وفد فتح إلى القاهرة: مبادرة مصرية جديدة للتهدئة في غزة بمشاركة قيادات حماس

وفد فتح إلى القاهرة: مبادرة مصرية جديدة للتهدئة في غزة بمشاركة قيادات حماس

وفد فتح إلى القاهرة: مبادرة مصرية جديدة للتهدئة في غزة بمشاركة قيادات حماس
حرب غزة

في إطار الجهود المصرية المستمرة لتعزيز الحوار بين الفصائل الفلسطينية وتحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة، أعلنت حركة فتح الفلسطينية، يوم الاثنين، عن توجه وفد رفيع المستوى إلى العاصمة المصرية القاهرة، يضم الوفد محمود العالول (أبو جهاد)، نائب رئيس حركة فتح، وعزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية للحركة وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إضافة إلى روحي فتوح، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، الهدف من هذه الزيارة هو لقاء قيادات حركة حماس، في خطوة تهدف إلى دفع عجلة التفاوض بين الطرفين في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية.

*مصر والوساطة الدبلوماسية*

منذ بداية الصراع الأخير في غزة، تفردت مصر بدورها الدبلوماسي البارز في محاولة للحد من التصعيد العسكري، فبعد اندلاع التوترات في أكتوبر الماضي، تمكنت القاهرة من جمع الأطراف المتناحرة على طاولة النقاش أكثر من مرة للحد من العنف في غزة، حيث ضمنت -القاهرة- إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، كما استقبلت مصر الجرحى الفلسطينيين لتلقي العلاج في مستشفياتها، وهو ما يعكس التزامها التاريخي بدعم القضية الفلسطينية وشعبها.

مراقبون أشاروا إلى أن الدور المصري تجاوز المساعدات الإنسانية المباشرة ويبرز أهميته في النشاط الدبلوماسي العميق، فقد استضافت القاهرة في العام 2023 مؤتمرًا دوليًا للسلام بهدف إيجاد حلول سياسية لوقف دوامة العنف في القطاع ومنعها من الاتساع لتشمل المنطقة بالكامل.

هذا التحرك جاء في وقت كانت فيه مصر تسعى لتسليط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية المتزايدة في غزة عبر حملات دبلوماسية مكثفة استهدفت المجتمع الدولي.

في هذا السياق، أصبحت مصر محركًا أساسيًا لأي مبادرات تهدف إلى التهدئة وإعادة استقرار المنطقة، مما يجعلها لاعبًا حيويًا في جهود السلام.

*خطوة على طريق المصالحة*

لقاء فتح وحماس المرتقب في القاهرة يأتي في ظل ظروف إقليمية معقدة، مع ارتفاع وتيرة التصعيد بين إسرائيل والفصائل المسلحة في غزة. هذا اللقاء يحمل آمالًا بتجديد جهود المصالحة الفلسطينية التي تظل حجر الزاوية في تحقيق استقرار دائم.

ورغم العديد من المحاولات السابقة التي باءت بالفشل، تظل مصر الجهة التي تجمع الطرفين على طاولة المفاوضات. 

وتؤكد مصادر سياسية مطلعة، أن المحادثات ستتركز على بحث سبل تحقيق تهدئة طويلة الأمد في القطاع المحاصر، فضلاً عن محاولة إحياء الجهود الرامية إلى إنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني المستمر منذ سنوات.

في هذا السياق، تبدو جهود مصر حاسمة، لا سيما في ظل التجارب السابقة التي أظهرت أن الوساطة المصرية تظل الأكثر قبولًا وثقة من قبل جميع الأطراف.

إذ يرى المراقبون أن القاهرة، بفضل علاقاتها المتميزة مع كافة الفصائل الفلسطينية من جهة، ومع إسرائيل والقوى الدولية من جهة أخرى، قادرة على إيجاد صيغة توافقية تضمن تحقيق تهدئة مستدامة.

*صفقة تبادل الأسرى: مفتاح لحل الأزمة أم جزء من التعقيدات؟*

من بين الملفات العالقة التي تمثل اختبارًا حقيقيًا للجهود المصرية هو ملف تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس. 

ويعتبر هذا الملف معقدًا للغاية، إذ يسعى كل طرف إلى تحقيق مكاسب سياسية من وراءه.

ورغم أن إسرائيل وحماس أبدتا في فترات سابقة بعض المرونة في الحديث عن صفقة لتبادل الأسرى، إلا أن الشروط المتبادلة عادة ما تعطل أي تقدم في هذا الملف.

ومع ذلك، يبقى الأمل معقودًا على المبادرة المصرية، التي لطالما كانت في صلب المحاولات للتوصل إلى اتفاق يخفف من حدة الصراع ويفتح المجال لحوار أوسع.

إذ تشير التقارير إلى أن القاهرة قدمت مقترحات عملية تتضمن تنفيذ الصفقة على مراحل، تبدأ بتبادل الأسرى الذين يحملون حالات إنسانية أو أولئك المحتجزين الأكثر ضعفًا أو مصابين إصابات خطرة، هذا النهج التدريجي قد يتيح الفرصة لتحقيق تقدم ملموس في هذا الملف الشائك.

*تعقيدات سياسية وضغوط دولية*

من جانبه، أكد د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن رغم كل الجهود المصرية المبذولة، تظل التحديات القائمة كثيرة ومعقدة، فالواقع الإقليمي والدولي يشهد تباينات كبيرة في المواقف من القضية الفلسطينية، إذ تبدو الإرادة السياسية الإسرائيلية حاليًا مفقودة لتحقيق تقدم في أي من الملفات المتعلقة بالصراع.

وأضاف - فهمي في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن بعض القوى الدولية تفضل التركيز على الجوانب الأمنية دون تقديم حلول جذرية للمعضلات السياسية التي تؤجج الصراع، مضيفًا، مع ذلك، تبقى مصر متمسكة بدورها المحوري كوسيط رئيسي وفعال، مدركة أن تراجعها عن هذه المهمة سيترك فراغًا قد يؤدي إلى مزيد من التعقيد والتصعيد في المنطقة.

وأشار إلى أن رغم الضغوط الدولية المتزايدة على القاهرة للتركيز فقط على الحلول المؤقتة، تواصل مصر دفع عجلة الحوار نحو حلول دائمة، تؤمن بأن المسارات السياسية هي السبيل الوحيد لإحلال السلام المستدام.

*مستقبل المفاوضات*

وأكد أستاذ العلوم السياسية المصري، أن السؤال الأهم يبقى، هل ستنجح مصر في إعادة ضبط المسار الفلسطيني- الإسرائيلي وتثبيت التهدئة بين الجانبين؟، موضحًا أن حتى الآن الإجابة ما تزال غير واضحة، لكن المؤكد هو أن مصر لن تتوقف عن محاولاتها للوصول إلى هذا الهدف، معتمدة على خبرتها الطويلة في إدارة الصراع وتوجيه الأطراف المتنازعة نحو طاولة المفاوضات.
وأضاف فهمي، أن اللقاءات القادمة في القاهرة بين فتح وحماس ستمثل لحظة حاسمة، ليس فقط فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية، ولكن أيضًا في تحديد مسار التهدئة على المدى الطويل. نجاح هذه المفاوضات قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار، لكنه في الوقت نفسه يعتمد على مدى استجابة الأطراف المعنية واستعدادها لتقديم تنازلات حقيقية من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني.