أثارت مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، موجة من الغضب والإدانة عبر الطيف السياسي الإسرائيلي، ورغم أن القرار أثار ردود فعل سلبية داخليًا، إلا أن تداعياته قد تكون أكثر تعقيدًا على المدى الطويل، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

منبوذ دوليًا

وتابعت الصحيفة أنه في الوقت الذي يصور فيه خصومه نتنياهو كمنبوذ دولي، يتجمع العديد من الإسرائيليين خلفه. يرى أنصار نتنياهو أن مذكرات التوقيف تساهم في تعزيز مكانته داخليًا، إذ يتم تقديمه كرمز للصمود أمام ما يُعتبر هجومًا خارجيًا ضد دولة إسرائيل.

ويقول ميشيل باراك، محلل استطلاعات الرأي، إن "هذا يساعد نتنياهو لأنه يظهره كالمقاتل الوحيد الذي يقف ضد كل الشرور في العالم"، معتبرًا أن هذه الصورة قد تمنح نتنياهو دعمًا إضافيًا من قاعدة أنصاره، لا سيما في ظل الوحدة الداخلية التي تشهدها إسرائيل في دعم الحرب، ولكنها مؤقتة وقصيرة.

وتابعت الصحيفة أنه رغم هذا الدعم الداخلي، يواجه نتنياهو تحديات دبلوماسية كبيرة، فهو الآن يُعتبر "شخصًا غير مرغوب فيه" على الصعيد الدولي.

وأشارت إلى أن المحكمة الجنائية الدولية ليست جزءًا من النظام القضائي الإسرائيلي، ما يجعل المذكرات غير قابلة للتنفيذ في إسرائيل نفسها، لكن في حال سافر نتنياهو إلى أي من الدول الأعضاء في المحكمة (التي تشمل معظم الدول الأوروبية)، فإن المذكرات قد تتسبب في اعتقاله، وبذلك، فإن نتنياهو يُواجه خطر تقليص هامش حركته الدبلوماسية وقدرته على التنقل بحرية في الساحة الدولية.

عزلة دولية متصاعدة

تشير التحليلات إلى أن أحد التداعيات السلبية التي قد يواجهها نتنياهو هي العزلة المتزايدة على الساحة الدولية. في ظل هذه المذكرات، من المرجح أن تواجه إسرائيل تحديات في الحفاظ على علاقاتها مع بعض الدول الأوروبية، التي قد تعتبر هذه المذكرات جزءًا من التداعيات القانونية لسياسة الحكومة الإسرائيلية في غزة.
وأكدت الصحيفة أنه في حين أن الولايات المتحدة، الحليف الأكبر لإسرائيل، دعمت نتنياهو، فإن موقف بعض الدول الأوروبية قد يتغير مع مرور الوقت، ما قد يزيد من ضغوط المجتمع الدولي على حكومة نتنياهو.

تداعيات محلية

وأضافت أنه على الصعيد المحلي، لا يزال من غير المرجح أن يؤثر هذا التطور بشكل كبير على قاعدة نتنياهو السياسية.

ففي ظل الدعم الشعبي الواسع الذي يحظى به في الأوساط اليمينية، لا يتوقع أن تؤثر مذكرات التوقيف بشكل فوري في موقفه السياسي، بيد أن استمرار تصاعد التوترات الداخلية والانتقادات حول إدارة الحرب في غزة قد يعرقل قدرته على الحفاظ على الاستقرار الداخلي، خاصة إذا استمرت التحقيقات في قضايا الفساد التي يواجهها.