أسامة القصيبي: نخوض حرب ألغام في اليمن.. والحوثي يطوّر ألغامه بشكل يومي (حوار)

أكد أسامة القصيبي لـ العرب مباشر ان الجيش اليمني يخوض حرب ألغام والحوثي يطوّر ألغامه بشكل يومي

أسامة القصيبي: نخوض حرب ألغام في اليمن.. والحوثي يطوّر ألغامه بشكل يومي (حوار)
أسامة القصيبي

سنوات طوال عانى خلالها الشعب اليمني من "ألغام الحوثي"، الميليشيا المتطرفة عاقبت الرافضين لسيطرتها بإغراق أرضهم بقنابل الموت الخفي، وبمجرد شعور الميليشيا بهزيمة قواتها تلجأ للانسحاب بعد زراعة ألغامها في كل مكان، المهندس أسامة يوسف القصيبي، مدير عام مشروع لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، كشف عن أدوات ووسائل ميليشيا الحوثي الإرهابية في تفخيخ اليمن، وزراعة الألغام؛ ما أفقد الآلاف من المدنيين حياتهم، وذلك خلال حوار أجراه مع «العرب مباشر».

كيف استخدمت ميليشيا الحوثي تقنيات حديثة لزرع الألغام في اليمن؟

صناعة الألغام والعبوات الناسفة مثبتة ضد الحوثي وبكثير من التقارير الدولية تذكر ذلك، ولكن هناك صمت دولي وتجاهل من الإعلام الغربي تجاه إرهاب ألغام الحوثيين واستهدافه للمدنيين، وكذلك استهدافهم لنازعي الألغام في الداخل اليمني، حيث تشير التقديرات إلى أن ميليشيا الحوثي زرعت وبطريقة عشوائية في عدد من المناطق اليمنية تجاوزت المليون لغم مختلفة الأشكال والأحجام وبغياب تام للخرائط، وتسببت الألغام في حصد أرواح آلاف اليمنيين، وإصابة عشرات الآلاف بإصابات خطيرة وبتر للأعضاء، حيث كشف مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن في الرابع من أبريل الماضي عن أن 1800 مدني لقوا حتفهم أو أصيبوا من بينهم 689 امرأة وطفلا في عدد من محافظات اليمن خلال أربع سنوات.

هل نجح مشروع «مسام» في أن يكون حائط صد لألغام الحوثي؟

سنتحدث بالأرقام عن نجاح المشروع، ووفقاً لغرفة عمليات مشروع «مسام» فإن الفرق الهندسية تمكنت من تطهير 39,444,793 متراً مربعاً من الأراضي في اليمن كانت مفخخة بالألغام والذخائر غير المنفجرة، كما تمكنت الفرق الهندسية لمشروع «مسام» منذ بدأ المشروع في منتصف يونيو عام 2018 بنزع حتى اليوم  368,351 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، وقد بينت غرفة عمليات مشروع «مسام» أن فرق المشروع نزعت 222,041 ذخيرة غير متفجرة و7,536 عبوة ناسفة و133,094 لغماً مضاداً للدبابات و5,680  لغماً مضاداً للأفراد، وجميع تلك الألغام والعبوات الناسفة والقذائف تم نزعها من قِبل فرق مشروع «مسام» الهندسية منذ انطلاق المشروع  في 11 منطقة يمنية وهي: صنعاء، الجوف، شبوة، مأرب، الحديدة، تعز، عدن، البيضاء، صعدة، الضالع، لحج، وتتعامل فرق مشروع «مسام» مع الألغام الأرضية المتعارف عليها، والألغام المحلية التي تعمل الميليشيات على صناعتها في المعامل الخاصة بها، بأحجام وأشكال وأهداف مختلفة وتمثل 85% من إجمالي الألغام المنزوعة،  وتعتبر غالبية الألغام المحلية الصنع من أخطر الألغام كونها تستخدم كألغام فردية معدة للانفجار تحت أدنى ضغط.

