الحوثيون يسقطون الصياد القاتل مجددًا.. تصعيد يربك واشنطن في سماء اليمن

الحوثيون يسقطون الصياد القاتل مجددًا.. تصعيد يربك واشنطن في سماء اليمن

الحوثيون يسقطون الصياد القاتل مجددًا.. تصعيد يربك واشنطن في سماء اليمن
الصياد القاتل

في مشهد يعكس تصاعدًا غير مسبوق في الحرب التكنولوجية بين جماعة الحوثي والولايات المتحدة، أعلنت صنعاء للمرة الثانية خلال 24 ساعة عن إسقاط طائرة أمريكية مسيّرة من طراز MQ-9 "ريبر"، المعروفة بلقب "الصياد القاتل".

 لم تعد هذه الحادثة حدثًا عابرًا في ساحة صراع متعددة الجبهات، بل تحولت إلى مؤشر خطير على تطور قدرات الحوثيين في التعامل مع التقنيات العسكرية الأكثر تقدمًا في العالم، وبينما تواصل القوات الأمريكية شن غارات جوية تستهدف مواقع استراتيجية للمليشيات في اليمن للأسبوع السادس على التوالي، يبدو أن السردية الكلاسيكية لتفوق الطائرات المسيرة تواجه تحديات جدية في سماء صنعاء، وجدوى الاستراتيجية الأمريكية في احتواء التهديدات القادمة من الحوثيين، ودور هذه المسيرات في معادلة الردع المستقبلي في المنطقة.

*قدرات مقلقة*


في تطور لافت على مستوى الصراع في اليمن، أعلنت جماعة الحوثي، يوم السبت، عن إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار من طراز MQ-9 للمرة الثانية خلال 24 ساعة، ما يشير إلى تصاعد نوعي في المواجهة بين الجماعة المدعومة من إيران والولايات المتحدة.

هذه الطائرة، التي تُعرف في الأوساط العسكرية بلقب "الصياد القاتل"، تُعد من أكثر الطائرات المسيرة تطورًا في العالم، وتستخدم في عمليات الاستطلاع والتصفية الدقيقة.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، أكد أن الطائرة التي أُسقطت مؤخرًا تُعد السادسة من نوعها خلال شهر أبريل الجاري، ما يرفع عدد المسيرات الأمريكية التي تم إسقاطها إلى 21 منذ بدء الحوثيين عملياتهم البحرية ضد مصالح غربية في نوفمبر 2023.

هذا الرقم يكشف عن تحول في قدرات الجماعة المسلحة، التي انتقلت من اعتمادها على الصواريخ الباليستية والطائرات الانتحارية، إلى امتلاك تقنيات متقدمة قادرة على مواجهة الدرونز الأمريكية.

تزامن هذا الإعلان مع استمرار الحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد الحوثيين، والتي تدخل أسبوعها السادس على التوالي، وتهدف إلى تقويض قدرة الجماعة على إطلاق الطائرات والصواريخ، خصوصًا تلك الموجهة نحو السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن. 

ويُعتقد أن الضربات تستهدف مراكز القيادة والتحكم، ومنصات إطلاق الصواريخ، والمشغلين الفنيين المتخصصين في إدارة الطائرات بدون طيار.

*صمت أمريكي*


الطائرة MQ-9 "ريبر"، التي تم إسقاطها، تُعد واحدة من أصول سلاح الجو الأمريكي الأكثر استخدامًا في المهام الاستخباراتية والاستهدافية على حد سواء.

مزوّدة بمزيج من الكاميرات الحرارية والتلفزيونية وأجهزة الاستشعار المتقدمة، كما أنها قادرة على التحليق لفترات طويلة وجمع كم هائل من البيانات في الوقت الحقيقي، إضافة إلى قدرتها على تنفيذ ضربات دقيقة ضد أهداف متحركة.

واشنطن لم تؤكد رسميًا الحادثة، كما هو الحال عادة في مثل هذه العمليات الحساسة، إلا أن تقارير استخباراتية وأخرى صحفية، منها ما نشرته "نيويورك تايمز" و"سي إن إن"، ألمحت إلى تزايد القلق داخل وزارة الدفاع الأمريكية بشأن قدرة الحوثيين على تطوير دفاعاتهم الجوية محليًا أو بمساعدة حلفائهم الإقليميين، خصوصًا إيران وحزب الله.

هذا التصعيد يثير تساؤلات جدية حول فعالية الاستراتيجية الأمريكية في اليمن، فبينما تسعى إدارة ترامب لتقليص التصعيد في الشرق الأوسط، تعكس هذه الحوادث تحولًا ميدانيًا قد يعقّد الجهود الدبلوماسية.

كما أن تكرار إسقاط طائرات MQ-9 – والتي تكلّف الواحدة منها نحو 30 مليون دولار – يضع الولايات المتحدة أمام تحديات مالية وتقنية، خصوصًا مع استمرار استخدام هذه المسيرات في مسارح عمليات متعددة تشمل أوكرانيا، سوريا، والعراق.

*تحذيرات عسكرية*


خبراء عسكريون يعتبرون أن قدرة الحوثيين على إسقاط طائرة من هذا الطراز لا تعني فقط تطورًا في إمكانياتهم، بل أيضًا فشلًا استخباراتيًا أمريكيًا في رصد التحولات داخل الجماعة.

ويُعتقد أن الحوثيين استفادوا من عمليات نقل التكنولوجيا من الحرس الثوري الإيراني، وربما من معدات متقدمة حصلوا عليها عبر تهريب الأسلحة البحرية.

في المحصلة، يبدو أن ما يجري في سماء اليمن يتجاوز مجرد حادثة ميدانية، ويعكس تحوّلًا استراتيجيًا يتطلب مراجعة شاملة للمقاربات العسكرية الأمريكية في المنطقة، وخصوصًا في مواجهة جماعات مسلحة غير نظامية باتت تتقن لعبة التوازن في مواجهة القوى العظمى.