أرقام وهمية وحسابات مختلفة.. الفساد يُلقي بظلاله على أول مونديال في قطر
ألقي الفساد بظلاله على أول مونديال في قطر
يقول المشجعون الإيرانيون - النساء على وجه الخصوص - إنهم اعتقلوا في قطر لارتدائهم قمصانًا تحمل شعار "المرأة ، الحياة ، الحرية"، وبالمثل، فإن قمصاناً أو أعلاماً تحمل اسم محساء أميني، وهي امرأة إيرانية تبلغ من العمر 22 عامًا توفيت في حجز الشرطة في طهران في سبتمبر بعد اعتقالها لعدم ارتدائها الحجاب وفقًا للمعايير الحكومية، حيث تم اعتبار القمصان التي تحمل اسم أميني بمثابة بيان سياسي، في حين أنه ربما، عند التفكير، لا يمكن أن يكون هناك شيء سياسي أكثر من إسكات أولئك الذين يرغبون في الترويج لاسمها.
حسابات قطرية
وبحسب مجلة "ذا أتلانتيك" الأميركية، فإن إقامة كأس العالم في قطر لم تكن لأسباب رياضية كما يدعي المسؤولين القطريون، فقطر لم تكن يومًا دولة تهتم بكرة القدم مثل المملكة العربية السعودية ودول شمال إفريقيا على سبيل المثال، فلا أحد يعلم شيئًا عن الدوري القطري المحلي، كما أن 99% من لاعبي المنتخب القطري من المجنسين، بالإضافة إلى أن قطر خرجت من الأدوار الأولى في البطولة ولم يعكس أداء المنتخب أي روح ترغب في الفوز بأي مباراة حتى، كما بدا السكان المحليون أقل تفاعلًا مع البطولة من أي دولة مضيفة في تاريخ كأس العالم، على عكس الجماهير العربية الأخرى التي كانت مهووسة بالمباريات والألتراس الذين تم استئجارهم من لبنان لمنح البطولة نوعا من الحماسة.
وتابعت المجلة أن الاستثمار الهائل لقطر لاستضافة كأس العالم، يتعلق بالجغرافيا السياسية والدبلوماسية والقوة الناعمة، ولكن كانت التكلفة البشرية لكأس العالم هذه هائلة. كم هائل ، لن نعرف أبدًا، وعندما سئل جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، في وقت سابق من هذا العام عن هذه التكلفة البشرية ، أخبر البرلمان الأوروبي أنه وفقًا للبيانات التي قدمتها له قطر، مات ما مجموعه ثلاثة عمال مهاجرين أثناء بناء هذه الملاعب، وردت هيومن رايتس ووتش بالقول إن الرقم الحقيقي لن يُعرف أبدًا لأن "السلطات القطرية أخفقت في التحقيق في أسباب وفاة آلاف العمال المهاجرين ، وكثير منها يُنسب إلى" أسباب طبيعية "، بينما تقول وزارة العمل النيبالية إن 2100 من مواطنيها لقوا حتفهم في قطر لجميع الأسباب منذ بدء مشاريع البناء المتعلقة بكأس العالم في عام 2010.
وأضافت المجلة الأميركية، أنه أصبح من الصعب معرفة الأرقام التي يجب تصديقها - وفي ملاحظة أقل جدية، ينطبق الأمر نفسه على بعض أرقام الحضور التي تعلن عن منازل كاملة (في بعض الحالات ، حتى تتجاوز السعات المحددة للملاعب المعنية قبل البطولة) عندما، بالنظر من داخل تلك الملاعب، ترى مساحات شاسعة من المقاعد الفارغة، على سبيل المثال ، كشفت "ذا أتلانتيك" أنه منذ بدء كأس العالم، توفي عامل مهاجر آخ ، رجل من الفلبين، في حادث شاحنة رافعة شوكية أثناء تثبيت الأضواء في موقف للسيارات، فهل سيتم تصنيف ذلك على أنه وفاة مرتبطة بكأس العالم؟ وكان بيان اللجنة العليا، عندما اتصلت به شركة أتلتيك، حريصًا على الإشارة إلى أن الحادث وقع "على ممتلكات لا تخضع لسلطة اللجنة العليا" وأن العامل كان "مقاولًا ليس من اختصاص اللجنة العليا".
بطولة زائفة
وأكدت المجلة الأميركية، أن كل شيء في مونديال قطر زائف، بداية من أرقام الحضور المشكوك فيها والمشجعين الذين غادروا قرية المشجعين منذ اليوم الأول لانطلاق البطولة حتى أصبحت شبه خاوية مرورًا بعدد القتلى من مشروعات البنية التحتية للبطولة وحتى مؤشرات نجاح المونديال، كلها ما زالت لغزًا وتحولت البطولة لمهزلة، حيث عبرت منظمة العفو الدولية عن مخاوفها بشأن ما إذا كانت قطر، بعد أن التزمت بإصلاح قوانين العمل الخاصة بها في عام 2017، ستستمر في تنفيذ هذه الإصلاحات بمجرد مغادرة كرنفال كأس العالم المدينة في غضون أسبوعين وتنتقل نظرة العالم إلى مكان آخر.
وتابعت أن بطولة كأس العالم هذا العام تعد الأسوأ في تاريخها حيث ألقى الفساد والتعامل الوحشي غير الإنساني مع العمال بظلاله عليها، فمن الصواب والعدل أن تقام بطولة كأس العالم في المنطقة العربية بعد كافة هذه السنوات، ولكن هناك الكثير من الدول التي كانت تصلح أكثر من قطر لاستضافة مثل هذا الحدث الضخم دول يكون لديها بنية تحتية قوية مثل مصر والسعودية والإمارات ودول المغرب العربي، والتي لديها أيضًا قاعدة جماهيرية عريضة تعشق كرة القدم، فيجب أن تكون الدولة على استعداد لاستضافة واستقبال ملايين من المشجعين ولديها تاريخ حافل في كرة القدم وحضارة ومناطق سياحية ووفرة في الفنادق، فالجماهير المصرية والسعودية والمغربية والتونسية واللبنانية هي من منحت طعمًا للبطولة وجعلتها نابضة بالحياة.