ما أنواع الألغام التي تستخدمها ميليشيا الحوثي؟ وما أكثر الأنواع صعوبة؟

 تستخدم الميليشيا عدة أنواع منها الألغام الفردية التي يتم إشراكها بدوائر كهربائية ويتم زرعها على مداخل القرى والمناطق الآهلة بالسكان، وأيضاً الألغام الدواسة وهي ألغام أرضية مخصصة للعربات تم تحويلها من قِبل الميليشيات إلى ألغام فردية شديدة الخطورة، كما تتعامل فرق في مشروع «مسام» الهندسية مع العبوات الناسفة التي تم تطويرها وتمويهها من قِبل ميليشيا الحوثي على شكل أحجار وخرسانات حديدية وغيرها من الأشكال المألوفة والخادعة، ومن الغرائب أن الميليشيات حولت علب الفول إلى متفجرات تضع قطعا حديدية وكمية من البارود وحشوة متفجرة متصلة بكبسولة كهربائية تنفجر بمجرد الاقتراب منها، بالإضافة إلى تمويه العبوات الناسفة على شكل صخور مفخخة أو جذوع نخل متفجرة ووضعها في مزارع المواطنين، كما تعاملت فرق في مشروع «مسام»  مع عبوات ناسفة في إطارات السيارات وتمكنت من نزع كميات هائلة من الألغام المموهة والخطيرة شديدة الانفجار.

ومن ضمن الأشكال الخطيرة التي تستخدمها ميليشيات الحوثي في الآونة الأخيرة الألغام القفازة أو ما يعرف بالألغام الانشطارية وهي من الألغام المرتدة المضادة للأفراد، ففي محافظة شبوة وجدنا ألغاما نراها للمرة الأولى بحجم أكبر من أي ألغام وجدناها في اليمن من قبل، وكذلك فيما يتعلق بالعبوات الناسفة فالعدد المهوول الذي زرع في الأراضي اليمنية رقم لا يصدقه عقل، وجميعها كانت مصنعة بطريقة احترافية وبعضها تحتوي على أجهزة التحكم عن بُعد، وبمواد مستوردة وتكنولوجيا عالية في الصنع.

ما الصعوبات التي وجدها مشروع «مسام» في تطهير الألغام؟

منذ بداية العمل في مشروع «مسام» في 2018، تشهد الأراضي اليمنية تطورات وعقبات جديدة وحيلا حوثية في طريقة وأشكال الألغام، إلا أن مشروع «مسام» لا يدخر جهداً في مواكبة هذه التغيرات والتغلب على كل العقبات، ولقد واجهنا في مشروع «مسام» العديد من العقبات والتحديات في الداخل اليمني لتطهير الأراضي من الألغام والذخائر غير المنفجرة كغيرنا من الجهات المختصة في نفس المجال، فنحن اليوم لا نواجه عمليات نزع الألغام بالمعنى التقليدي، وإنما نواجه حرب ألغام وعبوات ناسفة نتعامل معها بتقنيات حديثة وبتدريب مستمر للفرق للتعامل مع الألغام المموهة والجديدة والمتطورة باستمرار والمزروعة عشوائياً على مساحات واسعة وبأعداد تصل إلى مئات الآلاف وفقاً للمعايير الدولية المتعلقة بنزع الألغام، فمثلاً الألغام التي زرعت في العام الماضي اختلفت اليوم وأصبحت أحدث وأكثر تطوراً وتعقيداً عن مثيلاتها في الأعوام الماضية، وكذلك واجهنا تحديات العشوائية في زراعة الألغام الأرضية مع غياب تام للخرائط للمناطق الملغومة، بالإضافة لتحويل كل ما لا يمكن توقعه إلى قنابل محلية الصنع وبطريقة معقدة ومختلفة، وأيضاً عدم القدرة للوصول لبعض المناطق بسبب استمرار العمليات العسكرية في هذه المناطق والتي بالتأكيد سوف نستجيب لها فور إيقاف هذه العمليات.

كيف تسببت زراعة ألغام الحوثي في أكبر كارثة إنسانية في اليمن؟

ميليشيا الحوثي قامت بزراعة الألغام والعبوات الناسفة بعشوائية على نطاق واسع في الأراضي اليمنية وبأعداد مهوولة وتقنيات حديثة إجرامية، وقيامها بهذا العمل اللاإنساني ليس لهدف عسكري، إنما هو بهدف إيقاع الأذى والقتل لأكبر عدد ممكن من الأشخاص المدنيين العزل والأبرياء من أطفال وشيوخ ونساء، وكذلك إفساد الأرض والممتلكات وقتل حتى الحيوانات.

