اغتيال نصر الله وتصاعد التوترات مع إسرائيل.. كيف سيُعاد تشكيل التوازن السياسي والعسكري في لبنان؟
اغتيال نصر الله وتصاعد التوترات مع إسرائيل.. كيف سيُعاد تشكيل التوازن السياسي والعسكري في لبنان؟
شكّل مقتل زعيم حزب الله القوي، حسن نصر الله، قبل شهر نقطة تحول جوهرية للحركة اللبنانية المدعومة من إيران، وأعاد إحياء الدعوات لتسليم حزب الله ترسانته الضخمة من الأسلحة، في ظل تصاعد التوترات مع إسرائيل، حسبما نقل موقع "المونيتور" الأمريكي.
نهاية حقبة
وقال المحلل سام هيلر من مؤسسة "سينشري فاونديشن" الأمريكية إن "موت نصر الله يمثل نهاية حقبة"، مضيفًا أن وفاته بعد عقود من قيادة الحزب ستؤدي بالضرورة إلى تحول في مسار المنظمة.
وأفاد الموقع الأمريكي، بأن تأثير نصر الله امتد إلى ما هو أبعد من قاعدته الموالية من المسلمين الشيعة في لبنان، إذ كان ركيزة أساسية في "محور المقاومة" الذي تقوده إيران ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، ويشمل أيضًا جماعات مسلحة أخرى في الشرق الأوسط وسوريا.
ووجهت إسرائيل ضربة زلزالية لحزب الله عندما اغتالت نصر الله في 27 سبتمبر الماضي عبر غارة جوية ضخمة على الضاحية الجنوبية لبيروت، ما دفع الحركة إلى دخول مرحلة جديدة، وقد كانت المواجهات بين حزب الله وإسرائيل مستمرة منذ عام، إذ بدأت الحركة بدعم حليفها الفلسطيني حماس في أعقاب هجوم 7 أكتوبر 2023.
تصاعد التوترات
وأكد الموقع الأمريكي، أنه خلال الشهر الماضي، كثفت إسرائيل هجماتها على معاقل حزب الله وأرسلت قوات برية بينما استهدفت عددًا من قادة الحزب.
وكان نصر الله، الذي قاد الحزب منذ عام 1992، قد شكل رمزية قوية لدى أنصاره خلال الحرب الإسرائيلية اللبنانية في 2006، إذ كان "صاحب القرار الأول" حسب وصف هيلر في قيادة الحزب إلى بروز بارز في لبنان والمنطقة.
ولم تقم قيادة الحزب بعد بتعيين خليفة لنصر الله، وقد قتل المرشح البارز لخلافته، هاشم صفي الدين، على يد إسرائيل بعد أيام قليلة من مقتل نصر الله.
مرحلة جديدة
وأكد الموقع الأمريكي أن حزب الله يُدار حاليًا من قبل مجموعة من القادة، وفقًا لتصريح نائبه نعيم قاسم.
وأفادت تقارير إعلامية محلية بأن مسؤولين لبنانيين، بمن فيهم رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، أكدوا انقطاع الاتصال بالحزب منذ أسابيع.
ويقوم رئيس البرلمان نبيه بري، زعيم حركة أمل المتحالفة مع حزب الله، بدور المتحدث باسم الحزب وفقًا لكلام قاسم في تصريحاته الأخيرة، ويقال إنه يسعى لوقف إطلاق النار.
وربط حزب الله طويلًا وقف إطلاق النار في لبنان بانتهاء القتال في غزة، وهو موقف لم يتراجع عنه رسميًا حتى الآن.
وأشار الموقع إلى أنه رغم تعرضه لضغوط ميدانية، لا يزال مقاتلو الحزب يطلقون عشرات الصواريخ يوميًا على إسرائيل، وبعضها وصل إلى مدن كبرى كحيفا وتل أبيب.
كما أعلنت الحركة هذا الأسبوع عن هجوم بطائرة مسيرة استهدف منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بلدة قيسارية الساحلية.
فشل إسرائيلي
ويُؤكد حزب الله أن القوات الإسرائيلية لم تتمكن من السيطرة الكاملة على أي قرية في لبنان رغم مرور أسابيع على غزوها البري.
وأوضح مصدر مقرب من حزب الله أن "القوات الإسرائيلية التي تعمل في لبنان تُواجه مقاومة شديدة وتجبر على التراجع تحت ضربات عنيفة"، مشيرًا إلى أن "العمق الأقصى الذي وصل إليه الإسرائيليون يقدر بنحو كيلومترين".
وأضاف المصدر أن لحزب الله الأفضلية كونه يقاتل على أرضه، ويدرك "كل شجرة وصخرة يمكنه الاختباء خلفها".
دعوات لنزع السلاح
يُعتقد على نطاق واسع أن حزب الله أفضل تسليحًا من الجيش اللبناني الوطني، ويظل الجماعة الوحيدة التي لم تتخل عن أسلحتها بعد الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1975 و1990، وبعد سنوات من هيمنة الحزب على الحياة السياسية في لبنان، يُواجه الآن مطالبات جديدة من منتقديه داخل البلاد.
ويرى المهندس اللبناني إيلي جبر، أن السبيل الوحيد للمضي قدمًا هو نزع سلاح حزب الله، قائلًا: "لا يُمكن أن تنتهي الحرب قبل أن يتم نزع سلاح حزب الله".
وأضاف: "عندما يحدث ذلك، يمكنه الانضمام إلى مؤسسات الدولة كحزب سياسي فقط".
وربط وقف إطلاق النار في لبنان بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي أنهى آخر حرب بين إسرائيل وحزب الله عام 2006.
وينص القرار على أن الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام الأممية فقط يجب أن تنتشر في المناطق جنوب نهر الليطاني، وهي منطقة يعمل فيها حزب الله منذ سنوات.
وأكد رئيس الوزراء نجيب ميقاتي يوم الخميس أن الدولة فقط يجب أن تحمل السلاح. بينما قال سمير جعجع، زعيم حزب القوات اللبنانية والمعارض القديم لحزب الله، إن أي رئيس جديد يجب ألا "يترك أي مجموعة أو سلاح خارج إطار الدولة".
وأكد الموقع الأمريكي، أنه في بلد يُعاني منذ فترة طويلة من الانقسامات، حذر هيلر من أن محاولات "تهميش حزب الله سياسيًا ستدفعه للرد بعنف، هذه المحاولات ستنتهي بصراع داخلي لبناني".