انهيارات غير مسبوقة لليرة وإقالة وزير المالية.. ماذا يحدث في تركيا؟
انهارت الليرة التركية بسبب سياسات أردوغان الفاشلة
شهدت الحالة الاقتصادية التركية انهيارا جديدا أثار قلقا واسعا بالبلاد، لتشهد الليرة انخفاضا غير مسبوق، وتتخذ الحكومة قرارات جديدة في محاولة لإنقاذ الأوضاع.
انهيار الليرة
انهارت الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 14 مقابل الدولار بعد أن أعاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دفاعه عن نموذج اقتصادي جديد يقوم على خفض أسعار الفائدة على الرغم من معدل للتضخم يقترب من 20 بالمئة.
وهوت الليرة إلى مستويات قياسية منخفضة، بعد أن تعهد أردوغان بالالتزام بسياسة خفض أسعار الفائدة، حيث فقدت أكثر من 45 بالمئة من قيمتها هذا العام، وسجلت نحو نصف تلك الخسائر خلال الأسبوعين الماضيين.
وجاء ذلك بعد خطاب أردوغان، الذي قال فيه: إن بلاده تخوض "حرب الاستقلال الاقتصادية" ولن تخضع للضغوط من أجل تغيير هذا المسار، مضيفا: "نشهد التلاعب حول سعر الصرف وأسعار الفائدة وارتفاع الأسعار من قبل أولئك الذين يريدون إخراج بلادنا من المعادلة".
ارتفاع معدلات التضخم
وتزامن ذلك مع بيانات أظهرت ارتفاع معدلات التضخم في تركيا في شهر نوفمبر الماضي إلى أعلى مستوى في 3 سنوات.
وأظهر موقع "بلومبيرغ" أنه تم تدوال العملة التركية، عند 13.8723 ليرة للدولار، بعد أن كانت قد أغلقت تعاملات أمس عند 13.4 ليرة، أما بيانات اليوم تضمنت أن التضخم في تركيا ارتفع بأكثر من المتوقع إلى 21.31% على أساس سنوي في نوفمبر الماضي، وهو أعلى مستوى له في ثلاث سنوات.
تحركات البنك المركزي
ومن ناحيته، أعلن البنك المركزي التركي تدخله المباشر في سوق الصرف، حيث أصدر بيانا أوضح فيه تدخل مباشر في سعر النقد الأجنبي، في محاولة السيطرة على تشكل أسعار صرف غير حقيقية، ولمنح المزيد من القوة لليرة أمام الدولار واليورو.
وأشار إلى أن البنك قام بضخ الدولار واليورو في الأسواق للسيطرة على ارتفاعهما المتواصل غير المسبوق.
فيما أعلنت الحكومة التركية عن رفع غيرِ مسبوق في الحد الأدنى لأجور الموظفين العموميين، بإطار تحركاتها لمواجهة أزمة تراجع قيمة الليرة، كما طالب مواطنون أتراك الحكومة باتخاذ مزيد من الخطوات لمساعدتهم على تخطي الأزمة.
إقالة وزير المالية
وفي أعقاب ذلك، كعادته حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلصاق الفشل بغيره، ولم يعترف بسياساته الخاطئة، لذلك أقال وزير المالية لطفي إيلفان وعين خلفا له نور الدين النبطي.
ويتفق النبطي مع أردوغان في سياسته الخاصة بجدوى خفْض معدل الفائدة في تحفيز النمو الاقتصادي عبر زيادة الإنتاج والصادرات، وهي رؤية تُناقض نظريات السياسة النقدية التقليدية.
وسبق أن أشاد النبطي بسياسة أردوغان النقدية، قائلا: إن "تركيا كانت تنشد قبل سنوات تنفيذ سياسة خفض معدلات الفائدة لكنها كانت تواجه معارضة قوية".
كما قرر أردوغان فتح تحقيق في تلاعب محتمل في العملة، حيث كلف مجلس الرقابة الحكومي، وهو جهاز تدقيق يرفع تقاريره للرئاسة، بتحديد المؤسسات التي اشترت كميات كبيرة من العملات الأجنبية وتحديد ما إذا كان قد حدث أي تلاعب.
تصريحات أردوغان
وقال إردوغان، خلال مقابلة تلفزيونية كانت السبب وراء تلك الأزمة، قبل يومين: "إننا نواجه مضاربات بأسعار الصرف والفائدة، ونحن فقط من يمكنه التصدي لذلك، وكلما همت تركيا للخروج من نظام الفائدة المرتفعة تواجه ضغوطا بمثل هذه المضاربات والتلاعبات".
وزعم أن خفض أسعار الفائدة، هو الذي يجعل الثري أكثر ثراء، والفقير أكثر فقرا، قائلا: "لقد منعنا بلادنا من الانزلاق في مأزق بهذه الطريقة، ولن نسمح بذلك... نحن هنا نواجه مضاربات في أسعار الصرف، ومن ثَم لا أحد غيرنا سيتصدى لذلك".
وتابع: "هناك صناديق مالية عالمية قصيرة الأجل تدخل البلاد لتحقيق أرباح عالية من الفوائد، هذه الأموال الساخنة يمكن أن تخفض سعر الصرف مؤقتاً، ولكنه ليس وضعا مثاليا".
وأردف أردوغان أن: "هكذا وقعنا في دوامة أسعار الصرف والفائدة والتضخم، لكننا لن نستمر في ذلك، ولن نسمح لهم بإعاقة الاستثمار والإنتاج، ولن نسمح لهم بزعزعة استقرار النمو وسنخرج من هذه الدوامة، أن تركيا تغيرت ولم تعد تركيا القديمة، ولن تذعن للتهديدات الاقتصادية التي تتم من خلال الأسواق المالية، فاقتصادنا الحقيقي لديه القوة والقدرة على إبطال هذه التهديدات تماما".