هل ينذر دور قطر في أفغانستان باستيلاء حماس الإرهابية على الضفة الغربية؟

تحاول حركة حماس تقليد السيناريو الأفغاني بمباركة قطر

هل ينذر دور قطر في أفغانستان باستيلاء حماس الإرهابية على الضفة الغربية؟
صورة أرشيفية

مارست قطر الاحتيال والمخادعة على العالم الدولي طيلة السنوات العشر الماضية، فلعبت الدوحة بأوراق الأحداث في أفغانستان بصورة فائقة، واستضافت طالبان لسنوات، لتصبح قطر هي محرك الحركة الإرهابية وصوتها في المفاوضات مع الولايات المتحدة، ثم تصبح الدولة ذاتها هي مندوب أميركا في أفغانستان بعد إخراجها منها.

ووفقا لصحيفة جيروزاليم بوست، فقد ظهر يوم الأحد الماضي شريط فيديو لعرض عسكري في كابول بأفغانستان، تظهر فيه صفوف من المركبات العسكرية وأعضاء طالبان يرتدون الزي العسكري الحديث مع كل المعدات التكتيكية والبنادق الموحدة لتتماشى معها، لدرجة أنك لن تتخيل أنك تشاهد عرضا لتلك الجماعة الإرهابية المعروفة، وإنما قوة عسكرية، فقد ظهر جيش من الظل فجأة.

واعتبرت الصحيفة أن ذلك ممكن، خصوصا عندما تعلم أن طالبان كانت تقاتل أقوى دولة في العالم، وفي الوقت ذاته تقاتل ضد دول غربية أخرى و"الجيش الأفغاني".

واعتبرت الصحيفة أن قطر كانت وراء ذلك الدعم لطالبان، معتبرة أن الدوحة لعبت بأوراق أفغانستان باستخدام طالبان والاحتيال على الولايات المتحدة التي تعتمد الآن على قطر لتمثيل مصالحها.

وأضافت الصحيفة أنه بدفع من قطر، اتجهت الولايات المتحدة نفسها لدعم حركة طالبان الإرهابية.

واعتبرت الصحيفة أنه كان أمرا طبيعيا أن تكون قطر هي الداعم الأساسي لحركة طالبان المتطرفة، لافتة إلى توقعات بتكرار لعبة قطر في أفغانستان مع حركة حماس، خصوصا أنها استضافت حماس ودعمتها لعقود، وتسعى حاليا لجعلها قوة على طاولة المفاوضات مع واشنطن والغرب والحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية، تماما مثلما دعمت طالبان.

ورسمت جيروزاليم بوست السيناريو المرعب، بأن تدعم قطر تلك الحركة الإرهابية حماس بصفقة طائرات M-16 والمركبات الأميركية، وفي المقابل، ستكون الدوحة ممثل المصالح الأميركية في رام الله كما حدث في أفغانستان.

ويشير سيناريو الصحيفة إلى أنه يمكن أن تنغمس السلطة الفلسطينية بهدوء وتخضع لانتزاع السلطة منها.

ولشرح ذلك السيناريو الذي تتوقعه جيروزاليم بوست، دعت إلى استكشاف بعض تاريخ ما حدث في أفغانستان من سيناريو مشابه.

وفي وصفها للاستعراض العسكري في أفغانستان الذي قامت به طالبان مؤخرا في كابول، قالت رويترز: "أقامت قوات طالبان عرضًا عسكريًا في كابول باستخدام عربات مدرعة أميركية الصنع وطائرات هليكوبتر روسية تم الاستيلاء عليها، في عرض أظهر تحولهم المستمر من قوة متمردة إلى جيش دائم نظامي".

وقالت جيروزاليم بوست: إنه لا يمكن فهم المعجزة التي ظهرت بها حركة طالبان فجأة لحكم أفغانستان مرة أخرى، بعد حوالي 20 عامًا من خلعهم، دون فهم كيف استعانت الولايات المتحدة بمصادر خارجية لسياستها في أفغانستان، وكيف استجابت لوجود دور لقطر على مدى السنوات العديدة الماضية، الأمر الذي انتهى بأن تكون قطر ممثلا للمصالح الأميركية في أفغانستان الآن.

