لماذا تستهدف إسرائيل مخيم تل السلطان بشكل متكرر؟

تستهدف إسرائيل مخيم تل السلطان بشكل متكرر

لماذا تستهدف إسرائيل مخيم تل السلطان بشكل متكرر؟
صورة أرشيفية

في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت حدة الصراع في قطاع غزة، مع تركيز ملحوظ للقوات الإسرائيلية على مخيم "تل السلطان" في رفح. هذا الاستهداف المتكرر أثار تساؤلات عديدة حول أسباب التركيز على هذا المخيم بالتحديد، وما يحمله من تداعيات إنسانية وأمنية.

*الأسباب وراء الاستهداف*

يقع مخيم "تل السلطان" في موقع استراتيجي شمال غرب رفح، وهو يُعتبر نقطة تواصل مهمة بين مناطق مختلفة داخل قطاع غزة، هذا الموقع يجعل المخيم محورًا لعمليات التنقل والإمداد بين القوات المسلحة، سواء الإسرائيلية أو الفلسطينية؛ مما يجعله هدفًا مستمرًا في العمليات العسكرية.

*نشاطات الفصائل المسلحة*

تزعم التقارير إلى أن مخيم "تل السلطان" يحتوي على عددٍ من الأنفاق التي تستخدمها الفصائل المسلحة، مثل كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، لتنفيذ هجمات ضد القوات الإسرائيلية والتخطيط للعمليات العسكرية. 

يُعتبر تدمير هذه الأنفاق ومنع استخدامها جزءًا من استراتيجية إسرائيل العسكرية لإضعاف القدرات الهجومية للفصائل المسلحة في غزة.

في الأسابيع الأخيرة، شهدت المنطقة تصاعدًا في الهجمات الصاروخية من غزة باتجاه المدن الإسرائيلية؛ مما أدى إلى ردود فعل عنيفة من قبل الجيش الإسرائيلي. 

استهداف مخيم "تل السلطان" يأتي في إطار الرد الإسرائيلي على هذه الهجمات، حيث تزعم السلطات الاسرائيلية أن المخيم يحتوي على منصات إطلاق الصواريخ ومخابئ للأسلحة وهو ما لم يثبت حتى الآن رغم مئات القتلى والجرحى والمجازر المتكررة.

*خسائر بشرية ومادية*

الهجمات المكثفة على مخيم "تل السلطان" أسفرت عن وقوع عدد كبير من الضحايا بين المدنيين، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، أسفرت الهجمات الأخيرة عن مقتل العشرات وإصابة المئات؛ مما يزيد من المعاناة الإنسانية في المنطقة. هذا العدد الكبير من الإصابات يشكل ضغطًا هائلًا على النظام الصحي الضعيف في غزة، الذي يعاني من نقص في الأدوية والمعدات الطبية.

وتسبب القصف المستمر في تدمير كبير للبنية التحتية في مخيم "تل السلطان"، بما في ذلك المنازل، المدارس، والمرافق العامة.

هذا التدمير يعيق قدرة السكان على الحصول على الخدمات الأساسية ويزيد من معدلات النزوح الداخلي، حيث يضطر العديد من العائلات إلى مغادرة منازلهم بحثًا عن مناطق أكثر أمانًا.

*الإدانة والمطالبات بوقف الهجمات*

أدت الهجمات على "تل السلطان" إلى موجة من الإدانات العربية والدولية، حيث دعت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إلى وقف فوري للهجمات واحترام القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر استهداف المدنيين والمنشآت المدنية. 

محكمة العدل الدولية أصدرت حكمًا يدعو إسرائيل إلى وقف هجماتها في غزة، إلا أن الجيش الإسرائيلي قرر تحدي المجتمع الدولي ويواصل عملياته بحجة الدفاع عن النفس وتدمير القدرات العسكرية للفصائل المسلحة.

*الأوضاع الإنسانية المروعة*

من جانبه، وصف منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان الوضع في "تل السلطان" بأنه "مروع"، مع الإشارة إلى أن المدنيين يتحملون العبء الأكبر من هذا النزاع.

وتزايدت الدعوات الدولية لتوفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة وضمان حماية المدنيين وفرق الإغاثة العاملة في الميدان.

*إسرائيل تستمر في تعقيد الأوضاع*

من جانبه، يقول د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية: إن التصعيد الأخير في مخيم "تل السلطان" يأتي في إطار سياسة إسرائيلية أوسع تهدف إلى فرض ضغوط عسكرية ونفسية على الفصائل المسلحة في غزة.

وأضاف فهمي - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، تستخدم إسرائيل هذه الهجمات لتوجيه رسائل إلى حماس والفصائل الأخرى، مفادها أنها لن تنصاع إلى الضغوط الدولية أو لأوامر محكمة العدل، "لكن هذه الاستراتيجية تحمل مخاطر كبيرة، حيث تؤدي إلى تزايد الغضب الشعبي والدولي بسبب تعقيد الوضع الإنساني في القطاع".

ويرى أستاذ العلوم السياسية، أن الحل الأمثل يكمن في العودة إلى طاولة المفاوضات والبحث عن حلول سياسية تنهي هذا الصراع المستمر، مؤكدًا أن الاستمرار في الخيار العسكري لن يؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والضحايا، موضحًا ضرورة أن يكثف المجتمع الدولي جهوده لدفع الأطراف نحو تسوية سلمية تضمن حقوق الفلسطينيين.

يذكر أن الأوضاع في مخيم "تل السلطان" ما تزال تعكس صورة قاتمة للصراع في غزة، حيث يواجه المدنيون واقعًا مريرًا بين نيران المتحاربين، بينما تستمر الهجمات والقصف، تظل الدعوات الدولية لوقف العنف وتقديم المساعدات الإنسانية عاجزة عن إحداث تغيير ملموس على الأرض، مما يجعل المستقبل في غزة غامضًا ومليئًا بالتحديات.