وعلى سبيل المثال، هناك مناطق وقرى في بعض المحافظات محاطة بالألغام فأصبح سكانها محاصرين بها، ولا يستطيعون الخروج من قراهم، فهذا بحد ذاته ليس هدفا عسكريا وإنما إجرام في حق الإنسانية، واستخدام الميليشيات الحوثية للألغام المضادة للأفراد وكذلك العبوات الناسفة وتحويل الألغام المضادة للدبابات لألغام مضادة للأفراد باستخدام دواسات كهربائية أو وسائل أخرى تتنافى مع القانون الدولي الإنساني، وهو عمل إجرامي غير إنساني ينتهك فيه حياة وأمن المدنيين، حيث ترتقي جرائم الحوثي إلى جرائم حرب وينتظر اليمن -في ظل وجود الألغام- مستقبل مظلم وكارثي؛ فاليمن اليوم يُعد من أكثر دول العالم زراعة للألغام منذ الحرب العالمية الثانية، وبدون عمليات نزع الألغام لن يحدث استقرار ولن تكون هناك تنمية وستقيد حركة اليمنيين وتنقلاتهم وتضيق من معيشتهم وسيظل الدم اليمني ينزف بشكل يومي.

حدثنا عن مساهمات المملكة العربية السعودية في حل أزمة الألغام؟

المملكة لديها تاريخ حافل بالعطاء والجهود الإنسانية غير المسبوقة وحرصها الدائم في دعم الاستقرار والسلام للمنطقة عموماً وعلى مساعدة أشقائها في اليمن خصوصاً للتخلص من الدمار والإرهاب المتمثل في الألغام المزروعة والمنتشرة بشكل واسع في المناطق اليمنية، وجاءت فكرة مشروع «مسام» لمساعدة الشعب اليمني للتغلب على المآسي الناجمة عن انتشار الألغام والعبوات الناسفة في العديد من المحافظات اليمنية، وتمكينه من العيش بسلام، وانطلق مشروع «مسام» في منتصف يونيو من العام  2018 تحت مظلة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، لنزع الألغام في اليمن بخبرات سعودية وخبراء عالميين وكوادر يمنية دربت على إزالة الألغام بمختلف أشكالها وصورها التي زرعتها الميليشيات بشكل عشوائي في الأراضي اليمنية، ومع مرور أربع سنوات منذ انطلاق أعمال مشروع «مسام»، ساهم المشروع في حقن دماء مئات آلاف اليمنيين من خلال نزع أكثر من 360 ألف لغم وعبوة ناسفة وقذيفة غير متفجرة، في حصيلة تكشف مدى بشاعة الجرم الذي ترتكبه ميليشيا الحوثي بحق الأبرياء، وفي المقابل الإصرار السعودي الذي لا يلين على حماية المدنيين من خطر الألغام الأرضية.

وباشر «مسام» مهام عمله الإنساني في اليمن بتدريب وتأهيل 32 فريقاً هندسياً عبر خبراء دوليين وسعوديين. كما تم تزويد الفرق الهندسية بأحدث التقنيات في مجال كشف الألغام، بالإضافة إلى تزويدهم بالآليات والمعدات والدعم المالي واللوجيستي من خلال غرفة عمليات مشتركة لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام.

هل يتعرض مشروع «مسام» لضغوطات أو تهديدات من قِبل ميليشيا الحوثي؟

ميليشيات الحوثي تستهدف جميع نازعي الألغام لتطهير الأراضي اليمنية بأسلوب تطوير وتفخيخ الألغام التي تزرعها، كما أن حيل وأساليب الحوثيين في صناعة الألغام والعبوات في تطور مستمر ويعملون على تطوير ألغامهم وعبواتهم الناسفة وتزويدها بتقنيات جديدة تختلف من يوم إلى آخر، كل هذا يزيد من حجم التحديات التي يواجهها جميع العاملين في مجال نزع الألغام في الداخل اليمني والذي يُعد من أخطر الأعمال وأكثرها صعوبة وتعقيدا، وليس هناك أي تهديد مباشر أو ضغط على المشروع؛ فمشروع «مسام» في المقام الأول مشروع إنساني يهدف لتطهير وإزالة وتدمير الألغام والذخائر غير المنفجرة والعبوات الناسفة بمختلف أشكالها وصورها من الأراضي اليمنية والتي أودت بحياة الكثير من المدنيين العزل، للسيطرة على الكارثة الإنسانية والحيلولة لعدم استفحاله وتحولها لفاجعة غير مسبوقة في العالم.