وقالت الصحيفة: إن "هذا التحول في الأحداث مثير للاهتمام، إذ قيل لنا إن الولايات المتحدة كانت تقاتل طالبان بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية. ومع ذلك، مثل العديد من جوانب الحرب العالمية على الإرهاب، غالبًا ما تشارك الولايات المتحدة مع الأنظمة التي تدعم الإرهابيين الذين تحاربهم الولايات المتحدة"، في إشارة لقطر.

وتابعت الصحيفة: إن شخصا ساخرا يمكن أن يفترض أن هذا نوع من المؤامرة، وقد سمع هذا الكلام على مر السنين في التقارير بأن الولايات المتحدة "تدعم القاعدة"، أو أن الولايات المتحدة "أنشأت القاعدة وداعش". 

وقالت الصحيفة: بالفعل فإن الولايات المتحدة دعمت المتطرفين في أفغانستان في الثمانينيات لمحاربة السوفييت، وبعض هذه الجماعات كانت لها صلات بطالبان والقاعدة.

وتابعت: "لاحقًا، كان للولايات المتحدة دور في دعم المتمردين السوريين في عام 2012، وبينما انضم بعض هؤلاء المتمردين إلى هيئة تحرير الشام الإرهابية، التي كانت نتاجًا للقاعدة، لا توجد صلة مباشرة بالدور الأميركي".

ووصفت جيروزاليم بوست دور قطر بأنه أكثر تعقيدًا؛ إذ إنه لطالما دعمت قطر المتطرفين في جميع أنحاء المنطقة، مثل باكستان، التي فضلت طالبان والجماعات الإسلامية اليمينية المتطرفة.

كما أشارت الصحيفة إلى روابط قطر مع جماعة الإخوان الإرهابية وفرعها الفلسطيني، حماس، وكذلك مع حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، والذي له أيضًا صلات بجماعة الإخوان الإرهابية.

وأشارت الصحيفة إلى تناقض قطري واضح؛ إذ إن الدوحة التي وضعت نفسها كداعم لمراكز الفكر والإعلام الغربية، بقناة الجزيرة الخاصة بها التي تبدي آراءها ولا تنتقد قطر أبدًا، إلا أن الغرب كشف حقيقتها، وأصبح ينظر إليها في الغرب على أنها مجرد واحدة من أنواع عديدة من وسائل الإعلام.

وأضافت أنه غالبًا ما يُنظر إلى قناة الجزيرة داخل المنطقة على أنها تقوض الأنظمة التي تعارض جماعة الإخوان الإرهابية، وهذا يعني أنها تعرضت لانتقادات بسبب دورها في مصر عام 2012، ولدورها في انتقاد السعودية والإمارات ودورها في السودان وتونس.

وبحسب جيروزاليم بوست، فإن الأمر يختلف بالنسبة للولايات المتحدة، التي ترى في دور قطر، ووجهها المكشوف في العمل مع الغرب والجماعات المتطرفة في آن واحد، له جاذبية. 

وعلى هذا، فإن أميركا ترى أنه يمكن لقطر أن تكون وسيطًا مع كل هذه الجماعات المتطرفة التي تستضيفها، سواء طالبان أو حماس، أو حتى كمحاور مع إيران التي تربط قطر علاقات ودية معها. 

وفي الوقت الذي سعت فيه واشنطن إلى التحول إلى منافسات قريبة من نظيرتها مع الصين وروسيا، كان إنهاء الحرب على الإرهاب أمرًا ضروريًا.

وقدمت قطر عرضًا على غرار كورليوني، لا يمكن لواشنطن أن ترفضه، بمعنى أنها ستعمل مع طالبان، وتمكنهم من أن يصبحوا قوة عسكرية محترمة يمكنها السيطرة على أفغانستان عندما تغادر الولايات المتحدة، حسبما أفادت الصحيفة.

وتابعت: إنه سيتم على أساس هذا السيناريو من الحكومة الأفغانية الخروج من المشهد، خصوصا أن عناصرها كانت فاسدة وأهدرت المليارات من الدعم الأميركي، لشراء الفيلات والسيارات. 

وفي الوقت المحدد، ستظهر طالبان، ليس كجماعة مسلحة ومتطرفة تقوم بتفجير التماثيل البوذية وذبح الشيعة، كما كانت في التسعينيات، ولكن كطالبان جديدة، تم تجهيزها مثل جيش الناتو بمركبات أميركية.

