تأرجح الليرة نحو الهاوية بقوة.. وصحيفة أميركية: أردوغان حاكم مستبد لا يستمع لنصيحة أحد
تواصل الليرة التركية الانهيار بفضل سياسات أردوغان الفاشلة
أزمات طاحنة يواجهها الاقتصاد التركي، وانهيارات ضخمة تلقاها الليرة التي وصلت إلى الهاوية، بفضل قرارات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي ينفذ أهدافه دون الالتفاف إلى ذلك التدهور.
تجاهل أردوغان
وفي ظل تدهور الليرة بصورة كبيرة، أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مصمم على تنفيذ السياسات الاقتصادية غير التقليدية التي يساندها عدد قليل من مؤيديه، حيث يتوقع الرئيس أن تأتي ثمارها قبل الانتخابات المقرر إجراؤها عام 2023.
وترى الصحيفة الأميركية أن أردوغان تجاهل التحذيرات من مجموعات الأعمال والمستثمرين والاقتصاديين على الرغم من تراجع معدل شعبيته بين الأتراك والانخفاض القياسي لليرة التركية.
كما هاجم أردوغان "توسياد"، وهي أكبر جمعية رجال الأعمال والصناعيين الأتراك لمطالبته بإدارة الاقتصاد وفقا للقوانين الاقتصادية المعروفة عالميا.
وقال أردوغان في نهاية الأسبوع: إن حكومته ستمضي قدما في خفض أسعار الفائدة، متحججا بحرمة الربا في الإسلام، حيث زعم أن: "أسعار الفائدة تجعل الأغنياء أكثر ثراء، والفقراء أفقر.. لقد منعنا بلدنا من الانهيار بهذه الطريقة"، ما دفع الدولار إلى 17.48 ليرة صباح اليوم.
واتهم أردوغان رابطة رجال الأعمال والصناعيين الأتراك (TÜSİAD)، المكونة من أكبر الشركات في البلاد، بالسعي للإطاحة بحكومته.
لا يستمع للنصيحة
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن عاكف بيكي، المستشار السابق لأردوغان، تعليقه على إصرار أردوغان، بقوله: "إنه يعتقد أنه أعلم الناس.. لذا لا أعتقد أنه يستمع إلى النصيحة".
وأكد عاكف بيكي أن أردوغان يظن خطأ بأن سياساته ستنجح وأنه سيكون قادرًا على إقناع الناخبين بصحتها، مضيفا: "أنه يحاول إبقاء القارب طافيًا بطريقته الخاصة.. يعتقد أنه يستطيع تغيير الأمور ويمكنه إقناع الناس مرة أخرى في الوقت الذي يقترب فيه موعد الانتخابات".
من ناحيته، يرى أوزغور أونلوهيسار جيكلي، مدير مكتب أنقرة لصندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، أن أردوغان يظهر عليه بصمات وعلامات مستبد، بسبب قراراته المخالفة لكافة الاتجاهات المحلية والدولية.
وأشار أونلوهيسار جيكلي إلى أن الرئيس التركي: "لا يستمع إلى الاقتصاديين كما هو الحال بالنسبة للرجال الأقوياء.. هو بات أقل تسامحا بشكل متزايد مع المعارضة، ولاسيما من داخل الحزب".
انهيارات الليرة
وتراجعت الليرة التركية إلى مستويات منخفضة قياسية متتالية مقابل الدولار، وخسرت نحو ثلث قيمتها هذا الشهر وحده، بعد أن أمر أردوغان البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة على الرغم من تسارع التضخم.
وهبط سعر صرف الليرة التركية بتداولات الاثنين إلى مستويات متدنية جديدة، قبل إدلاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بكلمة تناول فيها الاقتصاد في بلاده، حيث بلغت الليرة 18.3674 مقابل الدولار الواحد.
وعقب كلمة أردوغان، شهدت الليرة تعافيا طفيفا، عقب مجموعة من القرارات للرئيس التركي لدعم الليرة، وقال أردوغان إن حكومته ستطلق أداة مالية جديدة تتيح تحقيق نفس مستوى الأرباح المحتملة للمدخرات بالعملات الأجنبية عبر إبقاء الأصول بالليرة.
وأضاف أردوغان: "سنوفر بديلا ماليا جديدا لمواطنينا الراغبين بتبديد مخاوفهم الناجمة عن ارتفاع أسعار الصرف"، مشيرا إلى أنه: "من الآن فصاعدا لن تبقى هناك حاجة لتحويل مواطنينا مدخراتهم من الليرة إلى العملات الأجنبية، خشية ارتفاع أسعار الصرف".
ولكن بعد ذلك، هبطت الليرة 7% بعد أن ارتفعت بما يصل إلى 20% أمام الدولار في وقت سابق اليوم الثلاثاء، ويتم تداولها حاليا عند 12.5 للدولار الواحد، ما جعلها العملة الأكثر تقلبًا في العالم.
وقرر البنك خفض سعر الفائدة بنسبة 1%، ليصل إلى 14%، في اجتماع عقدته لجنة السياسات النقدية في البنك، الخميس الماضي، رغم التحذيرات من آثار ذلك على سعر الليرة، وفور ذلك انخفض سعر الليرة إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، إذ بلغ 15.6 ليرة مقابل الدولار.
وعلى مدار الأشهر الثلاثة الماضية، خُفضت أسعار الفائدة لأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعتقد أن هذا سيحد من ارتفاع الأسعار، وتسببت هذه السياسة في أزمة عملة، وهو ما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم إلى أكثر من 21 في المئة.
وكان البنك قد خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 400 نقطة أساس إلى 15 في المئة منذ سبتمبر الماضي، بموجب خطة أردوغان لمنح الأولوية للصادرات والإقراض، على الرغم من أن الاقتصاديين والمشرعين المعارضين انتقدوا السياسة على نطاق واسع ووصفوها بأنها "متهورة".
مستقبل مظلم
وأبدى محللون استياءهم من قرارات الرئيس التركي التي أجرى بموجبها تعديلات في قيادة البنك المركزي هذا العام، وأقال إلى حد كبير صانعي السياسة التقليديين.
وفي ظل انهيار الليرة، يتوقع الاقتصاديون أن يرتفع التضخم إلى ما يقرب من 30 في المئة العام المقبل بسبب ارتفاع أسعار الواردات إلى حد كبير، وأن تعاني تركيا من مستقبل قاتم.
ويُعد الهبوط الحاد الذي تتعرض له الليرة التركية في الوقت الراهن من أكثر العوامل خطورة على الاقتصاد التركي بصفة عامة، وعلى بعض القطاعات على وجه التحديد، وفقا لموقع "بي بي سي" البريطاني.
وفقدت مؤخرا الليرة التركية حوالي 7% من قيمتها، لتكون 14.4 مقابل الدولار، مسجلة انخفاضا لمستويات قياسية، حيث أرجع خبراء أسواق المال ذلك التراجع إلى المخاوف المستمرة بشأن سياسة أردوغان الاقتصادية الجديدة "المجازفة" واحتمالات خفض أسعار الفائدة من جديد هذا الأسبوع، بينما تحاول الحكومة تهدئة مخاوف رجال الأعمال بعد انهيار العملة.