هل تجاوز العالم نقطة اللاعودة؟ تقرير صادم يكشف ارتفاعًا قياسيًا في انبعاثات الكربون
هل تجاوز العالم نقطة اللاعودة؟ تقرير صادم يكشف ارتفاعًا قياسيًا في انبعاثات الكربون
تتجه الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون إلى تسجيل مستوى قياسي في عام 2024؛ مما يعمّق المخاوف بشأن قدرة العالم على مواجهة التغيرات المناخية المتسارعة.
كشف تقرير ميزانية الكربون العالمية، الذي تم تقديمه خلال قمة المناخ COP29 في أذربيجان، أن العالم يشهد ارتفاعًا كبيرًا في مستويات الانبعاثات الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري واستخدام الأراضي، حيث بلغ إجمالي الانبعاثات المتوقعة 41.6 مليار طن، ما يمثل ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بالعام الماضي، هذه النتائج تشكل ضربة قاسية للجهود الدولية الرامية للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى أقل من 1.5 درجة مئوية، وفقًا لاتفاقية باريس للمناخ، في وقت يسعى فيه العالم للحد من هذه الظاهرة، ما زالت الانبعاثات المرتفعة الناتجة عن الاقتصادات الناشئة، مثل الهند والصين، تشكل تحديًا كبيرًا أمام تحقيق التوازن المطلوب، بينما تحقق بعض الدول المتقدمة تقدمًا نسبيًا في تقليص انبعاثاتها، فإن هذه الجهود ما تزال غير كافية لإيقاف ارتفاع درجات الحرارة المستمر.
*مستوى قياسي جديد*
أكد تقرير ميزانية الكربون العالمية، أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري تتجه لتسجيل مستوى قياسي جديد في عام 2024، حيث يُتوقع أن تصل إلى 41.6 مليار طن، مقارنة بـ 40.6 مليار طن في عام 2023. ويشكل هذا الارتفاع الجديد تحديًا إضافيًا في إطار الجهود المبذولة لمكافحة التغير المناخي.
أكثر من 37.4 مليار طن من هذه الانبعاثات تأتي من حرق الفحم والنفط والغاز، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 0.8% عن العام الماضي. أما النسبة المتبقية فتعود إلى انبعاثات ناتجة عن استخدام الأراضي، مثل إزالة الغابات وحرائق الغابات، والتي تفاقمت هذا العام بسبب الجفاف الشديد في منطقة الأمازون.
*الوقود الأحفوري والمناخ*
يأتي هذا الارتفاع في الانبعاثات في وقت كان العالم يأمل فيه تحقيق خفض ملموس للانبعاثات وفقًا لاتفاقية باريس للمناخ، التي تهدف إلى إبقاء ارتفاع درجة حرارة الأرض دون 1.5 درجة مئوية، إلا أن الواقع يشير إلى أن الانبعاثات الناتجة عن الوقود الأحفوري استمرت في الارتفاع على مدار العقد الماضي، ما يجعل هذا الهدف يبدو بعيد المنال.
الدكتور بيير فريدلينجستين، المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ المناخ بجامعة إكستر البريطانية، أشار أن "العالم يواجه خطر تجاوز حد 1.5 درجة مئوية في وقت قريب جدًا إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية وحادة لخفض الانبعاثات".
وأكد على أن تحقيق هذا الهدف يتطلب خفضًا سنويًا حادًا للانبعاثات بدءًا من الآن وحتى عام 2030 وما بعده.
*التفاوت في الانبعاثات بين الدول*
أظهرت البيانات، أن بعض الدول، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تحقق بعض التقدم في تقليل انبعاثاتها، من المتوقع أن تنخفض انبعاثات الولايات المتحدة بنسبة 0.6%، بينما ستنخفض انبعاثات الاتحاد الأوروبي بنسبة 3.8% في 2024، هذه الانخفاضات تعود إلى السياسات البيئية الأكثر صرامة والتوجه نحو استخدام الطاقة المتجددة في العديد من الصناعات.
على الجانب الآخر، تستمر الاقتصادات الناشئة مثل الهند والصين في تسجيل زيادات في الانبعاثات، مع توقع ارتفاع انبعاثات الهند بنسبة 4.6% مدفوعة بزيادة الطلب على الطاقة الناتجة عن النمو الاقتصادي.
أما الصين، التي تعد أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم، فتتجه انبعاثاتها للارتفاع بنسبة 0.2% فقط هذا العام، وهو ما يشير إلى أن استخدام النفط في الصين قد بلغ ذروته، حيث يتزايد الاعتماد على السيارات الكهربائية بشكل ملحوظ.
*الأمازون ومشكلة استخدام الأراضي*
من ناحية أخرى، شهدت انبعاثات استخدام الأراضي، وهي الفئة التي تشمل إزالة الغابات وحرائق الغابات، زيادة كبيرة بنسبة 13.5% في هذا العام لتصل إلى 4.2 مليار طن، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى الجفاف الشديد في منطقة الأمازون، الذي أدى إلى اشتعال حرائق غابات هائلة.
هذه الزيادة تشكل تحديًا إضافيًا، حيث تعتبر غابات الأمازون واحدة من أهم المناطق التي تساهم في امتصاص الكربون وتخفيف حدة تغير المناخ.
تشير التوقعات إلى ارتفاع انبعاثات الطيران والشحن الدوليين بنسبة 7.8% هذا العام مع استمرار تعافي حركة السفر العالمية من آثار جائحة كوفيد-19، يعد قطاعا الطيران والشحن من بين القطاعات الأكثر تحديًا عندما يتعلق الأمر بخفض الانبعاثات، حيث يعتمد كلاهما بشكل كبير على الوقود الأحفوري.
*الدعوات لاتخاذ إجراءات عاجلة*
مع هذه الأرقام المقلقة، تزداد الدعوات لاتخاذ إجراءات حاسمة للتصدي لتغير المناخ. في ختام القمة المناخية COP29، شددت العديد من الدول والمؤسسات البيئية على أهمية تبني سياسات أكثر قوة للحد من انبعاثات الكربون، بما في ذلك تسريع التحول إلى الطاقة المتجددة وتبني ممارسات مستدامة في مختلف القطاعات.