تهديدات متبادلة: صراع مستمر بين إسرائيل وحزب الله.. لماذا تعجز إسرائيل عن فتح جبهة جديدة؟

تهديدات متبادلة: صراع مستمر بين إسرائيل وحزب الله.. لماذا تعجز إسرائيل عن فتح جبهة جديدة؟

تهديدات متبادلة: صراع مستمر بين إسرائيل وحزب الله.. لماذا تعجز إسرائيل عن فتح جبهة جديدة؟
حزب الله

بينما تصر القيادة الإسرائيلية على استعدادها التام لمواجهة أي تهديد على الحدود الشمالية، تكشف الحقائق على الأرض عن معضلات وتحديات أكبر مما تبدو عليه الأمور، يتضح من خلال تقارير متعددة أن إسرائيل تجد نفسها في وضع لا يحسد عليه، حيث تزداد المخاوف من قدرتها على خوض حرب شاملة ضد حزب الله، فهل تستعد إسرائيل فعلاً لمواجهة حزب الله؟ وما هي العقبات التي تحول دون ذلك؟

*خلف الكواليس*

في ظل التصريحات المتزايدة من القادة العسكريين الإسرائيليين بأنهم لا يرغبون في حرب مع لبنان، ولكنهم مستعدون لأي سيناريو، تتضح صورة مختلفة تمامًا خلف الكواليس. 

فخلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحدود اللبنانية في يونيو الماضي، أعلن أن "إسرائيل مستعدة لعملية مكثفة للغاية".

كما هدد وزير الدفاع يوآف غالانت بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، على حد تعبيره، لكن تقريرًا نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية يشير إلى واقع مختلف تمامًا، حيث تتزايد المخاوف داخل إسرائيل بشأن جاهزيتها لخوض حرب على الجبهة الشمالية.

تشير الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي يعاني من إرهاق كبير بين جنوده، بالإضافة إلى نقص الموارد، بعد أطول حرب شهدتها إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948، فالحرب التي استمرت لتسعة أشهر ضد قطاع غزة، والهجمات قطاع غزة لم تسفر عن هزيمة حركة حماس، ولم يتمكن رئيس الوزراء نتنياهو بعد من تحديد استراتيجية خروج من الحرب في القطاع، وفي لبنان، ستواجه إسرائيل عدواً أكبر حجماً وأفضل تسليحاً وأكثر احترافية، مما يثير مخاوف من الدخول في مستنقع عسكري أعمق.

منذ الثامن من أكتوبر، تواجه إسرائيل حرباً على جبهتين، بعد هجوم حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة؛ مما أسفر عن مقتل حوالي 1200 إسرائيلي، معظمهم من الجنود، وأسر نحو 250 إسرائيلي آخر. ومع بدء هجمات مقاتلي حزب الله على شمال إسرائيل من لبنان، اشتعل صراع حدودي متبادل يتصاعد يوماً بعد يوم.

*الحل الدبلوماسي*

وفيما تعلن إسرائيل عن انتقالها إلى مرحلة قتالية "أقل كثافة" في غزة، واستئناف المفاوضات في القاهرة بشأن صفقة لتبادل الأسرى مع حماس، يصر حزب الله على مواصلة القتال على الجبهة الشمالية، رافضاً الانسحاب من المناطق الحدودية حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

رغم التصريحات العلنية من كلا الجانبين بتفضيل "الحل الدبلوماسي"، إلا أن أيًا منهما لا يبدو مستعداً لتقديم التنازلات اللازمة لتحقيق ذلك، والنتيجة هي توتر متزايد داخل الجيش والحكومة الإسرائيلية، مع تزايد عدد القتلى والدمار بفعل القصف المتبادل، في وقت تصبح فيه البلدات الحدودية مهجورة، ويزداد الضغط على الحكومة من النازحين الإسرائيليين للتحرك.

منذ أشهر، يعكف القادة العسكريون الإسرائيليون على وضع خطط للهجوم على لبنان، وفي الأسبوع الماضي، بعد مقتل إسرائيليين في هجوم صاروخي لحزب الله، قال عضو مجلس الوزراء الحرب السابق بيني غانتس: إنه وآخرون طالبوا نتنياهو بالسماح بتوغل إسرائيلي في جنوب لبنان في مارس الماضي لردع حزب الله، لكن رئيس الوزراء كان متردداً، ورفض الالتزام بإعادة السكان الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال بحلول الأول من سبتمبر، وهو بداية العام الدراسي الجديد.

وصرح غانتس، بأن إسرائيل لا تستطيع تحمل استمرار الحرب في الشمال كما هي، وخسارة عام آخر، مؤكداً على ضرورة دفع حزب الله ثمنًا باهظًا في الأهداف العسكرية والبنية التحتية اللبنانية.

*نتنياهو يسعى لكسب الوقت*

من جانبها، تقول جايل تالشير، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية، إن نتنياهو، الذي تفاخر ذات يوم بقدرته على منع الحروب، يعلم أن الجمهور الإسرائيلي غير مستعد لاستقبال آلاف الصواريخ على تل أبيب وغيرها. 

وأضافت، أن نتنياهو بدلاً من وضع استراتيجية واضحة، قام بعزل نفسه، وتجنب اتخاذ القرارات الصعبة من أجل كسب الوقت وإحاطة نفسه بموالين يفتقرون إلى الخبرة العسكرية.

منذ رحيل بيني غانتس وحل مجلس الحرب، بات نتنياهو أكثر عزلة عن قادة الجيش، بما في ذلك وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي يحاول منذ أشهر الدفع باتجاه وقف إطلاق النار وعقد اتفاق تبادل للأسرى في غزة، للسماح للجيش بالتركيز على الجبهة اللبنانية.

ومع تصاعد الصراع، تتزايد أعداد القتلى والجرحى في صفوف الجيش الإسرائيلي. وقد قُتل مئات الجنود بشكل غير مسبوق، فيما تفاقمت الخسائر بسبب الشعور المتزايد بالفشل الاستراتيجي. وأعاد الجيش الإسرائيلي أغلب جنود الاحتياط إلى بيوتهم دون تحقيق أي من أهداف الحرب المعلنة.

في النهاية، يرى الخبراء أن الحرب مع حزب الله ستكون كارثية لكلا الجانبين، وستؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، فضلاً عن تداعياتها الإقليمية والدولية، ورغم كل التهديدات، ما تزال هناك دعوات دبلوماسية لتهدئة الوضع ومنع تصعيده