وقالت الصحيفة: إنه لم يمكن لأحد أن يصدق هذه الحكاية لو لم تحدث أمام أعيننا. ففي يوم واحد أصبحت الولايات المتحدة تنسحب، وفي اليوم التالي كانت طالبان في كابول وبعد أشهر، بدت قواتهم وكأنها ترتدي زيًا رسميًا ترتديه الجيوش الغربية.

واختفت وجوه النساء من الإعلانات، والشيعة يُذبحون مرة أخرى، لكن بالنسبة للدول الغربية التي هدفها "الاستقرار" والتي تميل إلى تفضيل الأنظمة الاستبدادية على الديمقراطيات المعقدة، فإن النتيجة في أفغانستان هي الأفضل.

وقالت جيروزاليم بوست: إن الديمقراطيات الغربية لم يكن لديها أي مخاوف بشأن العنف الطائفي الجماعي الذي تعرض له الشيعة من قبل الجماعات المتطرفة من أفغانستان إلى باكستان، أو لما حدث في تلعفر في العراق.

وأضافت أن الأقليات تحصل على حقوق في أوروبا، وليس في مجموعة من البلدان من المغرب إلى باكستان. ويُنظر إلى دور طالبان اليوم في أفغانستان على أنه الخيار الأقل سوءًا من وجهة نظر الولايات المتحدة وأعضاء الناتو.

وطرحت الصحيفة تساؤلا مهما: هل ستكون قطر قادرة على تحقيق ذلك المشهد في الضفة الغربية، بعدما عملت مع حماس لسنوات؟! 

وردا على السؤال، قالت الصحيفة: إنه بشكل عام، يبدو جهاز السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية مشابهًا إلى حد ما للحكومة الأفغانية السابقة، فهو متهم بالفساد والانتهاكات، وشيخوخة القيادة، ومع رجال حاكمين يمكن وصفهم بـ"أمراء الحرب" المسؤولين عن مجالات مختلفة، حيث تدير تلك الحكومة مجموعة من الأنظمة السياسية التي لا تعمل بشكل جيد.

وأضافت الصحيفة: أنه من الفوضى المتصاعدة في جنين إلى الخليل، فإن السلطة الفلسطينية دائما على حافة الأزمة، مثلها في ذلك مثل الحكومة الأفغانية السابقة، فهي تقدم كميات هائلة من المساعدات الخارجية ولا يبدو أنها تستثمر هذه المساعدة في البنية التحتية؛ وبدلاً من ذلك، يبدو أن الأموال تذهب إلى أبناء وبنات النخبة ومن ثَم يتم نقلها إلى الخارج على الأرجح إلى حسابات بنكية أجنبية.

ووفقًا لشبكة "سي بي إس" عام 2003، فإن الزعيم الفلسطيني السابق ياسر عرفات "حوّل ما يقرب من مليار دولار من الأموال العامة". 
واختفت مبالغ طائلة من خزائن رام الله على مر السنين، مضيفة أنه قد يكون الفلسطينيون فقراء، لكن قادتهم أغنياء، ومن المحتمل أن ينتهي الأمر بالكثير من الأموال الأجنبية التي دفعت إلى رام الله من أوروبا على مر السنين في أوروبا على شكل فيلات.

كما أوضحت الصحيفة أنه لطالما كانت جاذبية حماس للسكان المحليين بسبب مزاعمها بعدم الفساد. 
واختتمت جيروزاليم بوست: "يبقى أن نرى ما إذا كان السيناريو الأفغاني سيتكرر في الضفة الغربية".

وتابعت: "إن الدور القطري الذي ظهر فجأة كوسيط قوي في كابول، بعد سنوات من التخطيط واستضافة الاجتماعات، هو دور يمكن أن يحاول الظهور في رام الله بشكل أو بآخر بعد سنوات من لعب دور أكبر في غزة"، لافتة إلى أن قطر تحاول أن تتعلم من نجاحها في كابول، وفق قاعدة "اجعل نفسك وسيطا لا غنى عنه للدول الغربية المنهكة من الحرب، من خلال استضافة المتطرفين الذين يريدون تهدئتهم، ثم انقض عليهم في النهاية للعب دور صانع السلام".