عثمان كافالا.. من هو رجل الأعمال التركي الذي تسبب في أزمة دبلوماسية كبيرة لأنقرة؟

أثار اعتقال المعارض التركي عثمان كافالا أزمة ضد أردوغان

عثمان كافالا.. من هو رجل الأعمال التركي الذي تسبب في أزمة دبلوماسية كبيرة لأنقرة؟
عثمان كافالا

أشعل الناشط السياسي ورجل الأعمال التركي عثمان كافالا، أزمة دبلوماسية واسعة، لم تقتصر على الخلافات الداخلية بأنقرة فقط، وإنما اتخذت طابعا دوليا أيضا.

أردوغان يوقف 10 سفراء

قبل يومين، أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم، أمرا لوزارة الخارجية باعتبار سفراء 10 دول، بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا "أشخاصاً غير مرغوب فيهم"، بسبب مطالبتهم بالإفراج عن رجل الأعمال، عثمان كافالا.

وقال أردوغان، أثناء زيارة لوسط تركيا، "أمرت وزير خارجيتنا بالتعامل في أسرع وقت مع إعلان هؤلاء السفراء العشرة أشخاصاً غير مرغوب فيهم"، دون أن يعلن موعدا محدداً لذلك.

بينما استدعت وزارة الخارجية التركية، السفراء الـ10 اليوم، بسبب ما زعمت بأنه "بيان غير مسؤول" يتضمن حلا عادلا وسريعا لقضية كافالا المسجون منذ نهاية عام 2017، جراء اتهامات بتمويل احتجاجات والمشاركة في انقلاب فاشل، وهو ما ينفيه كافالا.

وجاء ذلك بعد أن طالبت 10 دول غربية، هي "كندا وفرنسا وفنلندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلاندا والنرويج والسويد والولايات المتحدة"، في بيان صدر مساء الاثنين الماضي، بضرورة "تسوية عادلة وسريعة لقضية" عثمان كافالا رجل الأعمال والناشط التركي المسجون قيد المحاكمة منذ أربع سنوات.

بداية كافالا 

يبلغ عثمان كافالا، 64 عاما، حيث ولد في العاصمة الفرنسية باريس، ودرس في كلية روبرت الخاصة في إسطنبول التركية، ثم درس الاقتصاد في جامعة مانشستر البريطانية.

وبعد وفاة والده رجل الأعمال الكبير عام 1982، أصبح عثمان هو المسؤول الأول عن مجموعة شركات "كافالا"، وبعد عام، عمل أيضا في شركة النشر "إليتيسم يينلاري".

وبعد حوالي 10 أعوام، سلط جهوده على مشاريع خيرية من خلال "مؤسسة ثقافة الأناضول"، التي تدير مراكز ثقافية في المناطق غير المتطورة في تركيا، وتسعى لترسيخ حقوق الإنسان من خلال الفنون، وتعزيز التعاون الثقافي مع دول بالاتحاد الأوروبي، منها دولة أرمينيا.

كما أن رجل الأعمال المسجون، ذا الأصول اليونانية، كان مقربا من حزب "الشعب الجمهوري" ومن قادة حزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد.

اعتقال كافالا

بسبب مساعيه الإنسانية، شارك كافالا، في 2013، باحتجاجات ضخمة في "غيزي بارك"، مع مئات الآلاف الذين اعترضوا على خطط أردوغان لتطوير حديقة بوسط إسطنبول، وتحويلها لثكنة عسكرية، ليتم اعتقاله مع 8 آخرين بمزاعم تهمة محاولة الإطاحة بالحكومة.

وأثناء محاكمته، أكد رجل الأعمال التركي، أن "أحداث غيزي مثل الربيع العربي التي دعمها أردوغان فلماذا تعتبرون التظاهرات مؤامرة وانقلابا"، ليتم سجنه لاحقا، وبعد محاولة الانقلاب المزعومة أصدر بيانا اتهم فيه الرئيس التركي بالتعدي على الأحكام القضائية، ما تسبب في إعادة القبض عليه، بتهم تتعلق بمحاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.
 
