خبراء فلسطينيون: سياسات إسرائيل التجويعية تهدف لكسر إرادة الشعب
خبراء فلسطينيون: سياسات إسرائيل التجويعية تهدف لكسر إرادة الشعب

تتفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بشكل غير مسبوق مع دخول الأزمة مرحلة المجاعة، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية وغياب أي بوادر لوقف التصعيد العسكري. تقارير المنظمات الدولية تُشير إلى أن آلاف العائلات الفلسطينية تُواجه نقصًا حادًا في الغذاء والمياه الصالحة للشرب، في ظل الحصار وإغلاق المعابر ومنع وصول الإمدادات الإنسانية بشكل كافٍ.
الأمم المتحدة حذرت من أن أكثر من نصف سكان القطاع باتوا على حافة المجاعة، وأن الأطفال تحديدًا يواجهون أعلى معدلات سوء تغذية حاد في المنطقة خلال العقود الأخيرة. وأكدت منظمات الإغاثة أن استمرار القصف وتدمير البنية التحتية فاقم من عجز المستشفيات والمراكز الصحية عن تقديم الخدمات الأساسية.
على الصعيد العربي، تُكثف القاهرة ومعها عواصم عربية أخرى جهودها الدبلوماسية لفتح ممرات إنسانية آمنة تسمح بدخول المساعدات بشكل عاجل. وأكد وزراء خارجية عرب في بيانات رسمية أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني يُعد جريمة حرب وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، مطالبين المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف الجرائم وحماية المدنيين.
دوليًا، ارتفعت وتيرة الضغوط على إسرائيل من عواصم أوروبية وأمريكية لاتخاذ خطوات ملموسة لوقف إطلاق النار والسماح بتدفق المساعدات. وفي الوقت نفسه، دعت منظمات حقوقية إلى إجراء تحقيقات دولية مستقلة في الانتهاكات الموثقة بحق المدنيين، معتبرة أن سياسات التجويع الجماعي تمثل أداة ضغط عسكرية وسياسية محرمة دوليًا.
وبينما تتواصل المفاوضات السياسية على أكثر من مسار، يبقى الواقع على الأرض مأساوياً، حيث يواصل المدنيون في غزة معركتهم اليومية للبقاء وسط قصف متواصل ونقص حاد في أبسط مقومات الحياة.
قال المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور سامي أبو يوسف: إن ما يجري في قطاع غزة من مجاعة متصاعدة جراء الحصار الإسرائيلي يدخل في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني ودفعه إلى الاستسلام عبر الضغط الإنساني.
وأوضح - لـ"العرب مباشر" - أن منع دخول الغذاء والدواء والوقود، على الرغم من التحذيرات الدولية المتكررة، يعكس إصرار إسرائيل على استخدام سلاح التجويع كأداة حرب، وهو ما يرقى إلى جريمة إبادة جماعية بطيئة بحق المدنيين.
وأشار أبو يوسف إلى أن التقارير الأممية تُؤكد أن أكثر من نصف سكان القطاع على حافة المجاعة، فيما يُعاني آلاف الأطفال من سوء تغذية حاد يهدد حياتهم بشكل مباشر. وأضاف أن استمرار القصف وتدمير البنية التحتية يُفاقم من الكارثة، حيث انهارت المستشفيات وأصبحت عاجزة عن تقديم الخدمات الأساسية.
وطالب المحلل الفلسطيني المجتمع الدولي بالتحرك العملي وليس الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة، مؤكدًا أن الوضع في غزة لا يحتمل مزيدًا من الانتظار، واعتبر أن الضغط على إسرائيل لوقف هذه السياسات هو واجب إنساني وقانوني وأخلاقي، لافتًا إلى أن ما يحدث يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن والاستقرار الإقليمي إذا استمرت سياسة العقاب الجماعي بحق المدنيين.
وأكد المحلل السياسي الفلسطيني هاني الكرد أن حجم المواقف العربية والدولية إزاء ما يجري في غزة لا يزال أقل بكثير من مستوى الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني تحت القصف والحصار. وقال إن قطاع غزة يشهد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث بات السكان يواجهون خطر المجاعة نتيجة منع وصول المساعدات الغذائية والدوائية، في وقت تستمر فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية بلا توقف.
وأوضح الكرد - في تصريح لـ"العرب مباشر" - أن البيانات والنداءات الصادرة من العواصم العربية والأوروبية لم تعد كافية أمام حجم المأساة، مشددًا على أن المطلوب هو ممارسة ضغوط حقيقية وفعالة على إسرائيل لوقف الحرب وفتح ممرات إنسانية دائمة تسمح بوصول الإمدادات. وأكد أن استخدام الغذاء كسلاح في الصراع يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني ويشكل جريمة حرب مكتملة الأركان.
ودعا الكرد إلى تحرك عربي موحد يتجاوز لغة البيانات إلى إجراءات عملية على الأرض، إلى جانب تحرك دولي عاجل لتأمين احتياجات السكان ومنع انهيار كامل للقطاع. وأضاف أن ترك غزة تواجه المجاعة وحدها يعد تقصيرًا تاريخيًا لن يغفره الشعب الفلسطيني للأطراف التي اكتفت بالمشاهدة دون تدخل فعال.