بعد إرسالها لمجلس الأمن.. تفاصيل المسودة الأمريكية لتكوين قوة دولية في غزة

بعد إرسالها لمجلس الأمن.. تفاصيل المسودة الأمريكية لتكوين قوة دولية في غزة

بعد إرسالها لمجلس الأمن.. تفاصيل المسودة الأمريكية لتكوين قوة دولية في غزة
مجلس الأمن

في خطوة دبلوماسية كبرى تهدف إلى رسم ملامح المرحلة التي ستلي الحرب في قطاع غزة، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن الإدارة الأمريكية وزعت -خلال الساعات الأخيرة- مشروع قرار على أعضاء مجلس الأمن الدولي، يدعو إلى إنشاء قوة دولية متعددة الجنسيات تعمل في القطاع تحت تفويض رسمي من المجلس، ولمدة أولية لا تقل عن عامين قابلة للتمديد، وفقًا لما كشفت عنه صحيفة "معاريف" الإسرائيلية.

وتحمل القوة الجديدة المقترحة اسم "قوة الاستقرار الدولية" (ISF – International Stabilization Force)، ومن المقرر – بحسب مسودة المشروع – أن تبدأ عملها في مطلع عام 2026، بصلاحيات تنفيذية واسعة تتجاوز مهام حفظ السلام التقليدية، إذ ستُكلف بفرض الأمن، وتفكيك البنية التحتية للفصائل المسلحة، والإشراف على إعادة تنظيم الإدارة المدنية في غزة.

أهداف ومهام القوة الدولية المقترحة


تشير تفاصيل الوثيقة إلى أن القوة الدولية ستُعهد إليها بعدة مهام رئيسية، تشمل تأمين الحدود بين غزة وكل من مصر وإسرائيل، وحماية المدنيين والمنشآت الإنسانية وخطوط الإمداد الدولية، إلى جانب تفكيك شبكات السلاح والبنى التحتية العسكرية للفصائل الفلسطينية داخل القطاع.

كما ستشمل مهامها تدريب وبناء جهاز شرطة فلسطيني جديد يعمل بالتنسيق مع القوة الدولية، والمساعدة في تأسيس هيكل مدني لإدارة شؤون غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية.

تفويض موسع تحت إشراف مجلس الأمن


ووفقًا لمصادر مطلعة على المسودة، فإن القوة ستعمل "بكل الوسائل الضرورية" وفق القانون الدولي، وبصلاحيات تتيح لها التحرك المستقل داخل الأراضي الغزية، مع تنسيق وثيق مع كل من مصر وإسرائيل والأطراف الفلسطينية التي ستقبل بالترتيبات الجديدة.

ومن المقرر أن تخضع القوة لإشراف مجلس الأمن، إلى جانب هيئة جديدة مقترحة تحت اسم "مجلس السلام" (Board of Peace) تتولى إدارة مهام الإعمار والتنفيذ الميداني في القطاع.

الولايات المتحدة تقود الإطار.. ومشاركة عربية وغربية

رغم أن التشكيل النهائي للقوة لم يُحدد بعد، إلا أن واشنطن ستتولى قيادة الإطار العام وتنسيق العمليات، بينما يُنتظر أن تضم القوة مساهمات من دول غربية وعربية. 

وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن مصر والأردن وتركيا طُرحت أسماؤها كمشاركين محتملين، إلا أن كلاً منها أبدت تحفظات وشروطًا محددة.

ففي أنقرة، ربطت الحكومة التركية مشاركتها بمدى توافق التفويض مع سياساتها الوطنية، في حين شددت الأردن على ضرورة ألا تكون المهمة ذات طابع عسكري بحت، بل تشمل بعدًا سياسيًا يتصل بالمؤسسات الفلسطينية. أما إسرائيل فتعترض بشدة على أي مشاركة تركية في القوة المزمع إنشاؤها.

مواقف متباينة في مجلس الأمن


تتعامل الدول الأعضاء في مجلس الأمن بحذر مع المقترح الأمريكي. ففي الوقت الذي تؤيد فيه فرنسا وبريطانيا المبادرة من حيث المبدأ، فإنهما طالبتا بتوضيحات حول هيكل القيادة والتنسيق بين القوة الجديدة وكل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

أما روسيا والصين فلم تعلّقا علنًا بعد، إلا أن دبلوماسيين توقعوا أن تربط موسكو وبكين موافقتهما بالحصول على موافقة فلسطينية رسمية قبل إقرار التفويض.

مخاوف من تعقيدات التنفيذ


على الرغم من الدعم المبدئي للفكرة، تسود أوساط دبلوماسية مخاوف من صعوبات كبيرة في التنفيذ، خصوصًا في ظل غياب رؤية واضحة بشأن الجهة التي ستتولى الحكم في غزة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية. 

وتخشى بعض الدول من أن يؤدي الفراغ السياسي إلى عودة الفوضى أو إلى إعادة تموضع حركة حماس في القطاع.

وتؤكد الأوساط الغربية، أن غياب قوة أمنية منظمة تحت مظلة دولية قد يفتح الباب أمام انهيار كامل للنظام الداخلي في غزة، ما يجعل إنشاء هذه القوة خطوة ضرورية لتجنب الفوضى والانهيار الإنساني.

الموقف العربي والدلالات السياسية


تربط عدة دول عربية – بحسب المصادر – المشاركة في القوة المقترحة بإطار سياسي أشمل يشمل الضفة الغربية والسلطة الفلسطينية، وهو ما تعتبره إسرائيل شرطًا مقلقًا قد يفتح الباب أمام نقاشات حساسة حول السيادة والسيطرة في الأراضي الفلسطينية.

ويرى مراقبون، أن المبادرة الأمريكية تمثل بداية معركة دبلوماسية جديدة حول مستقبل غزة، حيث يتقاطع فيها البعد الأمني مع التوازنات الإقليمية والمصالح الدولية، فيما يسعى كل طرف لضمان نفوذه في مرحلة ما بعد الحرب.

ومن المتوقع أن تستمر مناقشات مسودة القرار داخل مجلس الأمن لنحو أسبوعين، قبل طرحها للتصويت الرسمي. وفي حال إقرارها، سيبدأ العمل على تشكيل القوة متعددة الجنسيات وتهيئتها ميدانيًا تمهيدًا لنشرها في قطاع غزة مطلع عام 2026، في خطوة قد تحدد ملامح النظام الجديد في القطاع بعد واحدة من أكثر الحروب دموية في تاريخه.