سموم في قلب الوطن.. كيف استغلت قطر الأحزاب الإخوانية بتونس لتحقيق أجندتها؟

تستغل قطر الأحزاب الإخوانية في تونس لتحقيق أجندتها

سموم في قلب الوطن.. كيف استغلت قطر الأحزاب الإخوانية بتونس لتحقيق أجندتها؟
ثورة الشعب التونسى

على مدى عدة أعوام، بثت قطر سمومها بين الشعب التونسي، من خلال أذرعها الإخوانية، لاستغلال الدولة العربية والسيطرة عليها من أعماقها، وزيادة سلطة الجماعة الإرهابية، لتحقيق أهدافهم بالمنطقة وتفتيتها، وضعف قوة تونس، لتنهار البلاد ويسقط شعبها صريعا لتلك السياسات، ليحاول الانتفاض على تلك الأهداف الإخوانية بعد أن خارت قواه وتفشت الأزمات به، وهو ما لاقى دعما ضخما من الرئيس قيس سعيد، عبر قراراته الأخيرة.

وكانت رئيسة الحزب الدستوري الحر في تونس، عبير موسى، كشفت عن وثائق تتضمن طرق  تمويل قطر لحركة النهضة في تونس، مؤكدة أن جمعية علماء المسلمين القطرية، التي يتزعمها القرضاوي هي المسؤولة عن تمرير هذه  التمويلات للنهضة بعد تسهيل الحركة في تونس إنشاء فرع للجمعية.

وأضافت موسى، في مؤتمر صحفي لها أن جمعية القرضاوي  تتغلغل في تونس، حيث وصفتها بـ"الجمعية الأجنبية مجرد واجهة لتمويل النهضة، وأنها ترسل الدوحة الأموال إلى تونس بزعم تمويل الجمعية ومن ثَم تصل إلى خزينة حركة النهضة". 

في نفس السياق طالب الحزب الدستوري التونسي بالتحقيق بشأن تمويل قطر  لحركة النهضة وقياداتها عبر الجمعيات الخيرية، ومحاولة نقل الشباب التونسي إلى بؤر التوتر.


تمويل أحزاب أخرى

أنفق النظام القطري مليارات الدولارات على حركة النهضة التونسية وأحزاب أخرى بهدف فرضها على الشعب التونسي لتوسيع قاعدة الإخوان والتأثير على الشعب، حيث ساهم في صعود النهضة بشكل رئيسي.

وتسللت قطر إلى تونس عبر النهضة الإخوانية، عقب ثورة 2011، وإسقاط نظام زين العابدين بن علي، ليستغل النظام موارد بلاده المالية ويغدق بالدعم السخي على الجمعيات الخيرية، التي اتخذها كغطاء للدخول إلى قلب تونس، ودعم الحركة، بجانب تدريب آلاف من الشباب التونسي للانضمام بالمنظمات المسلحة في سوريا وليبيا، خاصة من خلال ضخ أكثر من 24 مليون دينار من طرف جمعية قطر الخيرية المصنفة إرهابية في عدة دول.

كما تضخ الدوحة إلى تونس المليارات عبر صندوق الصداقة القطري والجمعيات الخيرية في تونس، حيث قدّرت تقارير دولية أن عدد التونسيين المنتمين للتنظيمات الإرهابية في سوريا، وصل إلى 8 آلاف تونسي حتى عام 2016، الذين انتقلوا عبر شبكات ضخمة إلى تركيا.

تمويل شخصيات حزبية 

وهو ما تبين في عدة وقائع ووثائق وزيارات متبادلة بين الطرفين، لعل أشهرها تصريحات السفير السوري يوسف الأحمد التي قال فيها: "إنه كان على موعد بلقاء أمير قطر حمد بن خليفة، وإذ براشد الغنوشي خارجًا من مكتب أمير قطر، وأن حمد أبلغه وقتها أنه كان يبحث مع الغنوشي طرق تمويل الحركة".

