أوروبا تستقبل رياح اليسار بحفاوة وتنجو من كابوس اليمين المتطرف
أوروبا تستقبل رياح اليسار بحفاوة وتنجو من كابوس اليمين المتطرف
بعد الانتخابات التشريعية الفرنسية التي شهدت صعودًا لافتًا لتحالف الأحزاب اليسارية، تعالت أصوات الترحيب بين الزعماء الأوروبيين وممثلي الأحزاب التقدمية، معتبرين أن هذه النتائج تمثل رفضًا واضحًا لليمين المتطرف والسياسات النيوليبرالية.
عبر عدد من القادة الأوروبيين عن ارتياحهم لنتائج الانتخابات التشريعية في فرنسا، حيث تصدر تحالف الأحزاب اليسارية السباق الانتخابي. في هذا السياق، قارن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بين الانتخابات الفرنسية والبريطانية، مشيرًا إلى أن كلا البلدين سلكا المسار نفسه الذي اختارته إسبانيا في السابق، برفضهما لليمين المتطرف وتبني سياسات يسارية اجتماعية تركز على معالجة مشاكل المواطنين بجدية وشجاعة.
*ارتياح أوروبي*
وفي ألمانيا، عبر الائتلاف الحاكم عن ارتياحه لانخفاض توقعات اليمين المتطرف في الانتخابات الفرنسيةـ، وأكد مسؤول في الحزب الديمقراطي الاشتراكي، الذي يقوده المستشار أولاف شولتز، أنه تم تجنب السيناريو الأسوأ بخروج ماكرون من الانتخابات في وضع سياسي ضعيف.
وأضاف نيلز شميد، رئيس لجنة القضايا الخارجية للكتلة البرلمانية للديمقراطيين الاشتراكيين، أن حزب التجمع الوطني لم يستطع تشكيل أغلبية حكومية، مما يعتبر نجاحًا للديمقراطية.
في اليونان، عبّر زعيم حزب "سيريزا" اليساري، ستيفانوس كاسيلاكيس، عن بهجته على منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن الشعب الفرنسي أظهر الطريق ووقف ضد اليمين المتطرف والنيوليبرالية، واعتبر أن الشعب الفرنسي يبعث برسالة أمل وتغيير حقيقية، داعيًا الجميع للاستماع إلى صوتهم.
*انتصار للديمقراطية والقيم*
في السياق ذاته، أكد نيكوس أندرولاكيس، رئيس الحركة الاشتراكية اليونانية "باسوك"، أن انتصار فرنسا يمثل نصرًا كبيرًا للديمقراطية وللقيم الجمهورية الفرنسية المتمثلة في الحرية والمساواة والأخوة. واعتبر أن الشعب الفرنسي نجح في بناء جدار ضد اليمين المتطرف والعنصرية والتعصب.
وعلى موقع "إكس"، أعرب رئيس وزراء بولندا، دونالد تاسك، عن ارتياحه بعد الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية، مؤكدًا أن النتائج الأولى التي أظهرت تراجع حزب التجمع الوطني عن الأغلبية المطلقة أو النسبية التي كان يسعى إليها الحزب، هي مؤشر إيجابي.
وأضاف تاسك، أن هذه النتائج تلقى ترحيبًا في باريس وخيبة أمل في موسكو، بينما تنشر الارتياح في كييف، مؤكدًا على أن هناك سببًا للفرح في وارسو.
وكان دونالد تاسك قد حذر في بداية الشهر من "خطر كبير" يهدد فرنسا وأوروبا بعد فوز اليمين المتطرف في الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية. وأعرب عن مخاوفه من أن تصبح فرنسا "رجل أوروبا المريض" نتيجة للصراعات بين القوى المتطرفة.
*تحولًا جوهريًا*
من جانبه، يقول د. طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: تُظهر نتائج الانتخابات التشريعية في فرنسا أن هناك تحولاً جوهرياً في المزاج العام الأوروبي نحو السياسات اليسارية، وهو ما يعكس تزايد الوعي بأهمية معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية بشكل جدي بعيدًا عن التطرف السياسي، مضيفًا أن هذا الانعطاف يعزز من قوة الأحزاب اليسارية في مواجهة التحديات المستقبلية."
وأضاف فهمي في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن انتصار اليسار في الانتخابات الفرنسية يشير إلى تغييرات كبيرة في السياسة الأوروبية، حيث إن التعاون بين الدول الأوروبية قد يشهد تحسناً ملحوظاً في ظل هذا التحول.
وتابع أستاذ العلوم السياسية، من المتوقع أن تشهد السياسة الخارجية الأوروبية مزيدًا من التركيز على القضايا الاجتماعية والبيئية التي تتطلب تعاونًا دوليًا وثيقًا."
وأشار فهمي إلى أن نتائج الانتخابات الفرنسية تعكس رفضًا واضحًا للسياسات اليمينية المتطرفة التي كانت تهدد الوحدة الاجتماعية والسياسية في أوروبا، مؤكدًا أن هذه النتائج تعزز من دور الاتحاد الأوروبي ككتلة سياسية قادرة على مواجهة التحديات المشتركة بفعالية أكبر، خاصة في مجالات حقوق الإنسان والمساواة الاجتماعية."