يبدو أن منصب وزير المالية بتركيا، أصبح لعنة يطارد صاحبه، ليتم الإطاحة بالعديد منهم في غضون أقل من عامين، ليكون آخرهم لطفي إيلفان، ويتولى بدلا منه نور الدين نباتي، بسبب الانهيارات الاقتصادية الضخمة خلال اليومين الماضيين.

انهيار الاقتصاد التركي

انهارت الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 14 مقابل الدولار بعد أن أعاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دفاعه عن نموذج اقتصادي جديد يقوم على خفض أسعار الفائدة على الرغم من معدل للتضخم يقترب من 20 بالمئة.

وهوت الليرة إلى مستويات قياسية منخفضة، بعد أن تعهد أردوغان بالالتزام بسياسة خفض أسعار الفائدة، حيث فقدت أكثر من 45 بالمئة من قيمتها هذا العام، وسجلت نحو نصف تلك الخسائر خلال الأسبوعين الماضيين.

وجاء ذلك بعد خطاب أردوغان، الذي قال فيه: إن بلاده تخوض "حرب الاستقلال الاقتصادية" ولن تخضع للضغوط من أجل تغيير هذا المسار، مضيفا: "نشهد التلاعب حول سعر الصرف وأسعار الفائدة وارتفاع الأسعار من قبل أولئك الذين يريدون إخراج بلادنا من المعادلة".

وفي أعقاب ذلك، كعادته حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلصاق الفشل بغيره، ولم يعترف بسياساته الخاطئة، لذلك أقال وزير المالية لطفي إيلفان وعين خلفا له نور الدين نباتي.

تبعية لأردوغان

وتم اختيار نباتي بسبب تبعيته لأردوغان حيث يعتبره أدلته الجديدة لفرض سياساته الفاشلة، حيث يتفق نباتي مع أردوغان في سياسته الخاصة بجدوى خفْض معدل الفائدة في تحفيز النمو الاقتصادي عبر زيادة الإنتاج والصادرات، وهي رؤية تُناقض نظريات السياسة النقدية التقليدية.

وسبق أن أشاد نباتي بسياسة أردوغان النقدية، قائلا: إن "تركيا كانت تنشد قبل سنوات تنفيذ سياسة خفض معدلات الفائدة لكنها كانت تواجه معارضة قوية".

البداية والنشأة

وُلد نور الدين نباتي بقضاء التابع لولاية شانلي أورفا، في 1 يناير 1961، حيث حصل على ليسانس إدارة الأعمال بكلية العلوم السياسية التابعة لجامعة إسطنبول، ثم الماجستير في العلاقات الدولية من معهد العلوم الاجتماعية التابع للجامعة نفسها، ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية والإدارة العامة من معهد العلوم الاجتماعية التابع لجامعة قوجه إيلي.

كما درس نباتي العلوم السياسية والحياة السياسية التركية، والدولة وعلم الاجتماع السياسي في جامعات مختلفة.

الوظائف والمسؤوليات

وخلال الأعوام الماضية، تولى نباتي منصب عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين "موصياد"، والمجلس التأديبي لغرفة تجارية إسطنبول. 

ويشغل حاليا نباتي عضوية المجلس الاستشاري الأعلى لموسياد، وعضوا في مؤسسة ورابطة خريجي كلية العلوم السياسية بجامعة إسطنبول.

تم انتخابه، في المؤتمر الاعتيادي الرابع لحزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد، عضوًا في لجنة اتخاذ القرار والإدارة للحزب، ثم عضواً بمجلسه التنفيذي، وتولى منصب رئيس لجنة الشؤون المالية والإدارية بالمقر العام للعدالة والتنمية، ثم نائب رئيس الحزب.

كما انتخب نائبا برلمانيا عن ولاية إسطنبول، وفي الدورة الخامسة والعشرين انتخب نائبا عن ولاية شانلي أورفا، حيث أصبح نائبا لوزير الخزانة والمالية قبل تعيينه بالمنصب. 

التصريحات الأولى

وبعد توليه المنصب الوزاري، قال نباتي في تصريحات خلال مراسم تسلم مهامه للمنصب، "إن الاستثمار سيكون على رأس أولوياتنا، وليس أسعار الفائدة المرتفعة".

وأضاف نباتي: "نحن نعمل على تطوير خطاب يشعر فيه العامل بنفسه على أنه الرئيس، فكما أن المداخيل الثابتة لم تكن مظلومة، كما أن المتقاعدين لم يضطهدوا، مشيرا إلى أنه "من الآن فصاعدا، ستكون هناك إدارة اقتصادية أكثر تصميما، كما  سيكون لدينا فهم للسياسة الاقتصادية ويكون فيها الناس أولوية، بغض النظر عن مناصبهم".