أزمة اللاجئين السوريين مستمرة.. ميقاتي يدعوهم للعودة إلى ديارهم بعد سقوط الأسد
أزمة اللاجئين السوريين مستمرة.. ميقاتي يدعوهم للعودة إلى ديارهم بعد سقوط الأسد
يشهد لبنان منذ أكثر من عقد تداعيات معقدة لاستضافته أكبر عدد من اللاجئين السوريين مقارنة بعدد سكانه.
تقدر السلطات اللبنانية أن عدد اللاجئين السوريين في البلاد يقترب من مليوني شخص، بينهم أكثر من 800 ألف مسجلين لدى الأمم المتحدة، مما جعل أزمة اللجوء السوري تحديًا وطنيًا في ظل انهيار اقتصادي غير مسبوق.
دعوات للعودة إلى سوريا
دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اللاجئين السوريين إلى العودة إلى بلادهم بعد انتهاء حكم الرئيس بشار الأسد، مؤكدًا أن استمرار وجودهم يشكل عبئًا كبيرًا على لبنان. جاء ذلك خلال مشاركته في ندوة سياسية بالعاصمة الإيطالية روما، نظمها حزب "فراتيلي ديتاليا" إخوة إيطاليا برئاسة جورجيا ميلوني.
وقال ميقاتي: "تداعيات الحرب السورية جعلت لبنان يتحمل أعباءً غير مسبوقة، حيث بات يحتضن أكبر عدد من اللاجئين مقارنة بعدد سكانه".
وأشار أن اللاجئين السوريين يمثلون نحو ثلث السكان، ما يضغط بشدة على موارد البلاد ويعمق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح ميقاتي، أن لبنان، الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 5.8 ملايين نسمة، يستضيف حاليًا قرابة مليوني لاجئ سوري، بينهم أكثر من 800 ألف مسجلون لدى الأمم المتحدة، وهو الرقم الأعلى عالميًا نسبة لعدد السكان.
وأضاف: أن هذا الوضع خلق تحديات كبيرة، منها المنافسة الشديدة على فرص العمل والخدمات العامة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد اللبناني من انهيار غير مسبوق.
وأشار ميقاتي، أن معظم السوريين فروا من بلادهم بعد اندلاع الحرب في عام 2011 إثر قمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة، داعيًا المجتمع الدولي، وخصوصًا الدول الأوروبية، إلى تكثيف جهودها لمساعدة السوريين على العودة إلى المناطق الآمنة داخل سوريا.
وأكد أن تحقيق هذه العودة يتطلب دعمًا دوليًا مباشرًا لجهود التعافي في سوريا، بما يسهم في توفير بيئة آمنة ومستقرة لعودة اللاجئين.
واختتم ميقاتي تصريحه بالتشديد على أن لبنان لا يمكنه تحمل هذه الأعباء بمفرده، داعيًا المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته تجاه الأزمة الإنسانية.
أزمات لاجئي سوريا في لبنان
يشكل اللاجئون السوريون في لبنان نحو ثلث سكان البلاد، وهو ما يضغط بشدة على البنية التحتية والموارد الاقتصادية المحدودة، يعاني اللاجئون، إلى جانب اللبنانيين، من نقص في الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والرعاية الصحية، وسط منافسة متزايدة على الوظائف في سوق عمل متأزم، كما يشكو اللاجئون من ظروف معيشية صعبة، إذ يعيش معظمهم في مخيمات غير رسمية تفتقر إلى المقومات الإنسانية الأساسية.
والحكومة اللبنانية من جهتها تؤكد أن الأزمة لا يمكن أن تُحلّ بجهود داخلية فقط، بل تتطلب دعمًا دوليًا، ورغم تعهدات المانحين، يبقى التمويل غير كافٍ لتلبية احتياجات اللاجئين والمجتمعات المستضيفة.
ويثير سقوط نظام بشار الأسد تساؤلات واسعة حول مصير اللاجئين السوريين في لبنان، يرى الخبراء أن السيناريوهات المستقبلية تتراوح بين عودة تدريجية إلى سوريا أو استمرار حالة اللجوء إذا لم تُضمن بيئة آمنة ومستقرة في المناطق المحررة.
ويشترط اللاجئون توفر ظروف معيشية وأمنية كريمة قبل العودة، وهو ما يتطلب التزامًا دوليًا بجهود إعادة الإعمار وتوفير الحماية القانونية، يمكن أن تلعب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي دورًا رئيسيًا في تأمين مناطق آمنة وضمان حقوق العائدين.
ويقول الباحث السياسي اللبناني طوني حبيب: إن ملف اللاجئين السوريين في لبنان يواجه تعقيدات سياسية واقتصادية كبيرة، مشيرًا أن سقوط نظام بشار الأسد قد يفتح الباب لعودة طوعية للبعض، لكنه لن يحل الأزمة بشكل كامل.
وأوضح حبيب - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن عودة اللاجئين تتطلب ضمانات دولية لتوفير بيئة آمنة ومستقرة في سوريا، حيث لن يعود اللاجئون إذا لم يشعروا بأن هناك فرصًا حقيقية للحياة الكريمة في وطنهم، وهو ما يستدعي تدخلًا دوليًا لتهيئة الظروف الأمنية والاقتصادية داخل سوريا، والدعوات اللبنانية لعودة اللاجئين ليست جديدة، لكنها اكتسبت زخمًا مؤخرًا بسبب الضغوط الاقتصادية على البلاد، حيث بات اللاجئون يشكلون عبئًا كبيرًا على الموارد المحدودة.
وتابع: هناك شعور متزايد بين اللبنانيين بأن المجتمع الدولي ترك لبنان وحيدًا في مواجهة هذه الأزمة، مما يعمق الاحتقان الداخلي.