وقضى كافالا في السجن أكثر من 4 أعوام قبل أن يتم تبرئته بعد تنديد دولي ضخم خاصة من فرنسا، ولكن أردوغان تدخل على الفور لمنع إطلاق سراح كافالا بمزاعم المشاركة بمحاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، رغم نفيه تلك التهم مرارا خلال جلسات محاكمته.

وتسبب اعتقال كافالا انتقادات دولية واسعة بصورة متكررة، حيث طالب مجلس القضاة والمدعين، العام الماضي، بضرورة التحقيق بحق القضاة الثلاثة الذين حاكموا  كافالا، وهو ما ندد به الاتحاد الأوروبي بشدة، مؤكدا أنه "قرار يقوض أكثر مصداقية القضاء في تركيا".

وفي فبراير 2020، تمت تبرئة كافالا من كل التهم الموجهة إليه بما في ذلك "محاولة تغيير نظام الحكم في تركيا عبر احتجاجات منتزه غيزي والتجسس لجهات خارجية"، ولكن تم احتجازه بمزاعم المشاركة في المحاولة الانقلابية الفاشلة منتصف يوليو 2016، وبوجود صلات بينه وبين فتح الله غولن.

والأسبوع الماضي، أصدر القضاء التركي مجددا قرار الإفراج عن كافالا، رجل الأعمال المعروف بأنشطته الخيرية والذي يحظى بشعبية كبيرة في أوساط المجتمع المدني، وهو ما تم عرقلته مجددا، وتستمر محاكمته في جلسة جديدة يوم 26 نوفمبر المقبل.

أردوغان وكافالا

استهدف أردوغان، كافالا في العديد من تصريحاته، لمهاجمته علنا، حيث قال في خطاب أمام نواب حزبه بأنقرة في فبراير 2020، إن احتجاجات "غيزي بارك" هي "عمل جبان ضد الدولة والأمة"، وقارنها بـ"الهجمات الإرهابية" والانقلاب الفاشل في 2016، واصفا كافالا بالملياردير الأميركي مجري الأصل جورج سوروس، العدو اللدود لعدد من قادة العالم الدكتاتوريين.

وتابع أردوغان: "أشخاص مثل سوروس ينشطون في الكواليس لزرع الفوضى من خلال إثارة ثورات في بعض الدول، وكانت أذرعهم في تركيا مسجونة، لكنها تجرأت على التبرئة من خلال اللجوء إلى مناورات، فلتطمئن أمتنا، سنتابع الملف عن كثب".

بينما سبق أن اعتبرت صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" الألمانية أن أردوغان يخاطر بعلاقاته بالاتحاد الأوروبي ويدخل في صراع خطير مع المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بسبب تعنته في قضية الناشط كافالا، لأنها تتحدى قراراتها وتبقيه مسجونا، خاصة بعد أن رفضت المحكمة الأوروبية استئناف أنقرة في قضية كافالا، ما يعني الإفراج الفوري عنه، بينما تتعنت السلطات التركية ضده، وتوجه له تهمها غير حقيقية، ما يعني أن تركيا تضرب بالتزاماتها تجاه النظام القانوني الأوروبي عرض الحائط.

واعتبرت الصحيفة الألمانية أن النظام التركي يضطهد كافالا لأسباب سياسية فقط، وهي كونه معارضا شرسا لأردوغان، ما يعني أن القضاء التركي مسيس وينتهك معايير التقاضي العالمية، ويصدر القرارات والأحكام بشكل تعسفي.

كما نددت منظمة العفو الدولية بوضع كافالا، ووجهت انتقادات لاذعة لتركيا، حيث اعتبرت أن محاكمته "هزلية" و"تتجاهل بشكل مروع إجراءات المحاكمات العادلة".