تطور السيناريوهات بين واشنطن وتل أبيب: هل تنتهي الشراكة الإستراتيجية بعد حرب غزة؟

تطور السيناريوهات بين واشنطن وتل أبيب

تطور السيناريوهات بين واشنطن وتل أبيب: هل تنتهي الشراكة الإستراتيجية بعد حرب غزة؟
بايدن ونتانياهو

بعد الهجوم الصاروخي الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، اندلعت حرب ضروس بين الجانبين، استمرت لأسابيع، وخلفت آلاف الضحايا والدمار في قطاع غزة. وفي خطوة غير مسبوقة، أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن أمرًا تنفيذيًا يفرض عقوبات على بعض المستوطنين الإسرائيليين المتشددين في الضفة الغربية، متهمًا إياهم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الدولي. 

هذا القرار أثار غضب الحكومة الإسرائيلية، التي انتقدت بايدن بشدة، واتهمته بالتخلي عن حليفه التاريخي والاستراتيجي، وبتقديم الدعم لحماس، التي تعتبرها إسرائيل منظمة إرهابية.

وفي تصريح مثير للجدل، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير - في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية-، إن بايدن يهدر وقته وماله في إرسال المساعدات الإنسانية والوقود لغزة، بينما يجب أن يدعمنا بلا تحفظ في مواجهة الإرهاب. 

هذه التطورات تطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تعتبر من أقوى وأعمق التحالفات في العالم، وتشمل مجالات الأمن والدفاع والاقتصاد والسياسة والثقافة. فهل ستستمر هذه الشراكة بعد الحرب على غزة، أم ستتعرض للتوتر والخلاف، أم ستنهار وتتحول إلى الانفصال والتباعد؟ 

*سيناريوهات تطور العلاقات بين واشنطن وتل أبيب* 

للإجابة على هذا السؤال، يقول د. طارق فهمي استاذ العلوم السياسية: إن هنا ثلاثة سيناريوهات محتملة لما بعد الحرب، تعتمد على عوامل مختلفة، مثل موقف الرئيس الأمريكي والحكومة الإسرائيلية والمجتمع الدولي والشعبين الأمريكي والإسرائيلي والفلسطيني. 

وأضاف فهمي لـ"العرب مباشر"، أن العلاقات تشهد توترات لم تحدث من أكثر من 70 عامًا تفرض عددًا من السيناريوهات، أولها سيناريو يعتمد على أن تتجاوز الولايات المتحدة وإسرائيل الخلافات الحالية، وتعيد تأكيد التزامهما بالشراكة الاستراتيجية والتعاون الأمني والعسكري والاقتصادي والسياسي، وستحافظان على التنسيق والتشاور في مواجهة التحديات والتهديدات المشتركة في المنطقة، مثل إيران وحزب الله والإرهاب والتطرف. 

وأشار إلى أن هذا السيناريو يتطلب أيضًا أن تتخذ إسرائيل خطوات لتهدئة الوضع مع الفلسطينيين، وتوقف الاستيطان والاستيلاء على الأراضي، وتعبر عن استعدادها للعودة إلى طاولة المفاوضات بشروط مقبولة، وتقبل بحل الدولتين كأساس للسلام. 

يقول فهمي: إن السيناريو الثاني، يعتمد على أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستحافظان على التحالف الاستراتيجي، ولكن ستواجهان توتراً وخلافاً في بعض القضايا الحساسة، مثل الحرب على غزة والمسألة الفلسطينية والاتفاق النووي مع إيران والعلاقات مع الدول العربية والإسلامية. 

وتابع: وهذا السيناريو يتطلب أن تتبنى الولايات المتحدة موقفًا أكثر توازنًا وحيادًا في الصراع العربي - الإسرائيلي، وتضغط على إسرائيل لوقف العنف والاحتلال والاستيطان، وتدعم حقوق الفلسطينيين في الحرية والكرامة والدولة، وتشجع على استئناف المفاوضات السلامية برعاية دولية، وهذا السيناريو يؤدي إلى تقليل العزلة الدولية للولايات المتحدة، وتحسين صورتها ومصداقيتها في العالم العربي والإسلامي، وتعزيز فرص التعاون والتقارب مع هذه الدول في مجالات مختلفة، مثل مكافحة الإرهاب والتطرف والتنمية والتجارة والاستثمار.  

وأشار فهمي، إلى أن السيناريو الثالث يعتمد على أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستنفصلان وستتباعدان في السياسات والمصالح، وستختلفان في الرؤى والأهداف والأولويات، وستتصادمان في القضايا الإقليمية والدولية، وستنخفض مستويات التعاون والتنسيق والدعم بينهما. وهذا السيناريو يتطلب أن تتبنى الولايات المتحدة موقفًا أكثر نقدًا ومعارضة لإسرائيل، وتقلل من المساعدات العسكرية والاقتصادية والسياسية لها، وتدعم الحركات والقوى المناهضة للعنف والاحتلال والاستيطان، وتعمل على تشكيل تحالفات وشراكات جديدة مع الدول العربية والإسلامية والدول الكبرى الأخرى.