كما نشرت مسبقا "دويتشه فيله" الألمانية، بعد فوز النهضة في انتخابات المجلس التأسيسي عام 2011، اتهاما بتلقي حركة النهضة 150 مليون دولار من أمير دولة قطر حمد بن خليفة، لتمويل الحملة الانتخابية للحركة في تونس، بالإضافة لاعتراف مستشار رئاسة الجمهورية التونسية ووزير الخارجية السابق أحمد ونيس، جراء ذلك التمويل، حيث اعتبر وقتها أن الدوحة تحرج الحكومة التونسية.

في 2014، أصدرت دائرة المحاسبات حول الانتخابات البرلمانية التونسية تقريرا أكدت فيه تورط قطر في تمويل حركة النهضة الإخوانية، وذلك عبر وصول أموال ضخمة لها من الدوحة، تلقتها النهضة وأحزاب إسلامية أخرى وشخصيات عامة، لشراء الذمم وتوجيه الناخبين، ما يعد انتهاكا وفسادا صارخا يعاقب عليه قانونا.

 لذلك فإنه في 2019، نظم تونسيون احتجاجات واسعة أمام مقر حزب النهضة، رافعين عَلَمي تركيا وقطر، في إشارة إلى تورطهما مع الحركة، مطالبين بالكشف عن مصادر تمويلها وأوجه إنفاق تلك الأموال، وبالتزامن مع ذلك بدأ القضاء التونسي تحقيقات عن امتلاك النهضة لجهاز سري مواز مرتبط باغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.

وبعد تلك الدلائل على بث قطر لسمومها في تونس عبر النهضة، نشرت منظمة "من أجل انتخابات شفافة" التونسية، وثائق تفيد بأن حركة النهضة دفعت 30 مليون دولار لمنظمة "فارا قوف" الأميركية، ولتحسين صورتها في العالم وتقديم قياداتها للمشاركة في المحاضرات الأكاديمية والندوات السياسية، وذلك عبر التمويل القطري.

مكاسب الدوحة

وما زالت تحاول قطر التدخل في الشأن التونسي حتى الرمق الأخير، حفاظا على مصالحها الاقتصادية والسياسية داخل تونس.

ففي مطلع الشهر الجاري، مررت النهضة  مشروع اتفاقية بين تونس بإنشاء صندوق قطر للتنمية، الذي يمنح  قطر الحق في التعاقد واكتساب الأموال المنقولة وغير المنقولة والتصرف فيها ويمكن للصندوق المشاركة أو بعث شركات أو صناديق استثمارية تابعة له وفقا للتشريع التونسي وهو ما يعني تملك العقارات الفلاحية دون رخصة، وهو ما رفضته الكتلة الديمقراطية ونواب الدستوري الحر، كونه يمس بالسيادة الوطنية التونسية.

ووجهت المعارضة التونسية في البرلمان اتهامات قوية لحركة النهضة الإخوانية ومن يحالفها ببيع تونس إلى قطر، لاعتبارهم أن بعض بنودها يمس بشكل مباشر بسيادة تونس خاصة أن  صندوق التنمية القطري  يستطيع اتخاذ قرارات دون استشارة الحكومة التونسية، وتوظيف من يريد دون الرجوع للدولة التونسية، ومنح امتيازات عدة منها الإعفاء من الضرائب المباشرة وغير المباشرة، وحق إعادة التصدير لجميع المواد التي لم يقع استخدامها دون دفع أي رسوم أو أداءات، وفقا لصحيفة "الشروق" التونسية.

تستغل الدوحة تونس كبوابة لتمرير الأسلحة لميليشيات الإخوان في ليبيا التي تعمل لصالح حليفها أردوغان، كما أن تونس أصبحت  مركزا هاما لبقاء الجماعة بالمشهد السياسي بالمنطقة بعد فشلهم في مصر. 

وفي ظل ذلك، حذر رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس، شوقي الطبيب، من اندلاع "حرب بالوكالة" تقودها أحزاب تونسية نيابة عن قوى إقليمية، في إشارة منه إلى تمويل الدوحة وأنقرة للنهضة، مؤكدا أن الأوضاع الحالية لتمويل الأحزاب، غير شفافة وخطيرة، بسبب "التسيب والإفلات من العقاب، فضلا عن تراجع دور القضاء وتقصير هيئة الانتخابات في مراقبة تمويل الأحزاب".