هكذا قضوا علي ثروات البلاد.. ماذا فعل الإخوان في السودان؟
ارتكبت جماعة الإخوان في السودان علي مدار عقود جرائم أسفرت عن انهيار البلاد
بعد ثلاثة عقود من حكم الإخوان الذي بدأ بانقلاب في السودان عام 1989، تخلص أهل البلد على حكم الجماعة الإرهابية التي أتت على الأخضر واليابس في السودان وأهلكت اقتصاده وبنيته التحتية.
وكعادتهم، سارع الإخوان إلى احتكار الدولة بعدة طرق، واستهلاكها حتى أسقط السودانيون حكومتهم بانتفاضة شعبية في أبريل/نيسان.
تغيير العملة
وحتى يتمكن التنظيم من الالتفاف على البنك والعملة النقدية، بدأ الانقلاب أول قراراته الاقتصادية المؤثرة في العام 1991، حين قام بتغيير العملة في طبعة جديدة، من (الجنيه) إلى (الدينار).
واستهدف القرار جمع السيولة المتداولة خارج النظام المصرفي وإدخالها إلى المصارف.
وبتبديل العملة، تمكنت حكومة الانقلاب من الكتلة النقدية، وفي الوقت نفسه، تمكنت من محاربة الصفوة الاقتصادية القديمة الموجودة في البلاد سابقا، من أجل القضاء على غير الموالين بالمنافسة الاقتصادية، ما أدى إلى اختفاء أو تراجع أسماء اقتصادية لامعة، مثل الشيخ مصطفى الأمين وأبو العلا وقرنفلي.
أثرياء جدد
وأغلقت 4 آلاف مصنع في السودان خلال الثلاثين سنة الماضية لصالح سياسات حكومة البشير الاقتصادية وأفراد ينتمون إلى تنظيم الجبهة الإسلامية.
ولمعت أسماء لأثرياء جدد، مثل جمال الوالي وعبدالحليم المتعافي ومأمون حميدة، الأعضاء في حزب المؤتمر الوطني الذي كان يترأسه الرئيس المعزول عمر البشير، إلى جانب أشقائه علي وعبدالله، وزوجته الثانية وداد بابكر، المتهمة لدى الرأي العام بإدارة استثمارات ضخمة داخل وخارج البلاد.
شبهات الفساد
وكان تقرير أعده خبراء سودانيون في يونيو/ حزيران 2020، كشف عن امتلاك أعضاء في النظام السابق وحلفائهم أكثر من 100 كلية جامعية بالعاصمة الخرطوم، حصلت على تصريحات بالمزاولة رغم افتقارها للمواصفات، الأمر الذي يؤكد شبهة الفساد.
وبعد 30 عاما من الفساد، لم تعد النيابات العامة في السودان مؤهلة للتحقيق في جرائم الفساد المالي والإداري التي ارتكبت على مدى ثلاثين سنة.
100 ثري من أتباع البشير
كما كشفت التقارير الإعلامية عن أن الثراء الفاحش تركز أخيرا في نحو مئة شخصية كانت تلتف حول البشير عملوا جميعهم على نهب المال العام وانتهاك حقوق الإنسان.
شركات تجارية لتمويل الإخوان
وامتلك قادة الجبهة الإسلامية ما يقرب من 600 شركة تجارية في وقت وجيز بعد انقلابهم، عملت كلها في مجالات الاستيراد والتصدير والأراضي والطرق والجسور والمقاولات وتشييد السكن الفاخر والشقق السكنية.
وتشير الوقائع إلى أنه أثناء عملية تبديل العملة في 1991 قررت الحكومة الإخوانية الانقلابية تحميل كلفة التغيير لأولئك المواطنين الذين سعوا لتبديل عملتهم في المصارف، وقامت بخصم 2% من أرصدتهم، وحجز 20% من كل رصيد يزيد عن 100 ألف جنيه.
فتكونت من جراء ذلك نخبة اقتصادية غلب عليها الولاء السياسي، واستفادت من الإعفاءات الجمركية التي كانت تمنح لفئة سياسية معينة.
الترابي وبنك فيصل الإسلامي
وكانت صحيفة الميدان التابعة للحزب الشيوعي السوداني (الخصم اللدود للإخوان) كشفت في العام 1981 عن مساهمة حسن عبدالله دفع الله (الترابي) في بنك فيصل الإسلامي بـ300 ألف دولار عند تأسيسه في العام 1977، لافتة إلى أن هذا المبلغ لم يكن ليتناسب مع وضع الترابي الذي عرف وقتها بأنه سياسي ناهض وأستاذ للقانون في جامعة الخرطوم، ما يؤكد ضلوعه في عمليات الفساد.
وكشفت وثائق الفترة الانتقالية عن أن نحو 700 شركة تقع في وضع رمادي، وتجنب أموالها بعيدا عن الخزانة العامة.
وتعد تهمة البشير التي يقف بها أمام المحكمة هي نوع من تلك القضايا الخاصة بتجنيب وإدارة الأموال، حيث توجه له تهمة الآن بحيازة مبالغ قيمتها 6,9 مليون يورو، و351,770 دولارا، و5,7 مليون جنيه سوداني وجدت داخل منزله.
الاستيلاء على عائدات البترول
أما تقرير المراجع الصادر في العام 2004، قبل عام واحد من توقيع اتفاقية السلام الشامل مع الحركة الشعبية، فقد كشف عن جرائم الفساد واختلاس المال العام، شملت كل الجهاز الحكومي، عندما قفز الفساد من 4.4 مليار جنيه عام 2000 إلى 32.2 مليار جنيه في 2004.
ونجح نظام الجبهة الإسلامية بصورة كبيرة في إخفاء عائدات البترول الذي بدأ تصديره في أواخر التسعينيات من القرن الماضي.
وكشفت نتائج التحقيقات التي يجريها مع الآخرين عن وجود تزوير واسع النطاق في المنتج من البترول وأسعار البيع خلال العشرين سنة الماضية.
واكتشف أهل السودان أن الجزء الكبير من عائدات النفط ظل في بنوك خارج السودان بدواعي المقاطعة الأميركية لنظام عمر البشير.
وارتفع الفساد بنسب كبيرة في السودان منذ 2018، وهو ما أظهرته تقارير المراجع العام السنوية (جهة حكومية) المقدمة للبرلمان.
حينذاك، قال رئيس آلية الفساد وقتها، الطيب أبو قناية، لوسائل الإعلام: إن "أي عملية فساد بها عشرات المطبات"، مؤكدا "تعدي البعض على ممتلكات الدولة وتحويلها إلى ملكيتهم".
كما أظهر تقرير المراجع العام 2018، نسبة فساد تفوق 90%، تم الكشف عنها في وزارة المالية نفسها، لكن الجهات العدلية المختصة أو البرلمان لم تحقق في الاتهامات.
أشهر وقائع الفساد
وكان من أشهر الوقائع الخاصة بفساد الإخوان في السودان، هي استيلاء موظف صغير من مكتب عبدالرحمن الخضر على 17 مليون جنيه، أدين بواسطة لجنة تحقيق في التصرف في قطع أراضٍ، قبل أن يلقى الموظف حتفه في حادث سير.
وتسلط هذه الواقعة الضوء على أحجام مهولة من التجاوزات والتلاعب في الأراضي.