابلس وبسجن حربي. رغم دورها الرسمي المزعوم في مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، فإنها متورطة في جرائم خطيرة، تشمل الاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة والمخدرات.

تتكون ميليشيا الردع من حوالي 5 آلاف مسلح، معظمهم من الشباب، ويُعتقد أن لديها ترسانة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة التي تستخدمها في فرض نفوذها على مؤسسات الدولة وتورطت الميليشيا في العديد من عمليات الاختطاف، بما في ذلك اختطاف الفرجاني وشخصيات أخرى.



*الإفلات من العقاب*


نفوذ ميليشيات الردع تجاوز الحد، ووصل إلى مرحلة أصبح فيها اعتقال شخصيات ذات حصانات نيابية أو قضائية أمرًا مألوفًا. إلى جانب اختطاف الفرجاني، تستمر الميليشيا في احتجاز وكيل النيابة محمد المبروك أحمد الكار، رغم أمر المحكمة العسكرية بالإفراج عنه. كما تعتقل وكيل النيابة العسكرية منصور نور الدين دعوب، رئيس نيابة مكافحة الإرهاب، رغم صدور أمر من المدعي العام العسكري بالإفراج عنه في 1 سبتمبر الماضي.

*أزمة أمنية غرب ليبيا*


وتعكس هذه الحوادث الوضع الأمني المتدهور في غرب ليبيا. فوفقًا للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، تشهد منطقة الساحل الغربي انفلاتًا أمنيًا واسعًا، حيث تتزايد مؤشرات الجريمة المنظمة وحالات الاختطاف والقتل خارج إطار القانون في مدن مثل الزاوية وصبراتة والعجيلات.



هذا الانفلات الأمني يعكس تراجع دور وزارة الداخلية ومديريات الأمن في تلك المدن، ويبرز بشكل خاص بعد انتشار الميليشيات المسلحة التي استغلت الفوضى التي أعقبت سقوط نظام معمر القذافي في 2011.


ورغم أن الجيش الوطني الليبي تمكن من الحد من نفوذ هذه الميليشيات في شرق البلاد، إلا أن غرب ليبيا ما يزال مرتعًا لها، مدعومة من بعض القوى السياسية المحلية وأطراف خارجية.

*مستقبل غامض*


من جانبه، يقول حسام عبدلي، المحلل السياسي الليبي، إن استمرارية هذه الفوضى المسلحة في غرب ليبيا، وخاصة في طرابلس، تشير إلى غياب تام لسيادة القانون.

 
وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن قوة ميليشيات مثل "الردع" تعكس حجم التحديات التي تواجهها الدولة الليبية في فرض الأمن والاستقرار.

 
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن رغم المطالبات المحلية والدولية بإجراء إصلاحات أمنية، يبدو أن الإفلات من العقاب سيستمر ما دامت هذه الميليشيات تتمتع بالدعم والتسليح.


وتابع عبدلي، حتى يتم وضع حد لنفوذ تلك الجماعات، فإن مستقبل شخصيات مثل النائب الفرجاني وشقيقه سيبقى معلقًا في ميزان القوى الغاشمة التي تحكم طرابلس حاليًا.